أحداث متسارعة ترهق اقتصاد تركيا.. الحجر على شركة “إمام أوغلو” والليرة “في وجه المدفع”

في تصاعد للأزمة السياسية والاقتصادية في تركيا، تحفّظت السلطات التركية على شركة البناء المملوكة بشكل مشترك لرئيس بلدية إسطنبول المعتقل “أكرم إمام أوغلو” الذي يُعد زعيم المعارضين وأبرز منافسي الرئيس التركي “أردوغان” المحتملين في انتخابات الرئاسة عام 2028.
ويوم الأربعاء، 19 مارس، اعتقلت السلطات التركية إمام أوغلو، بتهم تشمل الفساد، في إجراء انتقده بشدة حزب المعارضة الرئيسي، واعتبر ذلك “محاولة انقلاب على الرئيس المقبل” حد تعبيره.
وحسب اطلاع بقش، تم التحفظ على شركة (إمام أوغلو للإنشاءات والتجارة والصناعة)، بناءً على قرار محكمة، استناداً إلى تقارير تحقيقات في جرائم مالية منسوبة له.
ويأتي هذا الحجر بعد أن تهاوت الليرة التركية بأكثر من 14% من قيمتها، وبلغت أكثر من 42 ليرة للدولار الواحد وفق متابعات بقش، وسط موجة بيع كبيرة ضربت الأسواق المالية التركية. ورغم محاولات البنوك المحلية التدخل لدعم الليرة بشكل جزئي، فإنها لا تزال عند أدنى مستوياتها التاريخية، وتبلغ حالياً قرابة 38 ليرة للدولار.
وأدت موجة البيع إلى تدخل البنوك التركية، إذ قامت المؤسسات المالية ببيع نحو 8 مليارات دولار في محاولة لوقف التدهور الحاد، لكن التدخل لم يكن كافياً لاحتواء الأزمة الضخمة، ما أدى إلى استمرار تراجع الليرة نتيجة للمخاوف المتزايدة بشأن الاستقرار السياسي والاقتصادي.
قرار مفاجئ.. رفع سعر الفائدة وتوتر عاصف
وسط أزمة اعتقال “إمام أوغلو”، رفع البنك المركزي التركي سعر الإقراض بمقدار 150 نقطة أساس إلى 46% في اجتماع مفاجئ، في خطوةٍ تعبّر عن دعم السياسة النقدية المشددة، وسط تقييم التطورات الأخيرة في الأسواق على توقعات التضخم.
وتم الإبقاء على سعر السياسة الرئيسي، وهو سعر المزاد لإعادة الشراء لأسبوع واحد، دون تغيير عند 42.5%، وبقي سعر الفائدة الليلي على الاقتراض من البنك المركزي ثابتًا عند 41%.
وإلى جانب رفع أسعار الفائدة، أعلن البنك المركزي التركي عن اتخاذ تدابير للحد من التقلبات في سيولة الليرة التركية والعملات الأجنبية حسب اطلاع بقش، ورغم عدم الإفصاح عن تفاصيل هذه الإجراءات، تم التأكيد على أنه يمكن اتخاذ تدابير إضافية عند الضرورة.
لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي التركي أكدت أنه سيتم تشديد موقف السياسة النقدية بشكل أكبر إذا جرى توقُّع تدهور كبير ودائم في توقعات التضخم، كما تم التأكيد على استمرار اتخاذ قرارات السياسة النقدية ضمن إطار يعتمد على البيانات.
خبراء الاقتصاد من جهتهم يرون أن رفع سعر الفائدة الليلي للإقراض يأتي كمحاولة للحد من التقلبات الأخيرة.
وكان رد الفعل الأولي في الأسواق -بعد زيادة أسعار الفائدة- محدوداً، لكن على الأرجح سيستمر المستثمرون في مراقبة التأثيرات على التضخم وأسعار الصرف خلال الفترة القادمة.
هذا ويُنظر إلى اعتقال “إمام أوغلو” بكثير من المخاوف وسط إضعاف المؤسسات وسيادة القانون المحتمل في تركيا، وقد تأخذ المخاوف السياسية الأولوية على المخاوف الاقتصادية في عملية صنع القرار للرئيس “أردوغان” الذي يراه الاقتصاديون والمستثمرون يريد إحكام قبضته على البلاد وزيادة سيطرته من خلال إزاحة معارضيه، مما يوفّر مناخاً متوتراً غير قابل للتنبؤ بشكل إيجابي.