الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

أمريكا تعترض ثالث ناقلة نفطية فنزويلية.. تصعيد نفطي وجيوسياسي يهدد الاستقرار العالمي

الاقتصاد العالمي | بقش

في تصعيد غير مسبوق خلال أسبوع واحد فقط، اعترضت الولايات المتحدة الأمريكية ثالث ناقلة نفطية فنزويلية قرب المياه الدولية، بمبرر أنها خاضعة للعقوبات الأمريكية، في خطوة تُعد جزءاً من حملة الضغط الشاملة التي يشنها الرئيس دونالد ترامب على سلطة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

عمليات الاعتراض والمصادرة الأخيرة للسفن النفطية الفنزويلية، التي جرت في الفترة بين 14 و21 ديسمبر 2025 وفق متابعات “بقش”، جاءت بعد إعلان ترامب فرض حصار كامل على جميع ناقلات النفط الفنزويلية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تصعيد لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع النفطي في المنطقة.

وتبرر واشنطن عمليات الاعتراض بأنها تهدف إلى منع استخدام النفط الفنزويلي في تمويل الإرهاب والمخدرات، فيما تصف حكومة مادورو هذه الخطوات بأنها “قرصنة دولية” وتهدد بإحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمات متعددة الأطراف.

وتصريحات البيت الأبيض، مثل ما صرح به المستشار الاقتصادي كيفن هاسيت، تشير إلى أن الناقلات المصادرة كانت تعمل ضمن “السوق السوداء” وتقدم النفط لدول خاضعة للعقوبات، لكن هذه التبريرات لم تمنع خبراء النفط من التحذير من انعكاسات هذه الإجراءات على الاستقرار في سوق الطاقة العالمي.

ولم يُخفِ ترامب إمكانية تصعيد الأزمة، حيث صرّح بأنه “لا يستبعد الحرب على فنزويلا”، مما فتح الباب أمام فرضية أن الصراع النفطي قد يتحول إلى مواجهة عسكرية مباشرة، خصوصاً مع تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة وتنفيذ أكثر من 20 هجوماً على سفن في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، ما أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل خلال الأسبوعين الماضيين.

انعكاسات على سوق النفط العالمي

تأثير الحصار الأمريكي على صادرات النفط الفنزويلية كان حاداً وواضحاً منذ بداية عمليات المصادرة.

ملايين البراميل من النفط الخام بقيت متكدسة على متن ناقلات قبالة سواحل آسيا، ما أدى إلى اضطراب كبير في خطوط التوريد التقليدية.

وقال تاجر نفط لوكالة “رويترز” إن عمليات المصادرة الأمريكية تزيد من وتيرة المخاطر الجيوسياسية، وإنها ربما تدفع الأسعار إلى الارتفاع عند استئناف التداول في #آسيا، يوم غد الإثنين، مشيراً إلى أن التوقعات بانتهاء الحرب في أوكرانيا ربما تساعد في الحد من ارتفاع السعر.

وفي حال استمر الحظر لفترة أطول، من المتوقع أن يؤدي فقدان ما يقارب مليون برميل يومياً من الإمدادات إلى ارتفاع أسعار الخام بشكل ملحوظ على الأسواق العالمية، خصوصاً في أوروبا وآسيا وفق قراءة بقش.

ومنذ فرض الولايات المتحدة عقوبات على قطاع الطاقة الفنزويلي في عام 2019، لجأ التجار ومصافي النفط إلى استخدام ما يعرف بـ”أسطول الظل” من الناقلات التي تخفي مواقعها لتفادي العقوبات، إضافة إلى سفن خاضعة لعقوبات أميركية لنقل النفط الإيراني والروسي.

وتزيد هذه الممارسات، رغم أنها وسيلة لتجاوز العقوبات، من المخاطر الجيوسياسية وتضع الشركات والمستثمرين أمام معضلة قانونية وأمنية في آن واحد.

الجانب العسكري والسياسي

الحملة الأمريكية لم تقتصر على العقوبات الاقتصادية والمصادرات البحرية، بل تضمنت أيضاً وجوداً عسكرياً مكثفاً في المنطقة.

السفن الحربية وخفر السواحل الأمريكي نفذوا عمليات لاعتراض ناقلات النفط قبالة سواحل فنزويلا، ما أثار توترات مع حكومة مادورو التي اعتبرت هذه العمليات “اختطافاً قسرياً للطاقم”، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل.

ويشير تحليل خبراء الاستراتيجيات البحرية إلى أن العمليات الأمريكية، رغم محدوديتها عددياً، تعكس استراتيجية متدرجة للضغط على فنزويلا لإخضاعها سياسياً واقتصادياً، وهو ما قد يدفع المنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار إذا استمرت هذه الممارسات.

ويعكس الوضع الراهن إجمالاً أنّ المنطقة أمام سيناريو المواجهة المفتوحة، مع انعكاسات مباشرة على الاستقرار السياسي في الكاريبي وأمريكا الجنوبية.

هذا وباتت الأزمة اختباراً لاستقرار سوق الطاقة العالمي، وللدور الأمريكي في المنطقة، ولقدرة المنظمات الدولية على ضبط النزاعات البحرية والسياسية. المصادرة المتكررة للناقلات، وتصريحات ترامب الصريحة حول عدم استبعاد الحرب، تجعل المنطقة أمام مرحلة جديدة من المخاطر المركبة الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى