مقالات
أخر الأخبار

البنوك المركزية في مواجهة ضغوط ترامب: أسبوع حاسم في تحديد السياسات النقدية

🖋 أحمد الحمادي

تستعد البنوك المركزية الكبرى حول العالم لأسبوع حافل بالقرارات الحاسمة بشأن أسعار الفائدة، وسط تصاعد الضغوط الناتجة عن السياسات التجارية للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”.

ويعد هذا الأسبوع أول اختبار جماعي لهذه المؤسسات المالية بعد فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الصلب والألمنيوم، في خطوة أثارت توترات مع شركاء تجاريين رئيسيين مثل كندا والصين والاتحاد الأوروبي.

يواجه صانعو القرار في البنوك المركزية تحدياً مزدوجاً يتمثل في تقييم تأثير هذه السياسات التجارية على كل من النمو الاقتصادي والتضخم. فبينما يسود القلق من احتمال تباطؤ النمو العالمي نتيجة العوائق التجارية، هناك أيضاً مخاوف من ارتفاع التضخم بسبب زيادة تكاليف الواردات.

وتشير التوقعات إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنوك مركزية أخرى في اليابان والمملكة المتحدة والسويد، قد تتجه إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي الراهنة.

في المقابل، قد تلجأ بعض الدول الناشئة، مثل البرازيل، إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة المخاطر التضخمية. إذ من المتوقع أن يرفع البنك المركزي البرازيلي تكاليف الاقتراض مرة أخرى لمكافحة ارتفاع الأسعار.

تأثير الضغوط الاقتصادية على قرارات الاحتياطي الفيدرالي

رغم التراجع الأخير في ثقة المستثمرين في وول ستريت والمخاوف من ركود اقتصادي محتمل، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يبدو متعجلاً لتقديم المزيد من التيسير النقدي في الوقت الحالي.

فرئيس البنك، “جيروم باول”، أكد مؤخراً أن أي قرار بخفض أسعار الفائدة يجب أن يكون مدروساً، مع الأخذ في الاعتبار مؤشرات التضخم التي لا تزال مرتفعة.

يتوقع خبراء الاقتصاد أن يلجأ الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، بدءاً من سبتمبر، وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة “بلومبرغ”. لكن حتى ذلك الحين، يبقى البنك المركزي في وضع الانتظار والترقب، مع التركيز على تقييم مدى تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي والأسواق المالية.

أوروبا وآسيا: استراتيجيات متباينة في مواجهة التحديات

في أوروبا، تترقب الأسواق قرارات بنك إنجلترا، حيث يُرجح أن يُبقي المسؤولون على أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.5%، وسط مخاوف من تداعيات التوترات الجيوسياسية وضغوط الأسعار. وفي الوقت ذاته، من المتوقع أن يتجه البنك الوطني السويسري إلى خفض الفائدة بواقع 0.25% لحماية الاقتصاد من تأثيرات التباطؤ العالمي.

أما في آسيا، فيبدو أن بنك اليابان سيواصل سياسته النقدية الحذرة، حيث من المرجح أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير، مع مراقبة تداعيات ضعف الين وارتفاع معدلات التضخم. وعلى النقيض، قد يتجه البنك المركزي الإندونيسي إلى تعليق دورة التيسير النقدي، في محاولة لاحتواء تخارج رؤوس الأموال.

إلى ذلك تشهد الأسواق الناشئة أيضاً تطورات هامة على صعيد السياسة النقدية. ففي جنوب أفريقيا، قد يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة عند 7.5%، بينما تترقب الأسواق قرار بنك روسيا يوم الجمعة، حيث يواجه صناع القرار معضلة الحفاظ على استقرار الروبل في ظل معدل تضخم تجاوز 10%.

أما في أميركا اللاتينية، فمن المتوقع أن يرفع البنك المركزي البرازيلي أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، بينما يستعد البنك المركزي الأرجنتيني لاتخاذ قرار جديد بشأن الفائدة، في ظل سياسات الرئيس “خافيير ميلي” الرامية لكبح التضخم.

أبعاد جديدة لأزمة السياسات النقدية العالمية

مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، تتزايد التحديات أمام البنوك المركزية التي تحاول الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي وكبح التضخم.

وقد أثرت هذه السياسات بالفعل على تدفقات رأس المال، حيث تشهد بعض الأسواق الناشئة هروباً للاستثمارات نحو الملاذات الآمنة، مما يفرض عليها اتخاذ تدابير أكثر صرامة للحفاظ على الاستقرار المالي.

ومن المتوقع أن تؤدي التحركات الأخيرة في أسعار الفائدة إلى إعادة تشكيل تدفقات رؤوس الأموال العالمية، حيث تسعى الاقتصادات الناشئة إلى حماية عملاتها من التقلبات الحادة. وتشير التقديرات إلى أن عدداً من هذه الدول، مثل تركيا والمكسيك، قد تضطر إلى تبني استراتيجيات أكثر تشدداً في سياساتها النقدية لمواجهة التداعيات المحتملة لتغير السياسات في الاقتصادات المتقدمة.

تأثير طويل الأمد على الأسواق العالمية

مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن توجهات السياسة النقدية العالمية، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الأسواق على استيعاب هذه التغييرات دون حدوث اضطرابات كبيرة.

فمن المحتمل أن تؤدي القرارات المقبلة إلى تقلبات كبيرة في أسواق السندات والعملات، ما قد ينعكس على ثقة المستثمرين وأداء الاقتصادات الكبرى خلال الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى