“الشحن الأوروبي يتدفق بحرية في البحر الأحمر”.. أوروبا تفضّل الصمت تجاه “الكراهية الأمريكية” لها

حتى الآن التزم الاتحاد الأوروبي الصمت وعدم الرد على تعليقات كبار المسؤولين الأمريكيين في رسائل المحادثة الجماعية التي كشف عنها رئيس تحرير مجلة “أتلانتيك” الأمريكية “جيفري غولدبرغ” الذي قال إنه تمت إضافته “بالخطأ” إلى مجموعة المسؤولين في تطبيق “سيجنال”.
ففي مجموعة المحادثة السرية للغاية بشأن التخطيط لضرب اليمن، قال نائب الرئيس الأمريكي ترامب “جيه دي فانس”: “أكره إنقاذ أوروبا مرة أخرى”، مشككاً في ضرورة شن ضربات على اليمن لأنها “ستفيد أوروبا أكثر من الولايات المتحدة”، فضلاً عن أن السفن الأوروبية تتدفق “بحرية” في البحر الأحمر.
وبينما يرفض “فانس” استغلال الولايات المتحدة “دون مقابل”، رأى وزير الدفاع الأمريكي “بيت هيغسيث” أنّ من الضروري تدخل الولايات المتحدة لإنهاء أزمة البحر الأحمر “لكونها الوحيدة القادرة على فعل ذلك”.
كما أن مسؤولاً أمريكياً -في المحادثات- يحمل الاسم “S.M” (ويُعتقد أنه نائب رئيس موظفي البيت الأبيض “ستيفن ميلر”)، قال إن واشنطن ستوضح لـ”مصر وأوروبا” أنه يجب أن يكون هناك بعض المكاسب الاقتصادية لأمريكا مقابل استعادتها حرية الملاحة بتكلفة باهظة، في إشارة إلى ما يشبه الابتزاز الأمريكي بشأن هذا الملف.
سفن أوروبا تتدفق في البحر الأحمر
مجلس الأمن القومي الأمريكي أكد على أن الشحن الأوروبي يتدفق بحرية في المنطقة البحرية. ويأتي ذلك رغم إنفاق الاتحاد الأوروبي (ضمن مهمة أسبيدس البحرية الأوروبية) ملايين اليورو في العام 2024 لحماية السفن التجارية الأوروبية.
وقد شاركت 21 دولة من الاتحاد الأوروبي على مدى الأشهر الـ13 الماضية في عملية “أسبيدس” في البحر الأحمر، بتكلفة مشتركة بلغت 8 ملايين يورو وفق متابعات بقش، مع قيام الحكومات المشاركة بدفع فاتورة أصولها الخاصة وموظفيها المنتشرين في المنطقة.
وتم تمديد المهمة الأوروبية لمدة عام آخر مع توقعات بارتفاع تكلفة هياكل القيادة المشتركة إلى 17 مليون يورو حسب اطلاع بقش، بما في ذلك مقرات العمليات ومقر القوة وأنظمة القيادة والتحكم.
أوروبا متهمة بـ”الحماية المجانية” والركوب على “القوة الأمريكية”
تصريحات نائب ترامب “جيه دي فانس” حول كراهيته لإنقاذ أوروبا مرة أخرى، وكذلك نظرة واشنطن بأن أوروبا “محميّة مجاناً”، لم يعلق عليها أي مسؤول أوروبي رفيع حسب متابعات بقش، وقد رفضت العديد من دول الاتحاد الأوروبي التعليق على تساؤل قناة “يورونيوز” على هذه المحادثات المسربة ومحتواها.
إميلي تاسيناتو ، الزميلة الأوروبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) -وهو مركز أبحاث مقره بروكسل- قالت إن “حقيقة أن إدارة ترامب أشارت إلى أوروبا بأنها (محمية مجانية) ليست مفاجئة نظراً لأن ترامب اتهم مراراً وتكراراً الشركاء الأوروبيين بالركوب الحر على القوة العسكرية الأمريكية”.
فمثلاً، كان ترامب دعا حلفاء الناتو الأوروبيين إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي بشكل كبير، ما يعني أن واشنطن قد ترفض مساعدة حليف يتعرض للهجوم إذا لم ينفق هذا الحليف ما يكفي على الدفاع.
واعتبرت تاسيناتو أن مهمة “أسبيدس” الأوروبية لعبت حتى الآن دوراً في ضمان المرور الآمن للسفن واعتراض هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة والصاروخية، مع تأثير “إيجابي إلى حد ما” على حرية الملاحة البحرية في المنطقة.
هذا وتقول مهمة “أسبيدس” الأوروبية، التي لديها ما معدله ثلاث فرقاطات منتشرة، إنها اعترضت أربعة صواريخ باليستية مضادة للسفن و18 طائرة مسيرة وطائرتين بحريتين، وقدمت الدعم لأكثر من 700 سفينة تجارية، ومن بين هذه السفن، تلقت أكثر من 410 سفن حماية مشددة، مستفيدة من خدمات الحراسة والمراقبة النشطة وفق اطلاع بقش.
لكن المهمة “أسبيدس” لا تلعب دوراً حاسماً حقاً، وفقاً لـ”تاسيناتو”، وذلك بسبب “التحديات في الفعالية والجوانب التشغيلية” ولأن “تركيزها الضيق أدى إلى استراتيجية دفاعية قصيرة الأجل، رغم قيمتها، تفتقر إلى خطة أوسع وأكثر شمولا لمواجهة تهديد الحوثيين واستعادة حرية الملاحة”.
إلى ذلك يقول جورج تسوجوبولوس، الزميل البارز في المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية، إن النهج العسكري البحت الذي تتبعه الولايات المتحدة، تماماً مثل الموقف الدفاعي للاتحاد الأوروبي، لن يسفر عن حل دائم للأزمة البحرية.
وذلك لأن التدخل العسكري الأعمق يتم تناوله بأنه فشل في كبح الأزمة متعددة الأبعاد، والتي يُعتبر التدخل العسكري جزءاً منها أيضاً. ويرى “تسوجوبولوس” أن من المهم للغاية تذكُّر أن جذور المشكلة لا تكمن فقط في النزاع الأمريكي مع خصومها، ولكن أيضاً في “عدم حل القضية الفلسطينية بشكل مزمن”.