تصعيد خطير من صنعاء: تهديدات صاروخية مباشرة لإسرائيل وتحذير للشركات الأجنبية بالمغادرة فوراً

تقارير | بقش
في تطور ينذر بتوسيع رقعة المواجهة الإقليمية، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة صنعاء عن مرحلة جديدة من التصعيد العسكري المباشر ضد إسرائيل، متوعدةً بهجمات صاروخية متطورة ومحذرةً كافة المستثمرين والشركات الأجنبية العاملة داخل إسرائيل بسرعة المغادرة حفاظاً على مصالحهم، وتأتي هذه التهديدات في سياق ما تصفه صنعاء بـ”حرب إسناد غزة” الهادفة لوقف “حرب الإبادة” الإسرائيلية المستمرة في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية “سبأ” عن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع في صنعاء قوله: “على المستثمرين والشركات الأجنبية العاملة داخل الكيان الصهيوني سرعة المغادرة، فالبيئة لن تكون آمنة والأفضل القيام بذلك ما دامت الفرصة مواتية”.
وأضاف المصدر، في رسالة مباشرة تحمل دلالات على تطور القدرات العسكرية، أن “صواريخنا مصممة بعدة رؤوس حربية، في حال اعتراضها تنقسم لتصيب أهدافاً أكثر وبما يجعل منظومات العدو الصهيوني بلا فائدة، وعلى كل صهيوني تحسس رأسه تحسباً لسقوطها”.
وفي التصريحات التي اطلع عليها مرصد بقش، شدد المصدر على أن العمليات العسكرية لن تتوقف، مؤكداً: “لن تتوقف صواريخنا في استهداف الكيان الصهيوني المجرم إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن أهلنا في غزة”، كما وجه تحذيراً للمجتمع الإسرائيلي بأن “سياسات المجرم نتنياهو ستطيل أيامكم ولياليكم داخل الملاجئ في الأيام القادمة”.
تحليل: أبعاد التصعيد الجديد وأهدافه الاستراتيجية
يمثل هذا الإعلان تحولاً نوعياً في استراتيجية صنعاء، التي ركزت خلال الأشهر الماضية بشكل كبير على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانئها في البحر الأحمر وباب المندب، إلى جانب استهداف بعض الأهداف الحيوية بشكل تدريجي.
التهديد المباشر بضرب العمق الإسرائيلي بصواريخ تحمل رؤوساً متعددة، والتلويح بتحييد أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، يشير إلى ثقة متزايدة لدى صنعاء في قدراتها الصاروخية وربما في المعلومات الاستخباراتية التي بحوزتها.
يهدف هذا التصعيد، على ما يبدو، إلى تحقيق عدة أهداف متزامنة: أولاً، زيادة الضغط المباشر على إسرائيل لدفعها نحو وقف عملياتها في غزة. ثانياً، محاولة التأثير على البيئة الاستثمارية والاقتصادية داخل إسرائيل عبر خلق حالة من عدم اليقين والخطر لدى الشركات الأجنبية.
ثالثاً، تعزيز مكانة صنعاء كلاعب إقليمي فاعل ضمن المعسكر المناهض للولايات المتحدة وحلفاؤها، وإظهار قدرتها على التأثير في مسار الأحداث رغم البعد الجغرافي، وأخيراً، يمثل هذا التحذير رسالة ردع قد تستهدف أي تحركات عسكرية محتملة قد تطال اليمن.
سياق دولي متوتر: غزة تحت النار والضغوط تتزايد على إسرائيل
يأتي هذا التصعيد من صنعاء في وقت تستمر فيه إسرائيل بقصفها وحصارها لقطاع غزة لليوم الخامس والسبعين منذ استئناف “حرب الإبادة”، مع تفاقم كارثي للوضع الإنساني، وفي خضم ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس السبت، عن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، يتضمن وفقاً لتسريبات إعلامية إسرائيلية، والتي وصفت المقترح الأمريكي بأنه الأكثر انحيازاً لإسرائيل، وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً وتبادل للأسرى، مع ضمانات من ترامب لالتزام إسرائيل به وإرسال المساعدات فور موافقة حماس.
على الصعيد الإنساني، دق برنامج الأغذية العالمي ناقوس الخطر بأن الوضع في غزة “يخرج عن السيطرة”، مؤكداً أن إغلاق المعابر والجوع واليأس يجعل إيصال المساعدات مهمة شبه مستحيلة، وأن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لضمان تدفقها بأمان، يأتي هذا بعد فشل خطة المساعدات الإسرائيلية-الأمريكية، حيث شهدت مراكز التوزيع المحدودة فوضى عارمة.
أوروبياً، يتصاعد السخط تجاه ممارسات إسرائيل، فدول الاتحاد الأوروبي، التي ساهم بعضها سابقاً في دعم القدرات العسكرية الإسرائيلية، تهاجم الآن تل أبيب علانية بسبب المجازر بحق المدنيين. ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن دبلوماسيين أوروبيين وصفهم لآلية المساعدات الجديدة لغزة بـ”الفوضى”، مؤكدين عدم نية الاتحاد تحويل مساعداته عبرها، وهدد دبلوماسي أوروبي بزيادة الضغط على إسرائيل “إذا لم تغير مسارها”، مشيراً إلى أن “الصور المروعة من غزة أوصلتنا إلى أقصى ما نستطيع تحمله”.
كما شهد الموقف الأوروبي تحولاً ملحوظاً؛ فرئيسة حزب الخضر في ألمانيا، وهي حليف قوي لإسرائيل، أكدت أنه لا يجوز استخدام أسلحة ألمانية في غزة بشكل ينتهك القانون الدولي. حتى رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، وصفت توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية بـ”المروّع”.
كما انتقد المستشار الألماني استهداف إسرائيل لمدرسة في غزة، محذراً من تجاوز “حدود قد تدفع حتى أقرب حلفائها إلى التخلي عنها”، وفي خطوة أثارت غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلنت فرنسا وبريطانيا وكندا دعم خطوات قد تصل للاعتراف بدولة فلسطينية، وتقود إسبانيا حملة أوروبية متزايدة ضد إسرائيل، معتبرة أن “مستوى العنف اللامسبوق” هو ما غير مواقف العديد من الدول. وحذرت النرويج من أن انتهاكات إسرائيل في غزة “تجعل العالم أكثر خطورة”.
خطر مرتقب على الملاحة الجوية الإقليمية لمواجهة سلاح الجو الإسرائيلي
لم تقتصر تحركات صنعاء على التهديدات الصاروخية الأخيرة، ففي وقت سابق من يوم الجمعة الماضية، أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، “مهدي المشاط”، استمرار الحظر البحري على الملاحة الإسرائيلية حتى وقف الحرب والحصار على غزة، معلناً عن تحديد مسارات تستخدمها إسرائيل للاعتداء على اليمن “كمناطق خطرة لجميع الشركات”، داعياً إياها لتجنبها، وتوعد المشاط بأن قوات صنعاء ستجعل الطائرات الإسرائيلية “مصدراً للسخرية”، وأن نتنياهو لن يستطيع حماية الإسرائيليين من الصواريخ القادمة من اليمن.
وتشير تقارير إلى أن الهجمات الصاروخية السابقة التي شنتها صنعاء قد تسببت بالفعل في إرباك الحركة الجوية في إسرائيل، ودفعت كبرى شركات الطيران الأجنبية لتعليق أو إلغاء رحلاتها، مما أدى لارتفاع تكاليف السفر وتدهور سمعة مطار بن غوريون.
في المقابل، تواصل إسرائيل ممارسة الضغوط على الجبهات الأخرى، حيث منعت مؤخراً زيارة وفد وزاري عربي لرام الله، في خطوة اعتبرت خرقاً للالتزامات، وقوبلت بتأجيل الزيارة من الجانب العربي.
إن التحذيرات الجديدة الصادرة عن صنعاء، بتركيزها على العمق الإسرائيلي والتهديد المباشر للاستثمارات الأجنبية، ترفع منسوب التوتر في منطقة مشتعلة أصلاً، وتضع كافة الأطراف أمام تحديات جديدة قد يكون لها تداعيات تتجاوز حدود الصراع المباشر.