الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

المالية السعودية: سنواصل الإنفاق رغم اتساع عجز الميزانية وهناك قرارات هيكلية

الاقتصاد العربي | بقش

في خطوة تعكس حذراً استراتيجياً في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، أعلن وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن المملكة ستواصل وتيرة إنفاقها الحكومي المخطط لها لدعم النمو، لكنها في الوقت ذاته ستُخضع أولويات الصرف ومشاريع التنمية الكبرى لمراجعة دقيقة.

تأتي هذه التصريحات، التي أدلى بها في حوار خاص مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” اليوم الخميس، في ظل انخفاض أسعار النفط وتزايد حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي، مما دفع أكبر مصدر للنفط في العالم إلى إعادة تقييم شامل لخططها الطموحة.

وأكد الجدعان وفق اطلاع بقش أن الفترة الراهنة، رغم ما تحمله من تحديات، تمثل “فرصة ثمينة” للمملكة لتقييم برامجها المالية والتنموية بشكل معمق، مشدداً على أن الحكومة السعودية “لن تهدر هذه الأزمة”. وفي إشارة إلى أن الصعوبات الحالية قد تكون حافزًا لاتخاذ قرارات جريئة وإصلاحات هيكلية ضرورية، أضاف الوزير: “يعتقد البعض أن ما يحدث في العالم أزمة، لكن اقتصادنا يسير بشكل جيد، إنها فرصة لمراجعة الأمور – وإذا كانت هناك فرصة لفعل شيء جريء، فلنفعلها”.

وتساءل الجدعان حول وتيرة تنفيذ المشاريع العملاقة ضمن “رؤية 2030”: “هل نتسرع في تنفيذ المشاريع؟ هل هناك عواقب غير مقصودة؟ هل ينبغي التأجيل أو إعادة الجدولة أو التسريع؟”.

ميزانية 2025 وسياسة “مضادة للتقلبات”

تأتي هذه المراجعة في سياق استعدادات المملكة لميزانية عام 2025، التي من المتوقع أن تستمر في تبني نهج إنفاق توسعي لدعم مستهدفات “رؤية 2030″، مع توقعات بتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي قد يصل إلى حوالي 4.6%، مدفوعًا بشكل رئيسي بالقطاعات غير النفطية.

وعلى الرغم من توقعات بتسجيل عجز مالي قد يتراوح بين 2.3% إلى 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 101 مليار ريال سعودي)، أكد الجدعان أن اتساع العجز المالي إلى نسبة 3% أو 4% أو حتى 5% لا يُعد مقلقاً طالما أن هذا الإنفاق يسهم بفعالية في نمو وتوسيع القطاعات غير النفطية وتنويع مصادر الدخل.

وشدد وزير المالية على أن الهدف الأساسي للسياسة المالية السعودية هو تفادي الوقوع في “فخ الدورات الاقتصادية بين الازدهار والانكماش”، الذي عانى منه الاقتصاد السعودي تاريخياً بسبب اعتماده الكبير على النفط.

كما أوضح أن الحكومة السعودية تعتمد نهجاً “مضاداً للتقلبات”، حيث يُوجَّه الإنفاق لدعم النمو المستدام بدلاً من السعي المحموم لتحقيق توازن الميزانية على المدى القصير، مؤكداً أن لدى المملكة احتياطيات مالية وفيرة، واحتياطيات أجنبية كافية، و”مساحة واسعة” في هوامشها المالية تمكنها من التعامل مع الصدمات الخارجية.

أرامكو وإعادة هيكلة الأصول: البحث عن سيولة لتمويل الطموحات

في تطور لافت يعكس سعي المملكة لتوفير سيولة لتمويل مشاريعها التحويلية، كشفت تقارير حديثة أن شركة النفط الوطنية العملاقة “أرامكو السعودية” تدرس بجدية إمكانية بيع مجموعة من أصولها غير الأساسية وفق متابعات بقش. ويأتي هذا التوجه، حسب مصادر مطلعة صرحت لوكالة رويترز، في إطار سعي الشركة لتوفير سيولة نقدية إضافية تساهم في تمويل خطط توسعها العالمية الطموحة، وتحسين كفاءتها التشغيلية، والتكيف مع تأثيرات انخفاض أسعار النفط الخام على إيراداتها.

ويرى محللون أن هذا التوجه من جانب أرامكو يحمل دلالات متعددة؛ فهو من ناحية يعكس الضغوط المالية لتوفير التمويل اللازم للمشاريع الضخمة ضمن “رؤية 2030” والحفاظ على مستويات توزيعات الأرباح المرتفعة.

ومن ناحية أخرى، يُعتبر مؤشراً على جدية المملكة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية عميقة وإعادة هيكلة أصولها الاستراتيجية لتحقيق أقصى استفادة منها، بما في ذلك تعزيز الاستثمار في قطاعات جديدة وواعدة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، وتقليل الاعتماد الكلي على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

“رؤية 2030”: بين تحقيق الأهداف وتحديات التنفيذ

تأتي تصريحات الجدعان الأخيرة في وقت تواجه فيه عملية التحول الاقتصادي الطموحة في المملكة، “رؤية 2030″، بعض التحديات بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على إطلاقها من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ورغم تأكيد الوزير أن العديد من أهداف الرؤية قد تحققت بالفعل أو في طريقها للتحقق، مما يمنح الحكومة “ثقة كبيرة”، إلا أنه أشار إلى أن المملكة “ليست متراخية”.

وسبق للجدعان أن ألمح إلى إمكانية تأخير أو تسريع وتيرة بعض المشاريع، موضحاً أن المملكة تتجنب دفع اقتصادها إلى حالة من “التسارع المفرط” الذي قد لا يتمكن الاقتصاد المحلي من مواكبته، مما قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد بدلاً من تطوير القدرات الإنتاجية المحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش