ترامب يبدأ “حرباً مفتوحة” على اليمن لحماية الملاحة الإسرائيلية

تعرضت صنعاء لضربات جوية أمريكية بريطانية استهدفت حياً سكنياً في مديرية شعوب شمالي العاصمة، من خلال طائرات مقاتلة انطلقت من حاملة الطائرات “هارس إس ترومان” الأمريكية في البحر الأحمر.
وأعلنت وزارة الصحة بحكومة صنعاء عن استشهاد 9 مدنيين وإصابة 9 آخرين معظمهم إصابته خطيرة في حصيلة أولية، وفق متابعات بقش.
هجمات بأمر مباشر من ترامب
الضربات الأخيرة جاءت بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لإيقاف “الهجمات البحرية بدءاً من اليوم” والضغط من أجل “فتح ممرات الشحن الدولية التي عطَّلها الحوثيون” حسب اطلاع بقش على ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، مضيفةً أنه تم استهداف “رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ ومسيّرات”.
الصحيفة الأمريكية نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الاستهداف الأمريكي لليمن قد يستمر عدة أيام وقد يزداد نطاقه اعتماداً على رد الحوثيين، مشيرين إلى أن المسؤولين الأمنيين يرغبون بحملة أقوى “تُفقد الحوثيين السيطرة على أجزاء من البلاد”، في حين “تترقب واشنطن هجوماً مضاداً من الحوثيين”.
كما نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول دفاعي أمريكي لم تسمِّه، قوله إن من المتوقع اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد الحوثيين خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
من جهته قال “ترامب” إنه أصدر أوامر للجيش الأمريكي بضرب اليمن، ووصف الحوثيين بـ”الإرهابيين” لأنهم “شنوا حملة متواصلة من القرصنة والعنف والإرهاب على السفن والطائرات والمسيَّرات الأمريكية وغيرها، وهدد ترامب الحوثيين بأن عليهم “وقف الهجمات وإلا سيمطر عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل”، كما طالب إيران بـ”وقف دعم الحوثيين وعدم تهديد الشعب الأمريكي أو رئيسه أو ممرات الشحن العالمية” على حد تعبيره.
ويستاء ترامب من مرور عام كامل على إبحار أول سفينة تجارية تحمل العلم الأمريكي بسلام عبر البحر الأحمر أو خليج عدن وفق متابعة بقش لتصريحاته، ويرى أن ذلك لا ينبغي التسامح معه، واصفاً “خنق الحوثيين حركة الشحن بأحد أهم الممرات المائية في العالم” بأنه “أدى لتوقف قطاعات واسعة من التجارة العالمية”.
ويؤكد ترامب أن هجمات الحوثيين على الطائرات الأمريكية والقوات الأمريكية والحلفاء كلَّفت الاقتصاد الأمريكي والعالمي خسائر بمليارات الدولارات، مشيراً إلى أن آخر سفينة حربية أمريكية مرت عبر البحر الأحمر، قبل أربعة أشهر، تعرّضت لهجوم من اليمن أكثر من 12 مرة.
ورغم استهداف حي سكني بصنعاء، قال ترامب إن الجنود الأمريكيين استهدفوا قواعد عسكرية للحوثيين ودفاعاتهم.
بدوره قال وزير الدفاع الأمريكي إن واشنطن لن تتسامح مع هجمات الحوثيين “على جنودنا وسفننا وطائراتنا”، وأضاف أنه تم توجيه تحذير لطهران، وأنه “ستتم استعادة حرية الملاحة”، في حين طالب وزير الخارجية الأمريكي بوقف الهجمات على “السفن الأمريكية” والشحن العالمي.
صنعاء ترد بـ”التصعيد” وتؤكد: ادعاء ترامب مضلل وغير صحيح
الغارات الأمريكية على اليمن وصفها رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبدالسلام، بأنها “عدوان سافر على دولة مستقلة وتشجيع لكيان العدو الإسرائيلي لمواصلة حصاره الجائر على غزة”.
وقال عبدالسلام إن ما يدّعيه ترامب من خطر يتهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب غير صحيح وفيه تضليل للرأي العام الدولي، مضيفاً: “فالحظر البحري المعلن من قبل اليمن إسناداً لغزة يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة حسب اتفاق وقف إطلاق النار”.
أكد عبدالسلام أيضاً أن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ستبقى آمنة من جهة اليمن، وأن “الغارات الأمريكية هي عودة لعسكرة البحر الأحمر وذلك هو التهديد الفعلي للملاحة الدولية في المنطقة”.
ومن جهته قال المكتب السياسي لأنصار الله الحوثيين إن الهجمات لن تمنع من الاستمرار في إسناد غزة، ولن تمر “دون رد”، مشيراً إلى “الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد”.
منع السفن الإسرائيلية السبب
تترقب واشنطن هجوماً مضاداً من الحوثيين الذين يقولون إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة إزاء استمرار تجويع الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.
وقد أعلنوا الثلاثاء الماضي، 11 مارس، بدء استهداف أي سفينة إسرائيلية تمر عبر مياه البحر الأحمر، كرد على استمرار إسرائيل في منع دخول المساعدات والغذاء إلى قطاع غزة.
مركز تنسيق الشؤون الإنسانية بصنعاء وجَّه رسالةً معممة إلى شركات الشحن ومشغلي ومالكي السفن وغرف الشحن والسلطات البحرية ونقابات البحارة وجمعيات وشركات التأمين البحري، بشأن استئناف حظر عبور السفن المرتبطة بإسرائيل من البحر العربي وخليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وورد في الرسالة أنه نظراً لعدم التزام الكيان الإسرائيلي بتنفيذ جميع مراحل اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، ومماطلته في الوفاء بالتزاماته خصوصاً المرتبطة بالجوانب الإنسانية، مع استمراره في إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات والغذاء والدواء إلى قطاع غزة، فقد أعلنت القوات المسلحة استئناف حظر مرور كافة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة، وأكد البيان وفق اطلاع بقش أن أي سفينة إسرائيلية تحاول انتهاك الحظر ستتعرض للاستهداف العسكري في منطقة العمليات.
كما قالت الرسالة: “نأمل أن يُفهم أن هذه الإجراءات تنبع من شعور عميق بالمسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم وتهدف إلى الضغط على الكيان الغاصب الإسرائيلي لإعادة فتح المعابر إلى قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية”.
وكالة أسوشيتد برس وصفت هذا التحذير بأنه “يُعيد الفوضى إلى ممر مائي حيوي بين آسيا وأوروبا، ويُهدد عائدات قناة السويس المصرية، وقد يُوقف شحنات المساعدات إلى مناطق الحرب”.
وبدورها حذرت شركة الأمن البحري البريطانية “أمبري” من أن إجراءات الحوثيين قد تعرض المزيد من السفن للخطر، واعتبرت أن من المرجح أن تكون قد امتدت مرة أخرى نحو السفن المملوكة جزئياً لأفراد أو كيانات إسرائيلية، والسفن التي يديرها أو يشغلها أفراد أو كيانات إسرائيلية، والسفن المتجهة إلى إسرائيل، وسفن الشركات التي تتصل بإسرائيل.
هذا ولم يُوجَّه أي تهديد مباشر للبحرية الأمريكية، التي يُجري أسطولها الخامس المتمركز في البحرين الأحمر والعربي دوريات متواصلة، إلا أن القوات الأمريكية تشكو من استهدافات متكررة للسفن الحربية الأمريكية والغربية بما يكبّدها مليارات الدولارات وفقاً لوسائل الإعلام الأمريكية.
ويرى الأمريكيون أن أزمة البحر الأحمر التي شهدت أكثر من 100 هجوم عسكري منظم، أدت إلى انفجار أزمة اقتصادية عالمية تمثلت في عرقلة حركة التجارة الدولية وارتفاع تكاليف الشحن البحري والتأمين، نظراً لكون نحو 12% من التجارة البحرية العالمية تمر في مضيق باب المندب.
ومنذ وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي، ترددت شركات الشحن العالمية في العودة إلى البحر الأحمر بسبب مخاوف خاصة من تجدد الأزمة البحرية وتراجع تحسن أوضاع المنطقة، إضافة إلى استفادة البعض من شركات الشحن من الأزمة التي رفعت عوائدها المالية بقرابة ضعف عوائد العام 2023، نتيجة لرفع أسعار الشحن.