أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تنتهي “خلال أسابيع” إذا وافقت كييف على صفقة تمنح الولايات المتحدة حقوقاً في ثرواتها من المعادن النادرة، في تصريحات أثارت جدلاً دولياً حول مستقبل الحرب وطبيعة التفاوض بين الأطراف.
وبحسب متابعات بقش، كشف ترامب عن مسودة اتفاق تقترح واشنطن بموجبها إنشاء صندوق بقيمة 500 مليار دولار، تُمنح الولايات المتحدة عبره حصة في عوائد النفط والغاز والموانئ الأوكرانية، بالإضافة إلى 50% من إيرادات تراخيص استخراج المعادن النادرة، التي تُعد ضرورية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة.
لكن المسودة واجهت رفضاً أوكرانياً مبدئياً، إذ اعتبر الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” أن المقترح “ينتهك السيادة الوطنية”، وفقًا لمصدر مطلع فضل عدم الكشف عن هويته.
وأكد زيلينسكي في خطاب رسمي أن كييف قدمت تعديلات لـ”تحقيق توازن مصالح الطرفين”، مشيراً إلى أن أي اتفاق يجب أن يرتبط بضمانات أمنية من حلف الناتو.
تصعيد التصريحات: ترامب يصف زيلينسكي بـ”الديكتاتور” ويهدد بقطع الدعم
تصاعدت حدة الخلاف بين واشنطن وكييف بعد أن وصف ترامب زيلينسكي بأنه “ديكتاتور” يتمتع بنسبة تأييد “لا تتجاوز 4%”، في تعليقات علنية أثارت استياء الأوكرانيين، خاصة مع تأكيد استطلاعات الرأي الأخيرة أن شعبية زيلينسكي تبلغ 57%.
كما هدد ترامب بوقف المساعدات العسكرية إذا لم تُسرع كييف بالتوقيع، قائلاً: “الصفقة ستضمن استرداد مليارات الدولارات التي أنفقتها أمريكا على أوكرانيا”.
من جانبه، أيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة “الانخراط الأمريكي عبر الصفقة”، مشيراً إلى استعداد دول أوروبية لإرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا بعد توقيع اتفاق سلام، لكن دون نشرها على الخطوط الأمامية.
وأضاف أن أي تسوية قد تمر بمرحلتين: الأولى “هدنة”، تليها مفاوضات لمعاهدة سلام دائمة.
المحادثات مع بوتين: تفاهمات اقتصادية واجتماعات سعودية
كشف ترامب عن إجراء محادثات “جادة” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول “صفقات تنموية كبرى” بين البلدين بعد الحرب، دون الإفصاح عن تفاصيلها.
وأشار إلى أن المحادثات — التي استضافتها المملكة العربية السعودية هذا الشهر بمبادرة من ولي العهد محمد بن سلمان — “تسير بشكل جيد جداً”، معرباً عن أمله في لقاء بوتين قريباً، رغم استبعاد زيارة موسكو بحلول 09 مايو لـ”عدم جاهزية الظروف”.
عقبات الاتفاق: بنود مثيرة للجدل وذاكرة استعمارية
وفقاً لمسودة تسربت إلى شبكة إيه بي سي نيوز، تشمل الصفقة المثيرة للجدل بنوداً تمنح واشنطن سيطرة على موارد أوكرانيا الحيوية، ما دفع نواباً أوروبيين إلى وصفها بـ”اتفاقية استعمارية”.
كما أشارت مصادر مطلعة إلى أن كييف تطالب بتعديلات تضمن حماية قوانينها الوطنية، وتوزيعاً عادلاًَ للعوائد.
وتُشير المصادر الدبلوماسية إلى أن زيلينسكي يسعى لعقد لقاء مع ترامب قبل أي اجتماع أمريكي-روسي، لضمان عدم تهميش مصالح أوكرانيا، بينما يبدو ترامب مصمماً على تسريع التوقيع، مستغلاً الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب كـ”ورقة ضغط” لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية قبل الانتخابات الأمريكية.
وفيما تحاول واشنطن تحويل الحرب الأوكرانية إلى فرصة لتعزيز نفوذها الاقتصادي، تبرز تساؤلات حول مدى كارثية “صفقة القرن” المطروحة وتوازنها مع حقوق دولة مُدمرة تسعى للبقاء.
