نمو اقتصادي سعودي محدود بالإنفاق الحكومي… والقطاعات غير النفطية تتصدر الربع الثاني

الاقتصاد العربي | بقش
سجل الاقتصاد السعودي نمواً بنسبة 3.9% خلال الربع الثاني من العام الجاري، بحسب التقديرات الأولية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، مدفوعاً بشكل رئيسي بالأداء المتصاعد للقطاعات غير النفطية وعودة تدريجية لنشاط الإنتاج النفطي، بعد عام من التباطؤ المرتبط بالتخفيضات الطوعية ضمن تحالف “أوبك+”.
ووفقاً للبيانات الرسمية، قادت الأنشطة غير النفطية وتيرة النمو مسجلة زيادة سنوية بلغت 4.7%، لتسهم بنحو 2.7 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهو ما يعكس جزئياً استمرار تأثير السياسات الحكومية الداعمة لتنويع القاعدة الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد التقليدي على النفط الخام.
النفط يعود إلى الواجهة… مؤقتاً
بعد عام 2024 الذي اتسم بانكماشات متكررة في الإنتاج النفطي، أظهرت بيانات الربع الثاني من 2025 تحسناً ملحوظاً في هذا القطاع، مسجلاً نمواً بنسبة 3.8% على أساس سنوي، ما أضاف نحو 0.9 نقطة مئوية إلى مجمل النمو.
وارتبط هذا التحسن باستعادة المملكة جزءاً من طاقتها الإنتاجية في أعقاب استقرار نسبي في الأسواق العالمية وارتفاع تدريجي في الطلب، خصوصاً من الأسواق الآسيوية.
لكن مراقبين أفادوا لبقش بأن هذا التعافي قد يكون مرحلياً، في ظل استمرار التذبذب في السياسات الإنتاجية لتحالف أوبك+، والتحديات المرتبطة بالتباطؤ العالمي، خاصةً مع تصاعد التوترات التجارية المرتبطة بالرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.
على الجانب الآخر، أظهرت أنشطة القطاع الحكومي أداءً ضعيفاً، إذ لم يتجاوز معدل نموه 0.6% خلال الربع الثاني، بإسهام محدود يعادل 0.1 نقطة مئوية.
ويعكس هذا التباطؤ استمرار سياسة الضبط المالي، وتوجيه الإنفاق العام نحو مشاريع رأسمالية طويلة الأمد ضمن رؤية 2030، ما قلص من الأثر الفوري للإنفاق الحكومي على الناتج المحلي الإجمالي.
وفي قراءة فصلية مقارنة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.1% مقارنة بالربع الأول من العام، مدفوعاً بشكل خاص بنمو قوي للقطاع النفطي بنسبة 5.6%، وهي أعلى وتيرة منذ الربع الثالث لعام 2021.
كما حققت الأنشطة غير النفطية ارتفاعاً فصلياً بنسبة 1.6%، في حين تراجعت مساهمة الحكومة بنحو 0.8%، مما يعكس مزيداً من التركيز على الانضباط المالي.
مخاطر هيكلية قائمة رغم التحسن النسبي
ويُجمع محللون على أن النمو المسجل في الربع الثاني، رغم كونه أعلى من مستويات العام الماضي، لا يعكس بعدُ استدامة حقيقية في الأداء الاقتصادي، في ظل اعتماد جزء كبير من التحسن على تقلبات أسواق الطاقة.
كما يشير التفاوت في أداء القطاعات إلى استمرار هشاشة بعض مكونات الاقتصاد الكلي، خصوصاً في ظل ضعف مساهمة القطاع الحكومي وعدم قدرة القطاعات الناشئة على سد الفجوة الاستثمارية بشكل كامل.
وبينما تسعى الحكومة السعودية إلى تحقيق توازن دقيق بين الإصلاحات الاقتصادية والانضباط المالي، يبقى التساؤل قائماً حول قدرة السياسات الحالية على تحفيز الطلب المحلي، وتعزيز الشمول الاقتصادي، بعيداً عن الأثر المرحلي للقطاع النفطي.