الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

نظام توزيع المساعدات الإسرائيلي يتضمن خطة “تهجير قسري” و أوروبا تحول نبرتها ضد إسرائيل

متابعات | بقش

لا يزال نظام توزيع المساعدات الإسرائيلي الأمريكي في قطاع غزة محل انتقادات أممية ودولية واسعة، نتيجة لكارثية الخطة التي تنتهك المبادئ الإنسانية وترسخ التهجير، عبر “مؤسسة غزة” المستحدثة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.

وتنضوي الخطة على توفير 4 نقاط توزيع فقط (جميعها تقع داخل المنطقة العسكرية الإسرائيلية)، بينما الهيئات الأممية، ذات الخبرة في توزيع المساعدات، لديها نحو 400 نقطة توزيع. وتتوزع النقاط الخاصة بنظام التوزيع الإسرائيلي على الجنوب بمدينة رفح (3 مراكز) والوسط (مركز واحد)، ما يعني أن السكان المتواجدين في شمال القطاع مضطرون إلى الذهاب نحو الجنوب، للحصول على كرتون غذائي لا يحتوي إلا على القليل من المواد الغذائية التي لا تكفي لبضعة أيام، وهذا إذا تمكنوا من الوصول إلى الجنوب بالأساس والمرور بكافة مناطق القطاع المحاصر الذي يتعرض لقصف متواصل.

وقد أكد فلسطينيون في تصريحات تابعها بقش على صعوبات المشي لمسافات طويلة للوصول إلى مركز التوزيع، والطوابير التي استمرت لساعات والارتباك العام، فالمكان يُعتبر بعيداً للغاية، وفضلاً عن كل ذلك لا يُعرف كيف يمكن أن توفر هذه الآلية الطعام لكل المتوافدين بعشرات الآلاف، كما لا يُعرف ما إذا كانت الخطة بالفعل تنوي تغطيتهم جميعاً، خصوصاً بعد أن تم إطلاق النار يوم الثلاثاء الماضي على المتدافعين، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 50 فلسطينياً.

وقد صرحت مؤسسة غزة الإنسانية أنها وزعت حوالي 8000 صندوق غذائي، بإجمالي 462000 وجبة في غزة حتى الآن، مضيفة أن الوجبات سيزداد يومياً بشكل تدريجي.

خطة اصطياد وتهجير غير معلن

وُصفت هذه الخطة بالطُعم الذي يصطاد به الاحتلال الأهالي نحو الجنوب الذي يُراد فيه حشر الفلسطينيين تمهيداً لطردهم أو إبعادهم عن القطاع ضمن مخطط تهجير قسري حسب تتبُّع بقش. ويأتي ذلك استغلالاً لمنظومة التجويع التي خلفت كارثة إنسانية لدى الفلسطينيين المضطرين للاندفاع نحو أي طعام يجدونه. وفي حال وجود أية مقاومة، فإن الفلسطينيين معرضون لإطلاق النار.

ولإتمام مثل هذه الخطط التي تزيد من إحباط الفلسطينيين وإخضاعهم، تم استبعاد كافة المنظمات الإغاثية ذات الخبرة والمتواجدة في المنطقة منذ عشرات السنوات، كمنظمة الأونروا. لكن بنفس الوقت، قالت المنظمات نفسها إنها تنأى عن الانخراط في مثل هذه الخطة الموصوفة بالكارثية، وتطالب الأمم المتحدة بإيصال المساعدات فوراً إلى أنحاء القطاع، وتؤكد استعدادها لإيصال المساعدات لكن القوات الإسرائيلية لم تمكنها من ذلك.

واليوم الخميس وصفت منظمة اليونيسف نظام المساعدات الإسرائيلي بأنه “كارثة” تفاقم الأزمة الإنسانية، وسط الانعدام الحاد للأمن الغذائي، مؤكدة أن خطة التوزيع التي تشرف عليها مؤسسة “غزة الإنسانية”، تهدد بتفاقم الأوضاع، حيث إن قلة عدد نقاط التوزيع ستجبر المدنيين على الابتعاد عن منازلهم، مما يعرضهم للخطر.

يحدث ذلك كله في الوقت الذي يشهد فيه القطاع إبادة جماعية وتجويعاً ممنهجاً وظروفاً إنسانية غير آدمية على الإطلاق. ويتدهور الوضع بينما يواصل الاحتلال تصعيده ومنعه لإدخال المساعدات إلى غزة. وقد دفع الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 02 مارس سكان القطاع الذين يزيد عددهم عن مليوني فلسطيني، نحو المجاعة، في الوقت الذي تريد فيه قوات الاحتلال توزيع المساعدات لأعداد محدودة فقط.

تغير الموقف الأوروبي

في دول أوروبية، مثل إسبانيا وبريطانيا وفرنسا، حدث تغير في الموقف تجاه إسرائيل التي تدعمها الولايات المتحدة دعماً كاملاً، ووصل التغير في الموقف إلى حد تغيير لهجة وطريقة تغطية وسائل الإعلام الأوروبية التي انتظرت مرور أكثر من سنة ونصف من الإبادة الوحشية لتقول كلمةً منصفة الآن بحق أهالي غزة.

في إسبانيا، دعت الحكومة دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل وحظر تصدير الأسلحة إليها، معتبرة أنه لا يمكن السكوت على انتهاك القانون الدولي الإنساني في غزة وقتل أكثر من 50 ألف شخص منذ بدء الحرب حتى اليوم. كما قررت أيرلندا منع دخول أي منتجات قادمة من المستوطنات، رغم أن قراراً كهذا يمكن التحايل عليه بسهولة من قبل التجار الإسرائيليين، إلا أنه يظل ذا بعد تجاري واقتصادي ويتضمن ما يُشبه العقوبات للمستوطنين الذين يُشكل وجودهم في الضفة الغربية انتهاكاً للقانون الدولي.

وفي بريطانيا، رفع أكثر من 300 شخصية عامة رسالة إلى الحكومة البريطانية طالبت فيها بالتوقف فوراً عن تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، واتهمت الحكومة بالتواطؤ في قتل المدنيين بغزة من خلال استمرار تصدير الأسلحة للاحتلال. وإلى جانب ذلك، تستعد العاصمة البريطانية لندن لاحتضان تظاهرة جماهيرية كبرى أمام البرلمان يوم الأربعاء 04 يونيو المقبل، بدعوة من تحالف واسع من المنظمات المؤيدة لفلسطين، في خطوة تصعيدية جديدة تستهدف الضغط على الحكومة البريطانية لوقف دعمها العسكري لإسرائيل، وفرض عقوبات عليها بسبب جرائم الحرب الحاصلة.

وتغيرت نبرة الحكومة البريطانية، ففي الفترة الأخيرة لوحظ تراجع في خطاب الدعم البريطاني المطلق لإسرائيل من قبل بعض الشخصيات الحكومية، مع تصاعد الضغوط من داخل البرلمان ومن الشارع البريطاني، خاصة في ظل تقارير أممية وبريطانية تتحدث عن استخدام الأسلحة البريطانية في هجمات أسفرت عن قتل المدنيين في غزة، ما دفع نواباً من أحزاب متعددة إلى المطالبة بإجراء مراجعة عاجلة لسياسات تصدير السلاح إلى إسرائيل.

وفي تصريح بريطاني نادر، أعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية في جلسة برلمانية مؤخراً عن “قلق الحكومة العميق من حجم الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين” وفق متابعات بقش، مؤكداً أن لندن “تتابع عن كثب مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني”، وهو تصريح يُنظر إليه على أنه انعكاس لتزايد الحرج السياسي والأخلاقي الذي تواجهه الحكومة وسط حملة احتجاجات غير مسبوقة في الشارع البريطاني.

وقبل أشهر قليلة فقط، كانت الحكومة البريطانية ترفض إصدار بيان يُطالب بوقف إطلاق النار، بينما تحول الموقف السياسي حالياً نحو التوجه الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والدعوة لفرض عقوبات على إسرائيل، والتوقف عن تزويد تل أبيب بقطع الغيار اللازمة للطائرات ووقف تصدير الأسلحة ووقف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة حسب تتبع بقش لهذا الملف، فضلاً عن إجراءات أخرى محتملة قد يتم اتخاذها في الأيام المقبلة.

المشهد يعبر عن أن إسرائيل لم تعد تتلقى الدعم الغربي نفسه، حيث باتت المواقف الأوروبية متسارعة وجميعها ليست في مصلحة الاحتلال، ووفق الصحافة الإسرائيلية فإن هناك حالة من الرعب في إسرائيل بسبب هذا التحول الأوروبي، حيث لم تعد أوروبا قادرة على الاستمرار في تقديم الدعم والغطاء لعدوان يستهدف المستشفيات والأطفال والمرضى، ويقوم بحرق خيام اللاجئين ومراكز الإيواء، كما يمنع الطعام والشراب عن المدنيين، وهي سلسلة جرائم لم تعرف البشرية مثلها طوال المائة عام الأخيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش