تهاوي العملة وضياع عوائد النفط.. أمريكا تُمعن في طحن الاقتصاد الفنزويلي

تشهد فنزويلا ما يشبه العاصفة الاقتصادية بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب مؤخراً عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على أي دولة تشتري النفط الفنزويلي، وهو قرار مثَّل حصاراً فعلياً على عوائد النفط بالنسبة للبلد الذي يعاني من أزمات اقتصادية متواصلة بسبب العقوبات الأمريكية.
في الوقت الحالي، يسارع الفنزويليون، شركاتٍ وأفراداً، إلى الحصول على الدولار، وهو ما أدى إلى مزيدٍ من الانهيار في قيمة العملة “البوليفار” إلى أكثر من 100 بوليفار للدولار الواحد مقابل 66 في بداية هذا العام وفق متابعات بقش، وسط تزايد المخاوف من أن ترامب يمعن في خنق صناعة النفط في البلاد بشكل يدفع الاقتصاد الفنزويلي إلى أزمة جديدة.
ويريد ترامب الضغط على حكومة نيكولاس مادورو، متهماً مادورو بعدم إحراز تقدم في الإصلاحات الانتخابية وعودة المهاجرين، وذكرت وزارة الخزانة، يوم الإثنين الماضي، أنها ستنتظر 7 أسابيع أخرى حتى 27 مايو المقبل قبل إنهاء الترخيص الذي منحته واشنطن لشركة “شيفرون” النفطية الأمريكية منذ عام 2022 للعمل في فنزويلا وتصدير نفطها إلى الولايات المتحدة.
القرار بفرض رسوم جمركية على أي دولة تشتري النفط من فنزويلا أثار قلق بعض أكبر المشترين، منها شركة “ريلاينس إنداستريز” الهندية التي اضطرت لإيقاف شحناتها، في حين تعمل شركة “ريبسول” الإسبانية على تحويل مسارات ناقلات النفط.
الاستهداف الأمريكي “الأقوى”
يُعتبر هذا الإجراء الأمريكي ضد الحكومة الفنزويلية هو الإجراء الأقوى، من منظور التدفق النقدي وإنتاج النفط، وفقاً لـ”أليخاندرو غريسانتي” مدير شركة “إيكو أناليتيكا” الاستشارية. ويُشار إلى أن ذلك يهدد بتداعيات اقتصادية تؤجج التضخم وتُضعف الاستقرار الاقتصادي الذي حققته حكومة مادورو جزئياً عبر تحفيز استخدام الدولار على نطاق واسع.
هذه التقلبات تأتي في الوقت الذي يُتوقع فيه انكماش الاقتصاد الفنزويلي خلال 2024 لأول مرة منذ عام 2020، حسب مسح اطلع عليه بقش لمرصد المالية الذي تقوده المعارضة الفنزويلية، ومع نضوب احتياطيات البنك المركزي من السيولة، تُعدتبر عائدات النفط أساسية لتوفير الدولار في السوق الرسمية.
وأمام شركة “شيفرون” النفطية الأمريكية مهلة 60 يوماً منحتها إدارة ترامب لها لإنهاء عملياتها في فنزويلا، ووسط الترجيحات بتخارج الشركة الأمريكية، خفّضت الحكومة الفنزويلية مبيعات الدولار في سوق الصرف بمقدار النصف هذا العام حسب اطلاع بقش.
ويعتقد “خيسوس بالاسيوس” وهو خبير اقتصادي يقيم في كاراكاس لدى شركة “إيكو أناليتيكا”، أنّ الرئيس مادورو لديه خيارات قليلة، بما في ذلك تخفيف القيود التنظيمية على شركات الصرافة، مما يسمح لهم بالفعل بتعديل الأسعار بعيداً عن السعر الرسمي.
هذا وتواجه الشركات صعوبات في تجديد مخزوناتها مع اتساع الفارق السعري (بين سعر الصرف لدى البنك المركزي الفنزويلي والسوق الموازية)، وهو ما يزيد من الضغوط على التضخم، وسط اعتقاد محللين أن الحكومة الفنزويلية لا تملك القدرة على السطيرة على سعر الصرف نتيجة لتشديد العقوبات الأمريكية.