“ثورة الرجال” تهز عدن: آلاف الطلاب ينتفضون ضد انهيار التعليم وتدهور المعيشة

متابعات محلية | بقش
في تحرك طلابي هو الأضخم منذ سنوات، خرج آلاف الطلاب من جامعة عدن ومختلف المراحل المدرسية، مدعومين من الاتحادات والمنتديات الطلابية، في مسيرة احتجاجية حاشدة يوم أمس السبت، 17 مايو 2025، بساحة العروض في خور مكسر.
تحت شعار “ثورة الرجال”، رفع المحتجون صوتهم عالياً ضد ما وصفوه بالانهيار الممنهج للعملية التعليمية وتردي الأوضاع المعيشية بشكل كارثي، مطالبين بتدخل عاجل لإنقاذ مستقبلهم وحقهم في حياة كريمة.
صرخة طلابية في وجه الأزمات
وأصدر الطلاب المشاركون بياناً شديد اللهجة، أكدوا فيه أن صبرهم قد نفد وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام “التجهيل والانهيار”. وجاء في البيان: “لقد توحدت أصواتنا من مختلف الكليات والمناطق، في موقف طلابي موحد ومسؤول، حمل في جوهره الوعي، وفي نبرته الكرامة، وفي أهدافه مطلب العدالة والحق في بيئة تعليمية آمنة وكريمة”.
وعزا البيان هذا الانفجار الطلابي إلى تراكمات طويلة من الإهمال والتدهور، حيث باتت العملية التعليمية مهددة بالتوقف الكامل، وتحولت الخدمات الأساسية في المؤسسات التعليمية والسكنات الجامعية إلى “كابوس يومي” في ظل انقطاع الكهرباء المزمن، وشح المياه، والغلاء الفاحش، وغياب أي دعم حكومي حقيقي.
تداعيات الإضرابات وانهيار العملة
تأتي هذه الاحتجاجات الطلابية الواسعة في سياق أزمة أعمق حذرت منها جهات اقتصادية مستقلة، فقد وثّق “المرصد الاقتصادي بقش” في متابعاته تداعيات إضرابات المعلمين وأساتذة الجامعات المستمرة في عدن.
وأشار المرصد إلى أن هذه الإضرابات، التي تعود جذورها إلى المطالبة بتحسين الأجور المتآكلة وتوفير بيئة عمل لائقة، قد أسهمت بشكل مباشر في شلل العملية التعليمية وتدهور جودتها، مما يهدد بتخريج أجيال تفتقر إلى التأهيل المناسب.
كما ربط محللون بين تفاقم الأزمة التعليمية والانهيار الاقتصادي المتسارع، وقد أدى التدهور الحاد في قيمة العملة المحلية إلى انخفاض كارثي في القيمة الفعلية للرواتب، ليس فقط للمعلمين والأكاديميين، بل لكافة موظفي القطاع العام والمواطنين بشكل عام.
هذا الوضع دفع بالكثيرين إلى تحت خط الفقر، وجعل من توفير أبسط متطلبات الحياة تحدياً يومياً، مما انعكس سلباً على قدرة الأسر على دعم تعليم أبنائها، وزاد من الضغط على الكوادر التعليمية التي تجد نفسها عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية.
مطالب واضحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
حدد الطلاب في بيانهم خمسة مطالب رئيسية وعاجلة، موجهة إلى كافة الجهات المعنية، أولها العودة الفورية وغير المشروطة للعملية التعليمية، وإنهاء كافة الإضرابات في الجامعات والمدارس التي تهدد مستقبل آلاف الطلاب.
وطالب الطلاب أيضاً بتحسين جذري لأوضاع السكنات الطلابية وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية فيها، والارتقاء بمستوى الخدمات العامة الأساسية (كهرباء، مياه، وصحة)، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة الطلاب والمواطنين كافة، وكذا الاستجابة العاجلة والعادلة لمطالب الكادر الأكاديمي والإداري والتربوي، بما يضمن استقرار العملية التعليمية ويحفظ كرامة المعلم والأستاذ الجامعي.
كما أكدت بيان المتظاهرين على إيجاد حلول اقتصادية حقيقية ومستدامة للأزمة الراهنة، ووضع حد لارتفاع تكاليف الدراسة التي حرمت العديد من الطلاب من حقهم في التعليم.
وأضاف البيان أن هذه الوقفة ليست سوى “بذرة وعي سنسقيها بالعمل الجماعي والمتابعة والإصرار”، وأن الاتحادات والمجالس الطلابية الموقعة (بما فيها الاتحاد العام لطلاب جامعة عدن، واتحادات طلاب يافع، شبوة، الشعيب، الصبيحة، جحاف، الحصين، مريس، ردفان، ومنتديات الصعيد الطلابي، وأرخبيل سقطرى، والطالب المهري، والمجلس العام لطلاب السكن الجامعي) ستظل الصوت المدافع عن حقوق الطلاب، داعين الجميع إلى التكاتف لإنقاذ التعليم “قبل أن يصبح رماداً في ذاكرة وطن خذل شبابه”.