الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

معهد أمريكي: تهديد الحوثيين بمثابة “كش ملك” للوجستيات العسكرية الأمريكية ويجب توفير هذه البدائل

تهدد أزمة البحر الأحمر قدرة أمريكا على الانتشار السريع وإمداد قواتها في الشرق الأوسط وخارجه، وفقاً للرؤية الأمريكية، لذلك ترى واشنطن أن الحل قد يكون مزيجاً من الحلول اللوجستية والتدابير العسكرية والجهود الدبلوماسية.

يقول “جيمس إي شيبرد”، وهو زميل عسكري في معهد واشنطن للعام 2024-2025، إن الدور الحاسم لهذا الممر المائي في التجارة العالمية “معروف جيداً”، فهو يسهل نقل سلع بقيمة تريليون دولار سنوياً، إضافة إلى 30% من حركة الحاويات في العالم، ومع ذلك فهو يعمل أيضاً كطريق عبور رئيسي للخدمات اللوجستية العسكرية المشحونة تجارياً، مما يتيح النشر السريع والفعال للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.

ويرى أن تعطيل هذين الدورين من قِبل “الحوثيين” يمثّل تحدياً مباشراً لما تقول الولايات المتحدة إنه “مصلحة وطنية أساسية”.

التحدي الاستراتيجي لأمريكا

وفقاً لاطلاع بقش على معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث أمريكي موالٍ لإسرائيل ويقع مقره في واشنطن، فإن التهديد يكمن في تهديد حركة المرور في البحر الأحمر والموانئ السعودية الرئيسية مثل جدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وتُعزى تكتيكات الحوثيين التي تشمل الضربات الدقيقة بالطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، إلى نطاقٍ واسع من التدريب الإيراني والمعدات وغيرها من أشكال الدعم وفقاً للمعهد.

رداً على هذا التهديد، واصلت السفن العسكرية المتحالفة اجتياز باب المندب، إلا أن العديد من شركات الشحن التجارية اضطرت إلى اتخاذ الطريق الأكثر تكلفة مالياً وبيئياً حول رأس الرجاء الصالح.

لذلك فإن قدرات الحوثيين تعيق السرعة بالغة الأهمية للوجستيات العسكرية، مما يثير التساؤل عما إذا كان الحوثيون قد “كبحوا” واشنطن وشركاءها في البحر الأحمر بشكل فعال.

وتعتمد الولايات المتحدة على الشحن التجاري لنقل ما يصل إلى 80% من العتاد الدفاعي، وإلى جانب قدرات النقل البحري للجيش، يمكن لوزارة الدفاع “البنتاغون” الوصول إلى السفن المملوكة للقطاع الخاص أثناء الأزمات من خلال اتفاقية النقل البحري الطوعي متعدد الوسائط، وبالتالي تعزيز مرونتها وخفض التكاليف وضمان الانتشار السريع في المسارح البعيدة.

تحويل السفن يرفع التكاليف

هذا الاعتماد الكبير على الشحن التجاري يحتاج إلى خطوط إمداد آمنة لحركة اللوجستيات العسكرية دون عوائق أثناء عمليات الطوارئ، ونظراً للموارد المحدودة للبحرية الأمريكية فإنه لا يمكن حماية كل شحنة غير مسلحة بمرافقة.

وحتى السفن المرافقة تعرضت للهجوم من وقت لآخر في البحر الأحمر، وبالنتيجة فإن استمرار التهديد البحري للحوثيين سيكون له تداعيات خطيرة على أي عمليات طوارئ تكون فيها الخدمات اللوجستية حاسمة للمهام.

على سبيل المثال، إذا اتخذت شحنة نفط من البحر العربي إلى روتردام طريق رأس الرجاء الصالح البديل، فستحتاج إلى نحو 15 يوماً إضافياً وقرابة “مليون دولار” من الوقود الإضافي، لذا فمن المتوقع أن تعاني الشحنات اللوجستية في الاتجاه المعاكس من تأخيرات مماثلة.

وحتى لو كانت شركات النقل التجارية على استعداد للمخاطرة بتجنب هذا التأخير من خلال عبور البحر الأحمر، فإن التأمين ضد مخاطر الحرب يمكن أن يرفع التكاليف بنسبة 1% تقريباً من قيمة الهيكل.

وبالنسبة لواشنطن وحلفائها فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا ستجعل هذا الخيار غير عملي بالنسبة للسيناريوهات التي تتطلب حركة سريعة وآمنة للموارد العسكرية عبر مسارح العمليات الشاسعة.

وتتطلب الطبيعة العالمية لمنافسة القوى العظمى من البنتاغون نقل الأصول بين المسارح الأوروبية والوسطى والمحيطين الهندي والهادئ حتى في الظروف العادية وسيكون استخدام باب المندب إلزامياً كلما أصبحت هذه التحولات ملحة.

وترى واشنطن أن النقل البحري هو أكثر وسائل النقل فعالية من حيث تكلفة الخدمات اللوجستية العسكرية، أما الجسر الجوي فهو أكثر تكلفة إلا أن “البنتاغون” سيواصل استخدامه (النقل الجوي) لإعادة التموضع الاستراتيجي الفوري للقدرات عالية القيمة.

البديل البري و”الممر الإماراتي الإسرائيلي”

نظراً لقدرة الحوثيين على استخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار، فإنه يمكنهم استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر وجزء كبير من البحر العربي وشمال المحيط الهندي، رغم أن ضرب السفن المتحركة من مسافة بعيدة يمثل تحدياً.

وتكون السفن أكثر عرضة للخطر أثناء تفريغ البضائع في الميناء، ومع ذلك بمجرد نقل البضائع المذكورة إلى شاحنات أو طائرات أو مركبات أخرى للنقل داخل المسرح، تتضاءل فرص الحظر.

لذلك يمكن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل، إضافةً إلى باب المندب، للتخفيف من تهديد الحوثيين.

تقترح الشبكة العربية العابرة لوزارة الدفاع 300 عقدة لوجستية (مطارات وموانئ بحرية ومراكز أرضية) في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن.

فمثلاً، يمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة، وحينها يمكن أن تتحرك حمولتها جواً أو براً. ورغم أن جدة تقع في مرمى نيران الحوثيين، إلا أن إدخال هذه الطرق وغيرها من الطرق البديلة من شأنه أن يخلق معضلات استهداف للجماعة ويوفر عملية صنع قرار أمريكية أكثر مرونة وفقاً للمعهد.

ويمكن التعامل مع آلاف الأطنان يومياً إذا تم إبرام الاتفاقيات الجمركية، مما قد ينافس حجم التجارة اليومية لمضيق هرمز في الخليج العربي، لكن لا يزال في الوقت الحالي مقيداً بقضايا المقاولين، وحدود الشحن العسكرية، وضعف تكامل الوسائط المتعددة، وجهود التبسيط غير المكتملة حسب قراءة بقش للتقرير.

هناك خيار آخر، وهو “الممر البري الإماراتي الإسرائيلي”، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي عبر الأردن و السعودية و البحرين و الإمارات، ويصل إلى الخليج العربي، ويتجنب البحر الأحمر تماماً وفقاً لما تناوله “بقش” في وقت سابق في أكثر من تقرير.

وتعمل شركتا النقل -شركة Trucknet الإسرائيلية وشركة PureTrans الإماراتية- بالفعل على طول الطريق، وقد يتم ترشيحهما بشكل رئيسي للتعاقد مع الجيش الأمريكي.

وقد تم تجهيز الممر حالياً للتعامل مع قرابة 350 شاحنة يومياً، وهو ما ينافس أو يتجاوز الفكرة السابقة.

ومهما كانت الخيارات التي تختارها واشنطن، ستكون البدائل المرنة ضرورية طالما أن الشحن البحري معرض للتهديد، يقول الموقع، ويضيف: “من خلال مزيد من الاستكشاف والتدابير الأمنية المناسبة مثل زيادة الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكل من الطرق البرية، بما فيها الممر الإماراتي الإسرائيلي، تلبية هذه المتطلبات، وتغطية متطلبات النقل العسكرية في الشرق الأوسط، وربما تقليل أوقات التسليم إلى مواقع في الأردن و الكويت والسعودية والإمارات”.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش