أخبار الشحن
أخر الأخبار

خبراء يحذرون من تداعيات العقوبات الأمريكية على خارطة الشحن العالمية

منذ وطأت قدماه مجدداً أروقة البيت الأبيض، لم يتوان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تصدر المشهد السياسي والاقتصادي بإعلاناته المتلاحقة، كان أبرزها إعلانه عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية التي من شأنها إعادة رسم ملامح التجارة الدولية.

ففي مطلع شهر فبراير الماضي، وبعد أيام قليلة من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة للمرة الثانية، أصدر الرئيس السابع والأربعون ثلاثة أوامر تنفيذية تقضي بفرض رسوم إضافية بنسبة 25% على الواردات القادمة من كل من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين.

وباستثناء صادرات الطاقة الكندية، التي ستخضع لتعريفة جمركية بنسبة 10%، فقد تم تطبيق هذه الرسوم الجديدة على جميع الواردات التي تم إدخالها للاستهلاك أو سحبها من المستودعات لهذا الغرض اعتباراً من الدقيقة الأولى بعد منتصف ليل الرابع من فبراير بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وفي تصريح للصحفيين بتاريخ الثامن من فبراير، أكد الرئيس ترامب أن الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم الأمريكية قد دخلت حيز التنفيذ على مستوى البلاد.

وفي هذا السياق، يستعرض هذا التقرير كيف يمكن أن تؤثر هذه الإجراءات الحمائية التي تبنتها إدارة الرئيس ترامب على صناعة الشحن العالمية، التي تعتبر شريان الحياة للاقتصاد العالمي.

ردود فعل دولية غاضبة على قرارات ترامب الجمركية
لم تتأخر ردود الفعل الدولية على إعلانات الرئيس ترامب بشأن الرسوم الجمركية، حيث أبدت كل من المكسيك وكندا والصين استياءً بالغاً وتعهدت بالرد على هذه الإجراءات.

فقد أكدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم على صمود بلادها في مواجهة هذه الإجراءات الحمائية، بينما صرح مسؤول حكومي رفيع المستوى في كندا بأن بلاده ستتحدى هذا القرار عبر القنوات القانونية الدولية المتاحة.

من جانبها، أعلنت الصين أيضاً عن رفضها لهذه الرسوم، حيث ذكرت وزارة المالية الصينية، وفقاً لتقارير استخباراتية جيوسياسية، أن بكين تتحرك لفرض رسوم بنسبة 15% على الفحم والغاز الطبيعي المسال الأمريكي، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على النفط الخام وبعض المركبات والمعدات الزراعية.

وفي تصريح له من المكتب البيضاوي، دافع الرئيس ترامب عن قراراته قائلاً: “هذا أمر كبير، إنها بداية لجعل أمريكا غنية مرة أخرى. إن أمتنا تحتاج إلى تصنيع الفولاذ والألمنيوم في أمريكا، وليس في بلدان أجنبية”.

في المقابل، وصف فرانسوا فيليب شامبين، وزير الابتكار الكندي، الرسوم الجمركية بأنها “غير مبررة على الإطلاق”، مضيفاً في منشور على منصة X: “يدعم الفولاذ والألمنيوم الكنديان صناعات رئيسية في الولايات المتحدة، من الدفاع وبناء السفن والسيارات. سنواصل الدفاع عن كندا وعمالنا وصناعاتنا”.

تأثير الولاية الثانية لترامب على قطاع الشحن العالمي: استقراء من التجربة السابقة
قبيل تولي الرئيس ترامب منصبه لولاية ثانية، كان خبراء سلسلة التوريد يرون أن قطاع الشحن العالمي على أهبة الاستعداد للتعامل مع الرسوم الجمركية الجديدة، مع ضرورة أن يولي المشاركون في شحن الحاويات عبر القارات اهتماماً خاصاً لإعلانات العقوبات الأمريكية.

ورغم أن التقييم الحقيقي للأثر سيستغرق بعض الوقت، فقد استعرضت مصادر مختلفة فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى لاستخلاص تصور حول ما يمكن توقعه خلال الفترة الحالية.

فعلى سبيل المثال، خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، كان له تأثير ملحوظ على كل من أسعار شحن الحاويات الفورية وتوقيت الاستيراد. فقد عمد المستوردون إلى تقديم مواعيد شحن البضائع في النصف الثاني من عام 2018 سعياً لتجنب المواعيد النهائية للرسوم الجمركية، مما أدى إلى ارتفاع مؤقت في أسعار الشحن الفورية قبل أن يؤثر ذلك على الأسعار في عام 2019 بسبب فائض المخزون. والسؤال المطروح الآن: هل يمكن تكرار هذه النتائج خلال عامي 2025 و2026؟

وفي هذا السياق، يتوقع الخبراء أن يشهد عام 2025 ظاهرة “تحميل مسبق” لم نشهدها من قبل، حيث يسارع المستوردون إلى شحن بضائعهم قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ بشكل كامل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في أحجام الشحن وأسعار النقل على بعض المسارات التجارية.

توقعات بتحميل مسبق وتداعيات محتملة على سلاسل الإمداد
من المتوقع أن يؤدي فرض هذه الرسوم الجمركية الجديدة إلى موجة من التحميل المسبق غير المسبوقة في عام 2025، حيث يسعى المستوردون إلى جلب بضائعهم قبل أن تصبح أكثر تكلفة بسبب التعريفات الجديدة. هذا الاندفاع المؤقت في أحجام الشحن قد يؤدي إلى ازدحام في الموانئ وارتفاع مؤقت في أسعار الشحن الفورية على بعض المسارات الرئيسية، خاصة تلك المتجهة إلى الولايات المتحدة من الدول المتأثرة بالرسوم.

ومع ذلك، على المدى الطويل، قد تؤدي هذه الرسوم إلى اضطراب في أحجام الشحن وسلاسل التوريد العالمية، على غرار ما حدث خلال ولاية ترامب الأولى. فإذا لجأت الدول المتضررة إلى فرض رسوم انتقامية على الصادرات الأمريكية، فقد يشهد الطلب على الشحن ومساراته تغيراً ملحوظاً. كما أن حالة عدم اليقين التجاري الناتجة عن هذه الإجراءات الحمائية قد تثبط الاستثمار وتبطئ النمو الاقتصادي العالمي، مما ينعكس سلباً على حجم التجارة الدولية وبالتالي على قطاع الشحن.

في المقابل، قد تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز بنيتها التحتية التجارية الداخلية، من خلال زيادة الاستثمار في الموانئ والممرات المائية الداخلية، بهدف تحسين كفاءة التجارة المحلية والدولية على المدى الطويل. إلا أن تأثير هذه الاستثمارات على تعويض الآثار السلبية للرسوم الجمركية على حجم التجارة الدولية لا يزال غير واضح. يبقى أن نشهد كيف ستتكيف الشركات وسلاسل التوريد العالمية مع هذه التغيرات الجديدة في السياسات التجارية، وما إذا كانت ستظهر مسارات تجارية جديدة أو تحالفات اقتصادية بديلة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك تجاري رئيسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى