
الاقتصاد العربي | بقش
أقرت واشنطن رسمياً رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا والسماح بالتعامل مع رئيسها أحمد الشرع بعد أن كان مدرجاً بالعقوبات تحت اسم أبو محمد الجولاني، لتزعُّمه ما عُرف سابقاً بـ”جبهة النصرة”، وقد أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية الترخيص العام رقم 25 لسوريا لتخفيف العقوبات المفروضة وإجراء المعاملات المحظورة.
ورُفعت العقوبات عن أحمد الشرع، ووزير الداخلية أنس خطاب، والمصرف المركزي السوري، والخطوط الجوية السورية، وشركة سيترول، والمصرف التجاري السوري، ومؤسسة النفط، والشركة السورية لنقل النفط، والشركة السورية للغاز، والمصرف العقاري، ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وشركة مصفاة بانياس، وشركة مصفاة حمص، والمصرف الزراعي التعاوني، والمصرف الصناعي، ومصرف التسليف الشعبي، ومديرية الموانئ السورية، وشركات الملاحة البحرية وفق اطلاع بقش.
كما أعلنت الخارجية الأمريكية عن إعفاء لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة بموجب “قانون قيصر” لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات، وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه. حيث سيتيح الترخيص العام رقم 25 فرصاً استثمارية جديدة وأنشطة في القطاع الخاص السوري.
رفع العقوبات مشروط بالتطبيع
هذا التطور جاء بعد أن اشترط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الشرع في السعودية الانضمام لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، غير أن دمشق وتل أبيب كانتا قد قطعتا بالفعل العديد من الخطوات في مسار التطبيع، بدءاً من تصاعد الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا واحتلال قوات برية إسرائيلية أراضي في جنوب غرب سوريا، مروراً بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات، وصولاً إلى تأكيد الشرع على الاستعداد لمناقشة إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في حين لا تزال مساحات واسعة من الأراضي السورية تحت احتلال الإسرائيليين.
بالتالي بدا رفع العقوبات عن سوريا -التي بدأت لأول مرة عام 1979- بمثابة مقايضة استغلتها واشنطن، كلي ذراع للسوريين، للقبول بالتطبيع. كما اشترط ترامب على الشرع مغادرة المسلحين الأجانب وترحيل من وصفهم بـ”الإرهابيين الفلسطينيين”، ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم داعش.
وتشير تحليلات مرصد “بقش” إلى أن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا يتيح المجال أمام زيادة نشاط المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا وتشجيع الاستثمار الأجنبي والتجارة ودخول الشركات العالمية مع إعادة إعمار البلاد، إلا أن الولايات المتحدة فرضت طبقات من الإجراءات على سوريا وعزلتها عن النظام المصرفي الدولي وحظرت العديد من الواردات الدولية، وهو ما يجعل المستثمرين على درجة ضرورية من الحذر تجاه استثمارات القطاع الخاص.
تأهيل واشنطن للشرع سياسياً.. و”الحكم يتطلب تقديم تنازلات”
من جهة أخرى أثار السفير الأمريكي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، جدلاً واسعاً بعد أن كشف عن لقاء جمعه بأحمد الشرع، في إطار مسعى غير معلن لتحويله من “عالم الإرهاب إلى عالم السياسة”.
أوضح فورد أن مؤسسة بريطانية غير حكومية، متخصصة في حل النزاعات، دعته عام 2023 للمشاركة في ما وصفه بعملية “إعادة تأهيل” الشرع، وتردد فورد كثيراً في قبول الدعوة، قائلاً إنه كان يتخيّل نفسه “مرتدياً بدلة برتقالية اللون، وسكيناً موجهاً إلى رقبته” في إشارة إلى الوضع الذي يكون عليه الضحايا المقتولين على أيدي الجماعات الإرهابية كداعش. لكن فورد قَبِل في نهاية المطاف، بعد حديثه مع عدد من الأشخاص الذين التقوا بالشرع ضمن المبادرة نفسها.
وقتها، في أول لقاء في مارس 2023، قال فورد للجولاني: “لم أتخيل في حياتي أنني سأجلس بجانبك يوماً ما”. ورد الجولاني بلطف: “ولا أنا”.
وقال أحمد الشرع للسفير الأمريكي السابق فورد، إنه يتعلم أن الحكم يتطلب تقديم تنازلات. ورداً على تصريحات فورد هذه، قال وزير الخارجية السوري الحالي، أسعد الشيباني، إن ما حدث في 08 ديسمبر (سقوط نظام الأسد) هو إنجاز سوري بامتياز، جاء ثمرة لصمود شعب دفع ثمناً باهظاً في سبيل حريته وكرامته، رغم حجم الخذلان الذي تعرض له.