
تقارير | بقش
بحسب ما نشرته صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، تشهد مبيعات الشقق الجديدة في إسرائيل انهياراً غير مسبوق، حيث انخفضت بأكثر من 50% خلال الربع الثاني من 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
أكبر عشر شركات عقارية باعت مجتمعة 562 شقة فقط، مقابل 1,159 في الربع الثاني من 2024. وحتى بالمقارنة مع الربع الأول من العام الجاري، الذي شهد بيع 791 شقة، تراجع السوق بنحو 29%.
التقرير، الذي اطلع عليه مرصد بقش، يؤكد أن هذا الانخفاض لم يعد مجرد ظاهرة مؤقتة، بل يعكس أزمة ممتدة تهدد أحد أكبر القطاعات الاقتصادية في إسرائيل. شركات بارزة مثل Acro وTzemach Hammerman وShikun & Binui سجّلت تراجعاً تجاوز 80% من مبيعاتها، فيما خسرت شركات أخرى مثل Aura وAzorim نحو نصف حجم مبيعاتها.
الأزمة شملت مختلف أنحاء البلاد، من تل أبيب وحيفا التي سجلت أسوأ التراجعات بنسبة 65%، إلى نتانيا والخضيرة ورحوفوت حيث انخفضت المبيعات بين 50 و60%، فيما شهدت القدس تراجعاً تراوح بين 30 و40%. وزارة المالية أكدت أن الانخفاض مستمر للشهر الثالث على التوالي، خاصة بعد دخول قيود بنك إسرائيل على مزايا التمويل للمشترين حيّز التنفيذ.
الضغوط المعيشية تتضاعف مع تغيّر في العقلية الاستثمارية
الأزمة العقارية لا تنفصل عن الأوضاع المعيشية المتدهورة. فقد أعلنت إدارة الوقود والغاز في وزارة الطاقة – وفقاً لما نقلته كالكاليست – عن رفع سعر لتر البنزين 95 أوكتان بمقدار 9 أغورات، ليصل إلى 7.16 شيكل للتر، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل الماضي. هذا الارتفاع جاء بعد تحديث ضريبة الإنتاج (التي أضافت 6 أغورات للتر)، وارتفاع السعر العالمي، وتعويض انخفاض سعر صرف الدولار.
وتوضح مديرة إدارة الوقود والغاز، باتشيفا أبو حاتسيرة، أن هذه الزيادة انعكست أيضاً على خدمة التزوّد الكاملة، لترتفع بمقدار أغورة إضافية لتبلغ 25 أغورة للتر. وبحسب الصحيفة الاقتصادية، فإن هذه القفزة تمثل عبئاً إضافياً على الأسر التي تعاني أصلًا من ارتفاع أسعار العقارات، وتراجع القدرة الشرائية في ظل الحرب والركود الاقتصادي.
الأزمة الحالية كسرت القناعة الراسخة في إسرائيل بأن “أسعار العقارات لا تنخفض”. فبعد سنوات من الصعود المستمر، يتسرب إلى وعي الجمهور أن الأسعار قد تتراجع فعلاً. هذا التحول النفسي، حسب قراءة بقش، يهدد بتعميق الركود، حيث أصبح كثيرون يتريثون أو يمتنعون عن الشراء، ما يضاعف أزمة الشركات العقارية.
قطاع العقارات يمثل رافعة للنمو في الاقتصاد الإسرائيلي، ويرتبط بعشرات الصناعات الأخرى من الإسمنت والحديد إلى البنوك وشركات التمويل. ومع تراجع المبيعات وتزامنها مع ارتفاع تكاليف المعيشة مثل الوقود، يخشى اقتصاديون من أن تدخل البلاد في دوامة أوسع تشمل ضعف سوق العمل وتراجع إيرادات الضرائب وارتفاع المخاطر على البنوك حسب متابعة بقش. ويرى مراقبون أن الجمع بين أسعار فائدة مرتفعة، وحرب مستمرة، وضغوط معيشية متصاعدة، قد يدفع السوق إلى مرحلة ركود عميق وصعب التعافي منه.
ختاماً، يتضح أن أزمة العقارات في إسرائيل لم تعد مجرد أرقام في جداول المبيعات، بل تحولت إلى مرآة تعكس هشاشة الاقتصاد تحت ضغط الفائدة المرتفعة، وتداعيات الحرب المستمرة، وتكاليف المعيشة المتصاعدة.
فالتباطؤ في شراء الشقق، وارتفاع أسعار الوقود، وتراجع الاستثمار الأجنبي، كلها إشارات متراكمة تنذر بمرحلة أكثر صعوبة، حيث يواجه صانع القرار اختباراً مزدوجاً: حماية الاستقرار المالي من جهة، واستعادة ثقة المستثمرين والمستهلكين من جهة أخرى. وفي غياب حلول جذرية، قد يتحول التباطؤ الحالي إلى حلقة أعمق من الركود يصعب كسرها مستقبلاً.