بسبب المناخ وأزمات البنية التحتية في أمريكا | أزمة مياه في أكبر اقتصاد بالعالم

تبرز في الولايات المتحدة الأمريكية حالياً أزمة جديدة تهدد بتفاقم مشاكل المياه وأهمها “نقص العمالة الماهرة في قطاع المياه”، وسط تغير المناخ وازدياد أزمات البنية التحتية في #أمريكا.
فالبنية التحتية للمياه في أمريكا تحتاج إلى استثمارات ضخمة تُقدَّر بـ630 مليار دولار خلال الـ20 سنة المقبلة وفق اطلاع بقش على أحدث البيانات بهذا الشأن، في الوقت الذي تمثّل في هذه المشكلة تحدياً كبيراً أمام قدرة #واشنطن على الحفاظ على مياه الشرب النظيفة وأنظمة الصرف الصحي الفعالة.
قطاع المياه في أزمة
يشير تقرير لوكالة بلومبيرغ الأمريكية إلى أن 50% تقريباً من العاملين في قطاع المياه الأمريكي (وعددهم نحو 1.7 مليون شخص) سيصلون إلى سن التقاعد خلال العقد المقبل، في حين أنّ نحو 88% من مشغّلي محطات معالجة المياه يبلغون من العمر 45 عاماً أو أكثر، مقارنةً بمتوسط وطني يبلغ 45% في القطاعات الأخرى.
ووفق قراءة بقش تقرير بلومبيرغ فإنّ هذا النقص يعكس غياب خطط الخلافة المناسبة (التوظيف اللاحق) للعاملين، خصوصاً في المناطق الريفية، فالمجتمعات المحلية تفتقر إلى الموارد اللازمة لتوظيف عامل جديد وتدريبه في الوقت الذي يعمل فيه عامل مؤهل.
وفي بعض المجتمعات الصغيرة جداً في أمريكا، قد تتشارك أكثر من قرية في مشغل مياه مرخص واحد فقط، وهو ما يزيد من أعباء أكبر اقتصاد في العالم.
الاستثمار والمناخ والعمالة: أعباء صعبة
حسب مراجعة بقش لبيانات وكالة حماية البيئة الأمريكية لعام 2024، فإنّ البنية التحتية للمياه بأمريكا بحاجة إلى نحو 630 مليار دولار خلال السنوات العشرين المقبلة، وهي استثمارات ضخمة تمثّل زيادةً بنسبة 73% مقارنة بتقديرات عام 2012، وذلك كله يعكس مدى التدهور الذي شهدته البنية التحتية الأمريكية وسط استمرار وتزايُد الضغوط عليها.
وإضافةً إلى الحاجة لهذه الاستثمارات الضخمة، فإن هناك مسألة هامة أخرى هي “التغيرات المناخية” التي تزيد من تحديات قطاع المياه الأمريكي.
ففي سبتمبر الماضي انقطعت المياه لأكثر من 50 يوماً عن سكان مدينة أشفيل في ولاية #كارولينا_الشمالية، وذلك عقب إعصار “هيلين”. كما انخفض مستوى المياه بمقدار 14 قدماً في قرية وايتهول (وايتهال) بمدينة #نيويورك، بسبب الجفاف، وهو ما عطّل الحياة اليومية في القرية وأجبر المدارس على الإغلاق.
في نيويورك نفسها تؤدي التحولات في أنماط هطول الأمطار إلى مشكلات إضافية، وتقول بلومبيرغ إن هطول الأمطار بدلاً من تساقط الثلوج يجعل المياه أكثر تلوثاً نتيجة الجريان السطحي، إذ يتم الحصول على المياه النظيفة جداً من ذوبان الثلوج، لكن مياه الجريان السطحي الناتجة عن العواصف الشديدة تشكل تحدياً كبيراً.
وتُضاف إلى هذه الأزمات، أزمة العمالة الماهرة ونقص الخبرة، فالمياه تمر بسلسلة من العمليات تشمل معالجات الأوزون لإزالة المعادن الثقيلة مثل الحديد والمنغنيز، وإضافة الكلور لقتل البكتيريا، ومرورها عبر فلاتر متعددة الطبقات من الرواسب والرمال.
ولا يرتبط الأمر فقط بأن يكون العاملون حاصلين على مؤهلات وشهادات، بل يرتبط بالخبرة العملية. والمناصب التي تحتاج إلى شغل تشمل أعمال الصيانة وإدارة محطات معالجة المياه وإصلاح خطوط المياه، وجميعها تقدم أجوراً تنافسية، لكن الوعي بهذه الفرص لا يزال ضعيفاً للغاية وفقاً للمسؤولين الأمريكيين.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون بأنهم لم يروّجوا لأهمية قطاع المياه الأمريكي كما ينبغي تاريخياً، وهو ما فاقم من أزمات المياه التي يعيشها السكان المحليون في مختلف المناطق الأمريكية.
وعلى سبيل المبادرة الإصلاحية المتأخرة، تتبنّى عدة مؤسسات أمريكية حالياً إطلاق برامج تدريبية جديدة للتصدي لأزمة المياه، ومنها الرابطة الأمريكية للمياه الريفية التي قامت بإطلاق برنامج للتدريب المهني لجذب العمالة الشابة، وكذا شركة “فيوليا نورث أمريكا” التي فتحت في 2023 أكاديميتها التدريبية لمساعدة المتدربين على اجتياز اختبارات الشهادات الحكومية.