الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

جحيم الصيف يستعر في عدن… +20 ساعة بلا كهرباء

الاقتصاد المحلي | بقش

لأكثر من 20 ساعة في اليوم الواحد تنقطع الكهرباء عن مدينة عدن وسط انهيار التوليد في المحطات والعجز الكبير الذي يهدد استقرار الحياة اليومية في مدينة أرهقتها الأزمات المعيشية والمالية.

“جارنا في الحافة، الرجل البسيط، اضطر لرهن بعض أمتعته، ليقضي ثلاث ليالٍ في فندق صغير تحت المكيف، حتى لا تتعفن جراحه وقد خرج للتو من عملية جراحية. كانت كلفة تلك الليالي تفوق راتبه الشهري بثلاثة أضعاف، بعد أن انهارت العملة المحلية وأضحى متوسط مرتب الفرد الشهري لا يتجاوز ما يعادل مئة ريال سعودي فقط”، يقول الصحفي عبدالرحمن أنيس.

ويضيف: ومن يدري كم من المرضى المسنين في الحوافي الأخرى غادروا المستشفى دون مأوى بارد، فتألموا في صمت، وماتوا كما يموت الفقراء دائماً، دون أن يشعر بهم أحد”.

يعبّر ذلك عن قساوة الأزمة الخانقة التي تمر بها عدن، في الوقت الذي تصمت فيه الحكومة تماماً عن الكارثة. فالتوليد الحالي للكهرباء لا يتجاوز 85 ميجاوات في محطة الرئيس العامة بالنفط الخام، في حين خرجت كافة محطات التوليد العاملة بالديزل والمازوت تقريباً عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، وهو ما أدى إلى توقفها، وقياساً على قدرة 85 ميجاوات، تحتاج عدن إلى قرابة 700 ميجاوات لتغطية الأحمال وتشغيل المدينة بشكل مستمر على مدار 24 ساعة وفق معلومات بقش، ما يعني وجود عجز فعلي يقدّر بـ615 ميجاوات.

ويُسلط الضوء على محطة الرئيس وأسباب عدم عملها بكامل طاقتها باعتبارها المحطة الوحيدة التي تعمل في الوقت الحالي، إذ تصل طاقتها الكاملة إلى 264 ميجا.

ويؤكد ناشطون، مثل الصحفي أنيس، أن محطة الرئيس لتعمل بكامل طاقتها تحتاج إلى ما لا يقل عن 25 قاطرة نفط خام يومياً، لكن ما يصل بالفعل لا يتجاوز 8 قواطر في اليوم فقط، وذلك نظراً لعدد من العوامل، أبرزها أن رئيس حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش، بالكاد يسمح بمرور 3 قواطر يومياً ويوقفها أحياناً إذا توترت علاقته مع الحكومة أو المجلس الانتقالي، في حين يتم إرسال 3 قواطر يومياً وأحياناً قاطرتين فقط من مأرب، وكذلك في قطاع العقلة بشبوة يتم الاعتماد على المخزون المتبقي من القطاع المتوقف عن الإنتاج، ويقارب المخزون على النفاد.

ولا يطيق المواطنون انقطاع الكهرباء لما بين 16 إلى 20 ساعة وسط الحر الشديد الذي يدفع البعض، وخصوصاً المسنين، إلى افتراش الأرصفة والأرض في الشارع بحثاً عن نسمات هواء باردة، في حين تتعالى صرخات الأطفال من البيوت بسبب الحر.

الكهرباء شريان حياة مقطوع

وليست الكهرباء في عدن مجرد مرفق عام، بل شريان حياة وفق تعبير الأمم المتحدة، وبات انهيار البنية التحتية للكهرباء في المدينة حالة طوارئ يومية، لا سيما للنساء. انقطاعات الكهرباء التي تصل إلى 20 ساعة يومياً، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن تغير المناخ والتي تتجاوز 40 درجة مئوية، لا تُعطل الخدمات الأساسية فحسب، بل تُفاقم أيضاً العنف القائم على النوع الاجتماعي وتُعمّق أوجه عدم المساواة القائمة.

وحولت هذه الأزمة المُتفاقمة المهام الروتينية إلى مخاطر صحية، وجعلت الحصول على خدمات الحماية شبه مستحيل. واعتباراً من شهر يونيو الماضي، تُوفر شبكة كهرباء عدن أقل من أربع ساعات من الكهرباء يومياً، حيث تعاني 85% من الأحياء من انقطاعات تتراوح بين 18 و20 ساعة.

وتعاني العديد من الأنظمة من ضعف في الطاقة، أو سوء الصيانة، أو الأعطال، أو عدم القدرة على تلبية الاحتياجات التشغيلية الكاملة. ونتيجةً لذلك، تتأخر الخدمات الحيوية، أو تتعطل، أو تُلغى تماماً.

المجلس الانتقالي يتنصل

من جانب آخر، وسط الأزمة يتساءل اقتصاديون عن أسباب تنصل المجلس الانتقالي من الضلوع في الأزمة، حيث يصر على الاستمرار في ممارسة دور المعرض في مواقفه التنكرية تجاه الأزمات المستفحلة التي تعيشها عدن والمناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرته وإدارته المحلية، وينسى أنه شريك رئيسي بالحكومة ولديه نصف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وفقاً للخبير الاقتصادي ماجد الداعري.

ويضيف الداعري: “كيف لإعلامه أن يتجاهل أنّ وزارة الكهرباء العبثية اليوم، ضمن حقائبه الوزارية بقيادة مانع النهدي الذي لم تعد له أي علاقة أو دور بالكهرباء الغائبة تماماً عن عدن بشكل غير مسبوق في تاريخ المدينة العريقة الغارقة اليوم أيضاً في كل الأزمات والنكبات المختلفة، إلا من خلال ظهوره أحياناً، وعلى استحياء، بين الوزراء في اجتماعات الحكومة المتعثرة على كل المستويات، رغم أنه من اختار وطلب مبادلة وزارته السابقة (الأشغال العامة) بوزارة الكهرباء، كونه يمتلك الخبرات والدراية الكافية بهذا الملف من خلال إدارته سابقاً لكهرباء ساحل حضرموت لعام وبضعة أشهر، كما كان يعتقد”.

ويشار إلى أن السلطات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي في عدن تمنع المتظاهرين من الخروج في احتجاجات تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية، والتي تطالب بتحسين الخدمات بما فيها الكهرباء. ويتعرض المتظاهرون للقمع بالقوة من جانب السلطات الأمنية وفقاً لقرار أمني سابق باستخدام القوة ضد المتظاهرين لمنع الاحتجاجات، ورغم ذلك عبّر الانتقالي مراراً عن تأييده للاحتجاجات وفق متابعات بقش، في تصريحات تُبرز تناقضاً واضحاً غير مفسر.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش