منتدى قطر الاقتصادي الخامس: الدوحة ترسم ملامح مستقبلها الاستثماري في ظل استراتيجية ترامب “الاقتصادية الجريئة” تجاه الخليج

الاقتصاد العربي | بقش
انطلقت اليوم الثلاثاء، 20 مايو 2025، في العاصمة القطرية الدوحة، أعمال النسخة الخامسة من منتدى قطر الاقتصادي، الذي يعقد هذا العام تحت شعار “الطريق إلى 2030.. تحويل الاقتصاد العالمي”.
ويأتي هذا الحدث الاقتصادي البارز في وقت تسعى فيه قطر لترسيخ مكانتها كلاعب محوري ليس فقط في أسواق الطاقة العالمية ودبلوماسية الوساطة، بل كوجهة استثمارية جاذبة، وذلك في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية كبرى تلقي بظلالها على المنطقة والعالم.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، “محمد بن عبد الرحمن آل ثاني”، على الأهمية المتزايدة لمنصات الحوار كمنتدى قطر، مشيراً إلى أن “التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى تؤكد الحاجة الملحة لصياغة موقف جماعي لمواجهة التحديات”.
وأوضح أن طموح قطر يتجاوز كونها “شريكاً موثوقاً في الطاقة والدبلوماسية” ليشمل بناء “اقتصاد عالمي أكثر توازناً”، وأن تصبح الدوحة “منطقة تتلاقح فيها الأفكار وتتقاطع فيها المصالح”، وهو ما انعكس في تحقيق الاقتصاد القطري نمواً حقيقياً بنسبة 2.4% العام الماضي.
وفي خطوة عملية لتعزيز هذا التوجه، كشف الشيخ محمد بن عبد الرحمن عن إطلاق “الحزمة الأولى من مجموعة الحوافز للمستثمرين”، بالإضافة إلى الإعلان عن “مشروع جديد يطمح للعالمية خلال هذا العام”.
هذه المبادرات تأتي في سياق اقتصادي إقليمي ودولي شديد الحساسية، لا سيما في أعقاب الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، والتي شملت قطر والسعودية والإمارات.
تلك الزيارة، التي وصفها رئيس الوزراء القطري بأنها “كانت مميزة وبحثنا خلالها الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي”، أعقبتها تصريحات للرئيس ترامب أشار فيها إلى أنه تمكن من تأمين التزامات اقتصادية واستثمارية ضخمة من هذه الدول، قدرها البعض بتريليونات الدولارات، ضمن ما يصفه مراقبون بـ”سياسة ترامب الاقتصادية النشطة تجاه دول الخليج”، والتي تركز على تعظيم التدفقات المالية والاستثمارية نحو الاقتصاد الأمريكي.
وقد رحب الشيخ محمد بن عبد الرحمن بالأولوية التي تحظى بها منطقة الشرق الأوسط والخليج لدى إدارة ترامب، قائلاً: “سعيدون لأن الشرق الأوسط ومنطقة الخليج يحظيان بالأولوية لدى إدارة ترامب”.
هذا التصريح يكتسب أهمية خاصة عند النظر إليه من منظور اقتصادي، حيث تسعى دول الخليج، ومن ضمنها قطر، إلى مواءمة خططها التنموية الطموحة مع متطلبات الشركاء الدوليين الرئيسيين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من التركيز الاقتصادي للمنتدى، لم تخلُ كلمة رئيس الوزراء من الإشارة إلى التحديات الإقليمية، حيث أكد أن “الأولوية يجب أن تكون لمنح الشعوب الخارجة من الصراعات المجال لبناء فرصة أفضل”. وفيما يتعلق بحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، جدد التأكيد على أن “القصف الإسرائيلي يقوض فرص السلام”، وأن قطر تواصل جهود الوساطة مع الولايات المتحدة ومصر.
وفي شأن آخر، أشار إلى وجود “زخم إيجابي” في المفاوضات الأمريكية الإيرانية، وأن “ترامب يحاول تفادي تصعيد مع إيران، وهذا إيجابي”، كاشفاً عن جهود قطرية بالتنسيق مع إيران وسلطنة عمان لـ”ردم الهوة بين واشنطن وطهران”.
ويبقى منتدى قطر الاقتصادي منصة هامة ليس فقط لعرض الفرص الاستثمارية في قطر، ولكن أيضاً كمؤشر على كيفية تفاعل اقتصادات المنطقة مع الديناميكيات العالمية المتغيرة، بما في ذلك التوجهات الاقتصادية للإدارات الأمريكية المتعاقبة وسعيها لتعزيز مصالحها في منطقة الخليج الغنية بالموارد.