نقابة الصرافين الجنوبيين تتهم بنك عدن المركزي بالتورط في فوضى الصرافة.. والمواطنون ضحايا مضاربات منظمة

الاقتصاد المحلي | بقش
أصدرت نقابة الصرافين الجنوبيين بياناً لاذعاً اتهمت فيه قيادة البنك المركزي اليمني في عدن بالعجز والتواطؤ، وحمّلت المحافظ “أحمد المعبقي” ووكيل قطاع الرقابة “منصور راجح” المسؤولية الكاملة عن خسائر المواطنين الناتجة عن المضاربات الواسعة التي شهدها السوق خلال يومي 30 و31 أغسطس 2025.
النقابة اعتبرت أن الأموال التي أعلن البنك المركزي استحواذه عليها من عمليات المصارفة لا يمكن اعتبارها ملكاً له، بل هي حقوق انتُزعت من المواطنين تحت ضغط المضاربة. ودعت إلى إعادة هذه الحقوق عبر آلية واضحة تشمل إصدار سندات أو وثائق تثبت قيمة المعاملات، أو الاستعانة بكاميرات المراقبة في حال غياب الفواتير. وأكدت أن أي محاولة لضم هذه الأموال إلى حسابات البنك دون ضمان حقوق الناس تمثل انتهاكاً صارخاً للعدالة.
وطالبت النقابة وفق اطلاع بقش بتشكيل لجنة مستقلة عن قيادة البنك المركزي تضم النيابة العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد والسلطات المحلية، بهدف مراجعة جميع العمليات المصرفية خلال فترة المضاربة وتوثيق أسماء المتضررين. وأوضحت أن هذه الخطوة هي “الاختبار الحقيقي لجدية الإصلاح” والطريق الوحيد لاستعادة ثقة الناس بالقطاع المصرفي.
اتهامات مباشرة للبنك المركزي والبنوك الكبرى
في لهجة غير مسبوقة، اتهم البيان قيادة البنك المركزي بالانحياز لكبار المضاربين، وترك السوق لـ36 ساعة كاملة دون تدخل، بينما خسر المواطنون مدخراتهم. وأشارت النقابة إلى أن التوقيفات التي طالت العشرات من منشآت الصرافة الصغيرة لم تكن سوى “غطاء للتستر على البنوك الكبرى المتورطة”، والتي ظلت في مأمن من المساءلة رغم دورها المباشر في المضاربات.
وبحسب البيان الذي حصل بقش على نسخة منه، فإن ما جرى في أغسطس ليس حادثاً عابراً بل جزء من سلسلة طويلة من المضاربات الممنهجة التي تحولت إلى “نهج ثابت” منذ تعيين المعبقي وراجح قبل أربعة أعوام. وذكرت النقابة أن العملة شهدت تقلبات غير طبيعية من 200 ريال سعودي حتى 770 ريالاً ثم هبوطاً مفاجئاً إلى 425 ريالاً، مؤكدة أن هذه التحولات جاءت بـ”فعل فاعل” ومن دون أي دعم خارجي أو دخول إيرادات حقيقية إلى البنك المركزي.
البيان فتح أيضاً ملف “الحوالات المنسية”، وهي مبالغ ضخمة مجمّدة في شبكات التحويل منذ أشهر وسنوات دون أن تصل إلى أصحابها. واعتبرت النقابة أن هذه القضية لا تقل خطورة عن المضاربات، لأنها تكشف عن تواطؤ البنك المركزي مع شبكات مالية نافذة تحوّل التحويلات إلى أداة ابتزاز وضغط على المواطنين والمغتربين.
ولم يخلُ البيان من انتقادات للإعلام، إذ اتهم بعض الصحفيين بالمساهمة في تضليل الرأي العام عبر روايات تبرئ البنوك الكبرى وتُلقي اللوم على الصرافين الصغار وحدهم. ووصفت النقابة هذا الدور بأنه “تواطؤ يخدم الفساد على حساب المجتمع”.
المطالب الأساسية للنقابة
النقابة طالبت بإجراءات عاجلة أبرزها: إخضاع البنوك الكبرى للتفتيش الشامل عن تعاملاتها بين 25 يوليو و10 أغسطس، ويومي 30 و31 أغسطس بشكل خاص، وتشكيل لجنة شفافة ومستقلة من خارج البنك المركزي للتحقيق وإعلان النتائج للرأي العام. كما طالبت بمحاسبة المتورطين الحقيقيين من داخل البنك المركزي والبنوك النافذة، بدل التضحية بالصرافين الصغار كـ”كبش فداء”.
وختم البيان بمطالبة مجلس التعاون الخليجي بدعم البنك المركزي بعدن بأشخاص ذوي كفاءة ونزاهة بعيداً عن الأحزاب والمصالح الضيقة، محذّراً من أن استمرار الوضع الراهن “سيجعل الفوضى قدراً مفروضاً على الناس يدفعون ثمنه من جيوبهم كل يوم”.
البيان الصادر عن نقابة الصرافين عزّز شعور المواطنين بأن البنك المركزي لم يعد جهة محايدة تحمي أموالهم، بل طرف متورط في الفوضى. هذا الانطباع يهدد ثقة المودعين البسطاء، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من السيولة المتداولة في السوق يعتمد على ثقة الناس في الصرافة كبديل للبنوك. استمرار هذه الأزمة قد يدفع شريحة واسعة إلى الاحتفاظ بالنقد خارج النظام المصرفي، ما يقلل من قدرة المؤسسات المالية على إدارة السيولة.
تأثير مباشر على التحويلات الخارجية
اليمن يعتمد بشكل كبير على تحويلات المغتربين كمصدر أساسي للعملة الصعبة. ومع تكرار الأزمات في قطاع الصرافة، هناك مخاوف من أن يتجه المغتربون إلى قنوات غير رسمية أو شبكات خارجية لتحويل الأموال، هرباً من احتمال فقدان مدخراتهم وفق قراءة بقش. وأي تراجع في حجم التحويلات الرسمية سيضع ضغطاً إضافياً على احتياطيات النقد الأجنبي ويزيد من هشاشة الاقتصاد الوطني.
المستثمرون في الداخل، سواء في الأنشطة التجارية أو الصناعية، يتأثرون بشكل مباشر بغياب الاستقرار النقدي. بيان النقابة الذي يصف السوق بأنه رهينة لشبكات مصالح داخل البنك المركزي يعمّق المخاوف من أن القرارات المالية غير محايدة. هذا قد يدفع التجار والمستثمرين المحليين إلى تقليص نشاطهم، أو زيادة الاعتماد على الدولار كوسيلة حماية، ما يعزز الدولرة الجزئية في الاقتصاد.
أما على المستوى الخارجي، فإن مثل هذا البيان الذي يحمّل القيادة النقدية تهمة التواطؤ مع المضاربين يضر بشدة بسمعة القطاع المالي اليمني. المستثمرون الدوليون وصناديق التنمية والمانحون ينظرون إلى استقرار النظام المصرفي كشرط أساسي لأي تمويل أو شراكة.