
أخبار الشحن | بقش
لم تعد الصين مجرد سوق ناشئة في صناعة التأمين البحري، بل تحولت إلى مركز أساسي لتأمين هياكل السفن، وفق ما أعلنه إلياس تساكيريس، الرئيس التنفيذي لشركة American Hellenic Hull، خلال مؤتمر الاتحاد الدولي للتأمين البحري المنعقد في سنغافورة.
قال تساكيريس إن الصين باتت تستحوذ على نحو 12% من أقساط هياكل السفن العالمية، مستفيدة من نمو أسطولها التجاري الضخم وصعود شركات التأمين المحلية. ووفق اطلاع مرصد “بقش” أشار إلى أن “مراكز التأمين التقليدية مثل دول الشمال الأوروبي والمملكة المتحدة وسنغافورة ما تزال مهمة، لكنها لا تتوسع بنفس وتيرة الصين”.
ارتفعت أقساط التأمين الإجمالية لقطاع التأمين على هياكل السفن بنسبة 3.5% في 2024 لتصل إلى نحو 9.67 مليار دولار. لكن هذا الاستقرار يخفي، بحسب تساكيريس، تدهوراً في الشروط وضعفاً في الأسعار، إذ تلجأ بعض الشركات إلى تقديم تخفيضات مزدوجة الأرقام حتى في التغطيات الإضافية (مثل خسارة الإيجار وزيادة القيمة)، في محاولة للحفاظ على حصتها السوقية، ما يجعل السوق أكثر عرضة للمخاطر.
وأضاف: “الهامش الجماعي للقطاع يتضاءل في وقت تتزايد فيه المخاطر”، مشيراً إلى أن المنافسة الشرسة بين الشركات قد تقوّض الانضباط السعري وتضعف قدرة السوق على امتصاص الخسائر الكبرى.
مخاطر جديدة مع السفن العاملة بالوقود البديل
يشهد دفتر الطلبات العالمي تحولاً كبيراً نحو السفن العاملة بالوقود المزدوج والوقود البديل، وهي تكنولوجيا تحمل ملفات مخاطر مختلفة عن السفن التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري. هذا يستدعي، وفق اطلاع بقش على آراء الخبراء، إعادة النظر في نماذج التسعير وإدارة المخاطر، مع تصاعد التوجه العالمي نحو التحول الأخضر.
رغم انخفاض عدد الحوادث البحرية، إلا أن شدة المطالبات في ارتفاع، حيث تمثل أعطال الآلات السبب الرئيسي للخسائر. كما ارتفعت المطالبات المتعلقة بالطقس، في ظل اضطرار السفن إلى تغيير مساراتها حول رأس الرجاء الصالح لتفادي هجمات البحر الأحمر.
وتبرز شيخوخة الأسطول العالمي كمصدر قلق آخر، حيث كانت أكثر من نصف الخسائر البشرية في 2024 مرتبطة بسفن يزيد عمرها عن 20 عاماً، وفي 40% من الحالات كانت الأعمار تتجاوز 25 عاماً حسب بيانات جمعها بقش. وغالباً ما يكون إصلاح هذه السفن غير مجدٍ اقتصادياً، ما يزيد من احتمالات إعلانها خسائر إجمالية.
أوروبا تحتفظ بالصدارة.. لكن آسيا تلحق سريعاً
ما تزال أوروبا تستحوذ على النصيب الأكبر من السوق بنسبة 52.9% من الأقساط المكتوبة، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 34.9%. إلا أن صعود الصين المتسارع يعيد تشكيل التوازنات، ويهدد احتكار المراكز التقليدية.
توسع الصين في سوق التأمين البحري يعكس تحولاً موازياً لصعودها في التجارة العالمية. لكن هذا النمو يأتي في وقت يواجه فيه القطاع ضغوط أسعار وتكاليف إصلاح متزايدة ومخاطر جيوسياسية، من البحر الأحمر إلى التغير المناخي.
في النهاية، قد تعيد هذه التغيرات رسم خريطة التأمين البحري العالمي، حيث تتقدم آسيا بخطوات واسعة، بينما تضطر أوروبا للحفاظ على مكانتها عبر تعزيز الانضباط السعري وابتكار أدوات جديدة لإدارة المخاطر.