الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

معركة عض الأصابع.. الحرب الجديدة القادمة في أسعار النفط بين “أوبك+” والولايات المتحدة

الاقتصاد العالمي | بقش

في خطوة جديدة لاستعادة نفوذها المفقود، أطلق تحالف أوبك+ حملة إنتاجية موسعة تهدف إلى تقييد نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي، الذي يشكل تهديداً مباشراً على حصتها السوقية.

وبينما تعمل المملكة العربية السعودية وروسيا على تنسيق استراتيجيتهما، تظهر بوادر توتر في العلاقات داخل التحالف نفسه بسبب ارتفاعات غير مخطط لها في الإنتاج.

وقد أصبحت الحرب الاقتصادية بين أوبك+ والولايات المتحدة أكثر حدة مما كانت عليه منذ سنوات، فمنذ عقد من الزمان، كان المنتجون الأمريكيون قادرين على التكيف بسرعة مع انخفاض الأسعار بفضل التطورات التكنولوجية التي خفضت تكاليف الإنتاج، لكن اليوم، مع ارتفاع التكاليف وتباطؤ النمو في المناطق عالية الجودة مثل حقل برميان، يجد المنتجون الأمريكيون أنفسهم أمام تحدي أكبر من أي وقت مضى.

فبينما تحتاج شركات النفط الصخري الأمريكية إلى أسعار تزيد عن 65 دولاراً للبرميل لتحقيق الربحية، يمكن لأوبك+ – وخاصة السعودية وروسيا – العمل بتكاليف أقل بكثير، تتراوح بين 3 إلى 20 دولاراً للبرميل حسب متابعة بقش، وهذه الفجوة الكبيرة في التكلفة تعطي أوبك+ ميزة استراتيجية لا يمكن إنكارها في أي مواجهة مستقبلية.

حرب الأسعار: السلاح الأخير؟

مع تصاعد الضغوط على منتجي النفط الصخري، بدأت محادثات ضمنية حول إمكانية اللجوء إلى حرب أسعار. وحسب مصادر متعددة في “أوبك+”، فإن توجيه ضربة قوية لمنتجي النفط الصخري يتطلب خفض أسعار النفط العالمية إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، وهو مستوى قد يكون مؤلماً حتى للسعودية، لكن يبدو أنه قابل للتحمل إذا كان ذلك يعني الحفاظ على السيطرة على السوق.

أحد المصادر المطلعة قال لرويترز إن “الفكرة ليست فقط في خفض الأسعار، بل في إثارة حالة من عدم اليقين لدى المنافسين، مما سيؤثر بشكل مباشر على خطط الاستثمار لديهم”.

ومن جانبها، أعربت روسيا عن دعمها الكامل لهذا التوجه، مشيرة إلى أن نمو الإنتاج الأمريكي هو العامل الرئيسي في اختلال توازن السوق، وقال مصدر روسي رفيع المستوى: “إن استمرار هذا النمو يعني تآكل مكاسبنا جميعاً، سواء كنا في أوبك أو خارجها.”

وتُظهر الأرقام التي يتتبعها بقش مدى تغير المشهد النفطي العالمي خلال العقد الماضي، حيث زاد الإنتاج الأمريكي بنسبة أكثر من 60% ليصل إلى 22.71 مليون برميل يومياً في عام 2024.

بينما بلغ إنتاج “أوبك+” 32.39 مليون برميل يومياً، في حين أن حصتها السوقية تراجعت من 40% قبل عشر سنوات إلى أقل من 25% اليوم، رغم أن “أوبك+” ككل تسيطر الآن على نحو 48% من إنتاج النفط العالمي، لكن هذه النسبة تتأثر بالتوسع الأمريكي المستمر.

آخر المنتجين الصامدين

بينما تشهد الولايات المتحدة نمواً في إنتاجها النفطي، فإن أوبك+ ترى نفسها في أفضل وضع لمواجهة أي انهيار محتمل في السوق، وتؤكد السعودية أنها ستكون آخر منتج صامد في أي مواجهة، بفضل تكلفة إنتاجها المنخفضة ودعمها المالي القوي.

وقال أحد المسؤولين السعوديين لرويترز “نمتلك الموارد والقدرة على تحمل التكاليف، وهو أمر لا يتوفر لدى الجميع”.

ليس النفط فقط الذي يؤثر على المعادلة، بل أيضاً السياسات الجمركية الأمريكية. فسياسات الرئيس ترامب، التي أدت إلى تضخم عالمي، ساهمت في زيادة التكاليف التشغيلية على الشركات الأمريكية. كما أن التعريفات المرتفعة جعلت من الصعب على المنتجين الصغار البقاء في السوق، خاصة في ظل تراجع أسعار النفط.

تداعيات على الاقتصاد العالمي

لا تقتصر آثار هذه الحرب على منتجي النفط فحسب، بل تمتد إلى الاقتصادات الكبرى التي تعتمد على عائدات النفط، إذ تحتاج روسيا إلى أسعار تزيد عن 77 دولاراً للبرميل لتحقيق توازن ميزانيتها، بينما تتطلب السعودية أسعاراً أعلى من 90 دولاراً.

ومع ذلك، تشير بعض المؤشرات إلى أن “أوبك+” مستعدة للقبول بأسعار أقل لفترة مؤقتة، حتى لو احتاجت إلى الاقتراض لتغطية العجز.

وفي الوقت الذي تواصل فيه “أوبك+” زيادة إنتاجها بهدوء، تبقى الولايات المتحدة تراقب عن كثب كيف ستتطور الأمور، ففي سوق النفط العالمي، لا توجد حروب مباشرة، لكن كل خطوة تُتخذ هي لعبة في ملعب الاستراتيجيات، حيث يعتمد الفائز على من يستطيع التحمل الأطول.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش