منوعات
أخر الأخبار

“هواوي” تقود الصين نحو الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات.. طفرة جديدة في الذكاء الاصطناعي

تستعد شركة هواوي تكنولوجيز، بحسب تقارير غربية، لبدء شحنات جماعية من شريحة الذكاء الاصطناعي (AI) المطورة حديثاً “Ascend 910c” داخل الصين اعتباراً من شهر مايو المقبل، في خطوة من شأنها أن تكثف بشكل كبير التنافس التكنولوجي المشحون بالفعل بين بكين وواشنطن.

وفقاً لتقرير صادر عن وكالة رويترز وتحليل للتحولات الأخيرة في السوق والصناعة، يمثل هذا التطور خطوة كبيرة في حملة الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال أشباه الموصلات وسط عقوبات أمريكية واسعة النطاق.

أحدث الإعلان عن شريحة Ascend 910c وتوقع طرحها، والتي يعتقد مراقبو الصناعة أنها تقدم قوة حوسبة قد تنافس العروض المتطورة من العملاق الأمريكي “إنفيديا”، موجات فورية في الأسواق المالية العالمية.

فقد شهدت أسهم إنفيديا، الشركة الرائدة حالياً في قطاع رقائق الذكاء الاصطناعي المربح، انخفاضاً بنسبة تتراوح بين 6-7% تقريباً عبر جلسات التداول التي أعقبت الأنباء الأولية وفق متابعات بقش، مما محا قرابة 150 مليار دولار من قيمتها السوقية، وهي ضربة قوية للشركة التي بلغت قيمتها 2.5 تريليون دولار.

يأتي هذا التطور بعد فترة وجيزة من اتخاذ بكين خطوات حاسمة، بحسب تقارير، لفصل صناعة الرقائق المحلية عن اللاعبين الدوليين الرئيسيين. ففي يناير 2025، أعلنت الصين حظراً على التعاملات التجارية المستقبلية مع شركة ASML الهولندية العملاقة لمعدات الطباعة الحجرية الضوئية، وشركة TSMC التايوانية، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم.

جاءت هذه الخطوة في أعقاب إجراءات سابقة، تأثرت بالضغوط الأمريكية، حيث ألغت الحكومة الهولندية تراخيص ASML لخدمة آلات تصنيع الرقائق المتقدمة المثبتة بالفعل في الصين (مما أثر على معدات تقدر قيمتها بنحو 15 مليار دولار)، وتوقفت TSMC عن قبول طلبات جديدة من الشركات الصينية بسبب التوترات الجيوسياسية والخوف من العقوبات الأمريكية.

تحول استراتيجي للصين

يفسر محللو الصناعة هذه الإجراءات ليس فقط كرد فعل على القيود الأمريكية، ولكن كعناصر في تحول استراتيجي أساسي من قبل بكين. وتبدو الصين مصممة على بناء نظام بيئي تكنولوجي يعتمد على الذات، ومستقل عن الموردين ونقاط الاختناق الغربية، مدفوعة بحملة استثمار ضخمة تدعمها الدولة.

بين عامي 2022 و2025، أطلقت الصين خطة لتطوير الرقائق تقدر قيمتها، بحسب تقارير، بنحو 143 مليار دولار، موجهة الأموال إلى مسابك جديدة ومبادرات بحثية وبرامج تدريب المهندسين في جميع أنحاء البلاد.

تُبرز قدرة هواوي على تطوير شريحة Ascend 910c واحتمالية إنتاجها بكميات كبيرة على الرغم من العقوبات الأمريكية الواسعة، التقدم المحرز في إطار حملة الاكتفاء الذاتي هذه.

في الوقت الراهن يقال إن الشريحة تستفيد من تقنيات تصميم مبتكرة، حيث تجمع بين اثنين من معالجات Ascend 910B من الجيل السابق لهواوي. ومن المفهوم أن الإنتاج يتضمن التعاون مع المسبك الرائد في الصين، شركة SMIC (شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية)، باستخدام تقنيات الطباعة الحجرية الضوئية العميقة بالأشعة فوق البنفسجية (DUV) المتقدمة، مثل النقش المتعدد (multi-patterning)، للتعويض عن عدم الوصول إلى أحدث آلات الطباعة الحجرية بالاشعة فوق البنفسجية المتطرفة (EUV) التي تنتجها شركة ASML حصرياً.

وكانت النجاحات السابقة، مثل شريحة 7 نانومتر التي شغلت هاتف هواوي Mate 60 Pro الذكي الذي تم إصداره في أواخر عام 2024، قد أظهرت بالفعل قدرة الصين على التقدم على الرغم من الحواجز التكنولوجية حسب اطلاع بقش على التقارير.

ويبدو أن شريحة Ascend 910c مصممة لملء فجوة السوق التي أوجدتها ضوابط التصدير الأمريكية الأخيرة التي تمنع إنفيديا من بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة H20 للعملاء الصينيين. وهذا يؤكد على احتمالية أن تؤدي القيود الأمريكية، التي تهدف إلى كبح التقدم التكنولوجي للصين، إلى تسريع الابتكار المحلي عن غير قصد وخلق فرص للشركات المحلية الرائدة مثل هواوي.

زيارة الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، الأخيرة إلى الصين، والتي ربما كانت تهدف إلى الحفاظ على العلاقات التجارية، تبدو الآن أقل جدوى في ضوء التحدي الوشيك من هواوي.

ضربة للشركات الغربية

تمتد التداعيات إلى ما هو أبعد من إنفيديا. حيث تشعر شركات التكنولوجيا الغربية الأخرى التي تعتمد على السوق الصينية أو سلسلة التوريد بتأثير الانفصال. وقد أبلغت إنفيديا عن ضربة كبيرة في الإيرادات في الربع الأول من عام 2025، تُعزى إلى حد كبير إلى تقييد وصولها إلى السوق الصينية. وشهدت شركة “كوالكوم” انخفاضاً ملحوظاً في شحنات شرائح الجيل الخامس (5G)، وواجهت شركة “آبل” تأخيرات مرتبطة، بحسب تقارير، بمشاكل مع الموردين الصينيين.

ومما يزيد من تصعيد التوترات، نفذت بكين مؤخراً قيوداً مضادة خاصة بها، حيث أعلنت عن ضوابط على تصدير المواد الخام الحيوية اللازمة لإنتاج أشباه الموصلات، مثل الغاليوم والجرمانيوم وفق متابعة بقش لهذا الملف. تمنح هذه الخطوة الصين نفوذاً كبيراً على سلاسل التوريد العالمية التي تعتمد بشكل كبير على هذه المواد، مما يقلب الطاولة فعلياً باستخدام تكتيكات مماثلة لتلك التي استخدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لفترة طويلة.

يشير التقاء التطورات التكنولوجية لهواوي، وانفصال الصين الاستراتيجي عن الموردين الغربيين مثل ASML وTSMC، وضوابط التصدير الجديدة التي فرضتها بكين، إلى تجزئة متزايدة للمشهد التكنولوجي العالمي.

يحذر المحللون من ظهور مجالين تكنولوجيين متميزين –أحدهما بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها والآخر يتمركز بشكل متزايد حول الصين– مما يخلق نوعاً جديداً من “الستار الحديدي التكنولوجي”.

هذا السباق عالي المخاطر من أجل التفوق التكنولوجي، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي الحاسم، من المقرر أن يعيد تشكيل التجارة العالمية والقوة الاقتصادية وربما التوازنات العسكرية في السنوات القادمة. يتحول التركيز الفوري الآن إلى حجم وكفاءة إنتاج شريحة 910c من هواوي ومعدل تبنيها داخل السوق الصينية الواسعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش