الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

أرامكو تدرس بيع أصول طاقة لجمع مليارات الدولارات: مخاطرة وسط ضغوط مالية ومتطلبات توسع اقتصادي غير مسبوق

الاقتصاد العربي – بقش

في خطوة تعكس تحركاً ملحوظاً لموازنة الاحتياجات المالية والاستثمارية، تدرس شركة أرامكو السعودية، عملاق الطاقة العالمي، بيع عدد من أصولها التشغيلية في قطاع الطاقة، ضمن توجه استراتيجي لتحرير سيولة تُمكّن من دعم أهداف الدولة الاقتصادية في ظل بيئة مالية أكثر تحدياً.

وبحسب معلومات لرويترز، اطّلع عليها مرصد بقش، فإن أرامكو تُجري مراجعة لعرض ما يصل إلى خمس محطات كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي للبيع، وهي أصول تُمثل جزءاً من البنية التحتية الأساسية لتغذية منشآتها الصناعية، وتُقدَّر قيمة هذا الطرح المحتمل بما يقارب 4 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات أولية من مصادر مطلعة تحدثت إلى “رويترز”.

الخطوة تأتي في وقت تسعى فيه المملكة لتأمين مصادر تمويل جديدة ومتنوعة تدعم مسارات الإنفاق الحكومي على مشاريع استراتيجية كبرى، وسط ضغوط مرتبطة بتقلبات أسواق النفط، وعجز مالي ملحوظ في الميزانية العامة، رغم بقاء أرامكو بين أكثر الشركات ربحية عالمياً.

وتُظهر البيانات التي تابعها مرصد بقش أن الحكومة السعودية سجلت عجزاً يتجاوز 30 مليار دولار خلال عام 2024، على الرغم من تسجيل أرامكو أرباحاً سنوية تخطت 199 مليار دولار، وهو ما يشير إلى تنامي حجم النفقات الرأسمالية التي تتطلب حلولاً مالية مرنة خارج إطار العائدات النفطية التقليدية.

وتسعى الحكومة، عبر هذه الاستراتيجية، إلى موازنة أولوياتها الاقتصادية، حيث يجري تمويل مشروعات طموحة كـإكسبو 2030 العالمي وكأس العالم لكرة القدم 2034، بالإضافة إلى مبادرات المدن الذكية والقطاعات غير النفطية ضمن رؤية السعودية 2030، وقد بدأت الدولة في استقطاب رأس المال المحلي والدولي، بما في ذلك توسيع عمليات الطرح والتخصيص لأصول مملوكة لجهات حكومية.

تحت هذا الإطار، تدرس أرامكو أيضاً خيارات بيع أو تصفية أصول إضافية تشمل مجمعات سكنية، خطوط أنابيب، وبنية تحتية مينائية، وفق مصادر مطّلعة تحدثت إلى “رويترز”، ولم تصدر الشركة حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن الخطة أو توقيت تنفيذها.

لماذا تقوم أرامكو ببيع أصولها؟

في ظل التباطؤ النسبي في أسعار النفط العالمية، تسعى أرامكو إلى تنويع أدواتها التمويلية، وكانت قد أصدرت في مايو الماضي سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، كما قامت بمراجعة توزيعات أرباحها السنوية، لتخفضها هذا العام بنحو الثلث، في مؤشر على حرصها على الحفاظ على توازن مالي داخلي أكثر حذراً.

ويُنظر إلى خيار بيع الأصول بوصفه جزءاً من سياسة مالية مرنة تهدف إلى تحويل بعض الممتلكات الثابتة إلى سيولة قابلة لإعادة التوظيف في قطاعات استراتيجية أو دعم الخزانة العامة، دون المساس بقدرة الشركة التشغيلية.

وتشير بيانات طالعها مرصد بقش إلى أن أرامكو تمتلك كلياً أو جزئياً 18 محطة طاقة كهربائية تعمل بالغاز، توفر الدعم التشغيلي لمصافيها ومحطاتها داخل المملكة، ومن المتوقع دخول محطات جديدة الخدمة هذا العام، مثل مشروع تناجيب، ما يزيد من تنوع الأصول القابلة للتقييم.

ويُرجّح أن تكون شركات المرافق العامة السعودية في طليعة المهتمين بهذه الأصول، في ظل توجّه رسمي نحو زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل البنى التحتية.

ورغم أن السعودية لا تزال تحتفظ باحتياطيات مالية قوية وقدرة اقتراض عالية، إلا أن التحركات الأخيرة – ومنها هذه الصفقة المحتملة – تعكس حرصاً واضحاً على إدارة الموارد بكفاءة أعلى، والاستعداد لتقلبات السوق العالمية، خصوصاً في ظل استمرار الالتزامات المالية الضخمة على مدى السنوات القادمة.

وتبقى عملية بيع أصول أرامكو – حال إتمامها – اختباراً فعلياً لتوازن الدولة بين طموحها الاستثماري وحاجتها إلى إدارة الإنفاق العام بحكمة، خصوصاً مع اتساع فجوة التكاليف في ظل اقتصاد يمر بمرحلة تحول جذرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش