الاقتصاد المحلي | بقش
أعلنت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في صنعاء عن إغلاق أبواب كلٍّ من المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي، في خطوة وصفت بالمؤلمة على الصعيد الثقافي، وذلك نتيجة عجز الهيئة عن توفير النفقات التشغيلية الأساسية.
وأوضحت الهيئة في بيانها أن قرار الإغلاق جاء نتيجة تراكم الالتزامات المالية، وعلى رأسها أجور الموظفين وفواتير الكهرباء، مؤكدة أن هذه الظروف خارجة عن إرادتها. وأشارت إلى أنها تعمل على بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد حلول عاجلة تُمكّنها من استئناف العمل وفتح المتاحف أمام الزوار في أقرب وقت.
يمثل المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي من أبرز واجهات الذاكرة الثقافية في اليمن، إذ يضمان مقتنيات أثرية وتاريخية نادرة، تجسد مراحل مختلفة من حضارة البلاد الممتدة لآلاف السنين. ويُنظر إلى المتحفين باعتبارهما جسراً يربط الأجيال الحاضرة بماضيها العريق، ما يجعل إغلاقهما حدثاً مثيراً للقلق لدى الأوساط الثقافية والمهتمين بالتراث.
يقول أحد الباحثين في التراث اليمني إن “المتحف الوطني كان بمثابة الكتاب المفتوح الذي يروي قصة اليمن للأجيال القادمة، وإغلاقه اليوم لا يعني فقط توقف نشاط ثقافي، بل هو تهديد لذاكرة وطن بأكمله”.
أثار القرار ردود فعل واسعة بين المثقفين والمهتمين بالشأن العام، الذين عبّروا عن أسفهم العميق لهذا التطور. وتساءل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي: كيف يمكن لدولة ذات تاريخ حضاري ضارب في القدم أن تعجز عن تأمين ميزانية تشغيلية لمتاحفها الوطنية؟
آخرون اعتبروا أن الأزمة تعكس حجم الإهمال الذي يواجهه قطاع الثقافة والتراث في اليمن، مطالبين بسرعة التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
على الرغم من تأكيد الهيئة أنها تسعى لمعالجة الإشكاليات المالية، إلا أن مستقبل المتاحف يظل معلقاً بقدرة الجهات المعنية على توفير الدعم اللازم. ويخشى مراقبون أن يفتح الإغلاق الحالي الباب أمام خطر تلف المقتنيات الأثرية نتيجة انقطاع الصيانة والرقابة اليومية، فضلاً عن حرمان طلاب الجامعات والباحثين والجمهور العام من الاستفادة من هذه الواجهات الحضارية.
بين أزمة التمويل وتراجع الاهتمام الرسمي بالثقافة، يظل مصير المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي رهناً بمجهودات عاجلة، علّها تعيد فتح أبوابهما قريباً. وحتى ذلك الحين، يبقى التراث اليمني محجوباً خلف الأبواب المغلقة، ينتظر من ينقذه من النسيان.
