الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

وسط أزمة معيشية خانقة.. وفد نقابي من تعز يتوجه إلى عدن لمتابعة مستحقات المعلمين

في خطوة تعكس حجم المعاناة المتفاقمة التي يكابدها المعلمون في اليمن، توجه وفد نقابي رفيع المستوى من محافظة تعز، اليوم السبت، إلى عدن، لمتابعة حزمة من المطالب الحيوية للمعلمين والمعلمات، أبرزها صرف المرتبات المتأخرة لسنوات والتسويات والعلاوات، والمطالبة بإعادة النظر جذرياً في هيكل الأجور المتآكل بفعل الانهيار الاقتصادي.

ويتزامن ذلك مع إعلان نقابة المعلمين بمديرية المنصورة في عدن عن دعمها الكامل للمعلمين المتعاقدين المضربين عن العمل، منددة بما وصفته بـ”التجاهل والتهميش” الذي يتعرضون له حسب بيان النقابة الذي وصلت بقش نسخة منه.

ويقود المستشار عبدالعزيز سلطان، نقيب معلمي تعز، لجنة شكلها محافظ المحافظة التابع لحكومة عدن “نبيل شمسان”، وتضم مديري مكتبي المالية والخدمة المدنية وممثلي نقابات التعليم بالمحافظة.

وتحمل اللجنة ملفاً ثقيلاً من المطالب التي سبق أن صدرت بشأن بعضها توجيهات عليا من رئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي” ورئيس مجلس الوزراء “أحمد بن مبارك”، وتتعلق بصرف المرتبات المتأخرة منذ عامي 2016 و2017، وإنجاز التسويات المستحقة للمعلمين وفقاً لسنوات الخدمة، وصرف العلاوات السنوية بفوارقها، وتسوية أوضاع الكادر التربوي بشكل عام.

إلى جانب هذه المطالب الملحة، سيطرح نقيب معلمي تعز على المسؤولين في عدن ضرورة إعادة النظر في القيم المالية لدرجات سلم الأجور والمرتبات المحدد بالقانون رقم (43) لعام 2005 وفق معلومات بقش. وشدد بيان صادر عن نقابة تعز على أن هذا المطلب يأتي لمواجهة “الارتفاع الجنوني والمستمر للأسعار والوضع المعيشي المتردي للمعلمين والموظفين وعموم المواطنين”، خاصة مع الانهيار المريع للقيمة الشرائية للعملة الوطنية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها مقارنة بمطلع عام 2015.

كما ستطالب اللجنة بتفعيل قانون التأمين الصحي رقم (9) لعام 2011. ومن المقرر أن تلتقي اللجنة رئيس الوزراء ووزيري المالية والخدمة المدنية ومسؤولين آخرين، وسط آمال بأن تتكلل جهودها بالنجاح.

مسكنات “رخيصة” وحوافز لا تسد أبسط الاحتياجات

في سياق متصل، أعلنت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بمديرية المنصورة في عدن، وقوفها الكامل مع المعلمين والمعلمات المتعاقدين، مؤيدة بيانهم الصادر يوم 23 أبريل الجاري والذي عبر عن رفضهم لاستمرار “التجاهل والتهميش”.

النقابة اعتبرت أن صرف مبلغ 25 ألف ريال يمني فقط كـ”حافز” للمتعاقدين هو “إهانة غير مقبولة تمس كرامة كل معلم ومعلمة” ولا يتناسب إطلاقاً مع جهودهم وتضحياتهم اليومية. ورفضت النقابة بشكل قاطع محاولات تكليف المتعاقدين بمهام إضافية، مثل المراقبة في امتحانات الثانوية العامة، دون صرف مستحقاتهم المتأخرة كاملة، مؤيدة امتناعهم عن أداء أي مهام إضافية حتى إنصافهم مالياً ومهنياً، ومحملة الجهات المسؤولة تبعات هذا الوضع.

تأتي تحركات نقابات المعلمين هذه وسط أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة تعصف بالبلاد منذ سنوات. فقد أدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية، وانقسام مؤسسات الدولة، وتدهور حاد في قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، مع تجاوز سعر صرف الدولار الواحد في عدن مستوى 2500 ريال، مما أطلق العنان لموجات تضخم جامحة قضت على مدخرات المواطنين وجعلت أساسيات الحياة بعيدة عن متناول الأغلبية الساحقة، بمن فيهم الموظفون والمعلمون الذين وجدوا رواتبهم، إن وصلت، بلا قيمة حقيقية.

في هذا السياق، يعلق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي قائلاً: “إن مطالبة نقابة معلمي تعز بمراجعة قانون الأجور لعام 2005 ليست مجرد مطلب نقابي، بل هي صرخة تعبر عن واقع مرير، فالقانون وُضع في ظروف اقتصادية مختلفة تماماً، والتمسك به اليوم مع انهيار العملة وفقدانها لأكثر من 90% من قيمتها الشرائية يعني عملياً تكريس الفقر المدقع لشريحة حيوية كالتعليم”. مضيفاً: “الراتب الذي كان يعتبر مقبولاً في 2005 لا يكفي اليوم لتغطية نفقات أسرة لأيام معدودة”.

ويتابع الحمادي في حديث لـ”بقش” معقباً على قضية المتعاقدين، بقوله إن “التعامل مع المعلمين المتعاقدين بمنطق الحوافز الزهيدة التي لا تتجاوز 25 ألف ريال (ما يعادل أقل من 10 دولاراً في بعض المناطق) يعكس أزمة عميقة في إدارة الموارد أو أولويات الإنفاق الحكومي”.

ووفق “الحمادي” فإن ذلك يعد “شكلاً من أشكال الاقتصاد الزائف؛ فمحاولة توفير النفقات على حساب جودة التعليم وكرامة المعلم هي استثمار مباشر في الفشل المستقبلي للمجتمع، وهذا الوضع لا يشير فقط إلى عجز مالي، بل يكشف عن استهانة مقلقة بالدور المحوري للمعلم في بناء الأجيال”.

ويختتم الحمادي حديثه بالقول إن “معاناة المعلمين، سواء المثبتين الذين يطالبون برواتب متأخرة وتعديل الأجور، أو المتعاقدين الذين يطالبون بأبسط الحقوق والكرامة، سواءً في صنعاء أو في عدن هي جزء لا يتجزأ من الأزمة الوطنية الشاملة”.

معالجة المستحقات المتأخرة خطوة ضرورية، لكنها لن تكون كافية دون استراتيجية اقتصادية شاملة تعالج جذور التضخم، وتعمل على استقرار العملة، وتضع حداً للفساد والهدر، وتعيد بناء الثقة في مؤسسات الدولة. فالمعلمون، كغيرهم من المواطنين، بحاجة إلى حلول مستدامة وليس مجرد مسكنات مؤقتة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش