الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

أطاحت بقرار تسعيرة الخمسين ريالاً.. المخابز تعود للعمل في عدن بسعر 70 ريالاً لقرص الروتي

الاقتصاد اليمني | بقش

عادت المخابز في مدينة عدن إلى العمل بسعر 70 ريالاً لقرص الروتي، كما كان في السابق، بعد فشل محاولة رسمية لتخفيض السعر إلى 50 ريالاً، في واقعة تكشف عن فجوة الإدارة الاقتصادية.

جاء ذلك بعد أن تم إيقاف عمل المخابز والأفران مؤقتاً، عقب صدور قرار من مكتب الصناعة والتجارة بتخفيض سعر قرص الروتي من 70 إلى 50 ريالاً.

لكن التسعيرة الجديدة وفقاً لمالكي المخابز والأفران لم تُبنَ على دراسة شاملة للتكاليف الفعلية التي تتحملها المخابز، ولا على حوار جاد مع أطراف العملية الإنتاجية، وهو ما جعل القرار يبدو أقرب إلى إجراء إداري معزول عن معادلات السوق، منه إلى سياسة تنظيمية قابلة للتنفيذ.

فشل القرار الرسمي

قال مكتب وزارة الإعلام بعدن اليوم الخميس، في منشور اطلع عليه “بقش”، إن قرار التسعيرة الجديدة اصطدم بصعوبات كبيرة حالت دون تطبيقه على أرض الواقع، في ظل عدم انسجامه مع التكاليف الفعلية لعملية الإنتاج، التي تشمل أسعار الدقيق والوقود والنقل والأجور التشغيلية.

وأشار المكتب إلى أن تجاهل الفارق الواضح بين كلفة الإنتاج وسعر البيع المحدد رسمياً جعل القرار غير قابل للاستمرار، وأسهم في حدوث حالة من الارتباك داخل السوق المحلي، انعكست سلباً على توفر الخبز خلال الفترة الماضية.

وبيّنت أن عودة المخابز للعمل بالتسعيرة السابقة جاءت كخطوة اضطرارية لتفادي تفاقم الأزمة وضمان استمرار توفير مادة الخبز للمواطنين، في ظل غياب حلول عملية ومستدامة تُوازن بين حماية المستهلك وضمان استمرارية عمل المخابز ضمن ظروف اقتصادية ومعيشية معقدة.

وتشير مصادر إلى أن أسعار الدقيق متأثرة بتقلبات العملة وتكاليف الاستيراد، بينما أسعار الوقود والطاقة -وهي عنصر حاسم في تشغيل الأفران- غير مستقرة، في حين أن عملية النقل والتوزيع داخل مدينة عدن تعاني من أعباء لوجستية متعددة.

وهذا الخليط من التكاليف جعل سعر 50 ريالاً غير قادر على تغطية الحد الأدنى من النفقات، فضلاً عن تحقيق هامش استمرارية، ما وضع المخابز أمام خيارين، إما العمل بخسارة أو التوقف.

ارتباك السوق المحلية

وكشف توقف المخابز الذي حدث بالفعل، عن هشاشة منظومة توفير السلع الأساسية، وأظهر كيف يمكن لقرار رسمي أن يربك السوق خلال أيام قليلة، مخلّفاً نقصاً في الخبز، وتوتراً في العلاقة بين المواطن والجهات الرسمية.

وفي تعليق لـ”بقش” قال الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي، إن أحد أخطر تداعيات القرار كان حالة الارتباك التي أصابت السوق المحلي، مضيفاً أن الخبز، بوصفه سلعة يومية أساسية، لا يحتمل التجارب السريعة ولا القرارات المتسرعة، وحين يتراجع المعروض، ولو لفترة قصيرة، تتسع دائرة القلق الشعبي، ويتحول ملف اقتصادي بسيط إلى أزمة اجتماعية.

وانعكس هذا الارتباك سلباً على المواطن، الذي وجد نفسه فجأة أمام أبواب مغلقة أو ساعات انتظار أطول، في مدينة لا تملك ترف الأزمات المفتوحة.

وأكد الحمادي على أن خفض الأسعار دون دعم الإنتاج، أو مراقبة سلاسل التوريد، أو تخفيف كلفة الوقود والنقل، يشبه الضغط على زر واحد في آلة معقدة.

وأشار إلى أن هذا الموقف يؤكد أن القرارات الاقتصادية لا تنجح بالأوامر بل بالدراسة والتشاور، وأن السلع الأساسية تحتاج معالجات خاصة تختلف عن بقية السلع، كما أن غياب الحلول المستدامة يجعل الأزمات تتكرر بأشكال مختلفة، على حد تعبيره.

إلى ذلك، تشير أزمة تسعيرة الروتي في عدن إلى أن إدارة معيشة الناس تحتاج إلى سياسات أكثر عمقاً من مجرد تخفيض شكلي في السعر، وخطط فاعلة تُدرك أن الاستقرار لا يُفرض بل يُصنع بتوازن دقيق بين الدولة والمنتِج والمستهلك.

وبعودة المخابز إلى العمل بالسعر السابق البالغ 70 دولاراً لقرص الروتي الواحد، يبقى السؤال معلقاً: إلى متى يستمر ارتفاع الأسعار؟. الوضع الراهن يؤكد أنه دون معالجة حقيقية لكلفة الإنتاج ودون دعم مدروس للسلع الأساسية، ستظل مثل هذه القرارات تدور في حلقة مفرغة، وتظل حياة الناس معلّقة بين باب مخبز مفتوح وقرار رسمي مغلق على الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى