الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

أفران عدن على حافة الهاوية: ارتفاع التكاليف يهدد بإغلاق شامل والمواطنون يترقبون

يواجه قطاع المخابز والأفران الحيوي في عدن أزمة خانقة تهدد بانهياره، وسط مخاوف متزايدة من إغلاق شامل قد يلقي بظلاله على الأمن الغذائي للمدينة، لا سيما فيما يتعلق بالخبز (الروتي) الذي يشكل وجبة أساسية لشريحة واسعة من السكان.

وتأتي هذه التطورات المقلقة نتيجة للدوامة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وعلى رأسها التدهور المستمر لقيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.

وقد عبر عدد من أصحاب المخابز والأفران عن قلقهم البالغ إزاء الخسائر المالية المتراكمة التي يتكبدونها يومياً. وأوضح ملاك المخابز أن “الارتفاع الجنوني في أسعار صرف العملات الأجنبية ألقى بعبء ثقيل على كاهلنا، حيث ارتفعت تكاليف جميع مدخلات الإنتاج بشكل لم نعد نستطيع تحمله”.

وتشمل هذه المدخلات مواد أساسية كالدقيق والزيت والخميرة، بالإضافة إلى تكاليف التشغيل الأخرى مثل الوقود اللازم للأفران، فواتير الكهرباء والمياه، إيجارات المحلات، وأجور العمالة، والتي شهدت جميعها زيادات كبيرة.

ويشير عاملون في القطاع إلى مفارقة مؤلمة؛ فبينما تتصاعد تكاليف الإنتاج بشكل حاد، يظل سعر بيع قرص الخبز للمستهلك ثابتاً عند مستواه منذ ما يقرب العام، دون أي تعديل يذكر.

وضرب صاحب مخبز آخر مثالاً صارخاً على حجم الزيادة، موضحاً أن “سعر كيس الدقيق قفز من حوالي 36 ألف ريال إلى ما يناهز 54 ألف ريال في فترة وجيزة، وهذا ينطبق على بقية المواد بنسب متفاوتة”.

هذا الوضع دفع بالعديد من المخابز إلى حافة الإفلاس، وأجبر بعضها على الإغلاق الفعلي، فيما تدرس أخرى بجدية اتخاذ الخطوة نفسها ما لم يتم تدارك الموقف عاجلاً.

وفي محاولة لإيجاد مخرج، قال رئيس جمعية المخابز والافران بعدن “عبدالجليل عبده احمد” في تصريحات صحفية اطلع عليها مرصد “بقش”، أن الجمعية تبذل جهوداً حثيثة للتواصل مع السلطات المحلية وعرض حجم المشكلة.

وأوضحت جمعية المخابز والأفران أن “مبدأنا هو البحث عن حل لا يضر بمصالح أصحاب المخابز ولا يزيد من معاناة المواطنين في نفس الوقت”.

وأضافت أن مذكرات تفصيلية مدعومة بجداول توضح فوارق الأسعار وتكاليف الإنتاج قد تم رفعها إلى قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، مطالبين بإعادة النظر في تسعيرة الخبز بما يتناسب مع التكاليف الحالية، أو إيجاد آلية لدعم مدخلات الإنتاج، مع التأكيد على ضرورة حماية هذا القطاع باعتباره جزءاً من الاقتصاد الوطني.

وأبدت الجمعية الممثلة للمخابز استعدادها الكامل للحوار المباشر مع السلطات والجهات المعنية، مثل مكتب الصناعة والتجارة، لمناقشة الأزمة بعمق والتوصل إلى حلول توافقية ومستدامة.

إلا أنها حذرت من أنه في حال استمرار الوضع الراهن دون تدخل فعال، فإن الأمور قد تتجه نحو خطوات تصعيدية قد تصل إلى الإغلاق الجماعي للمخابز، وهو ما سيكون له تداعيات وخيمة على حياة المواطنين في عدن، نظراً للاعتماد الكبير على الخبز كقوت يومي أساسي.

تداعيات أوسع للأزمة الاقتصادية.. الأمن الغذائي على المحك

تعتبر أزمة قطاع المخابز في عدن انعكاساً مباشراً للوضع الاقتصادي الهش الذي تمر به البلاد بشكل عام. فانخفاض قيمة العملة الوطنية لا يؤثر فقط على أسعار المواد الغذائية المستوردة، بل يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة، من تكاليف النقل والطاقة إلى أسعار الأدوية والخدمات الأساسية.

هذا الواقع يزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين يعانون أصلاً من تدهور القوة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة، مما يجعل أي زيادة محتملة في سعر الخبز عبئاً إضافياً يصعب تحمله.

يشكل الخبز، وخاصة “الروتي” في عدن، عنصراً حيوياً في النظام الغذائي اليومي للسكان. إن أي تهديد لاستمرارية إنتاجه أو زيادة كبيرة في سعره قد يدفع بالعديد من الأسر إلى ما دون خط الفقر الغذائي.

وتبرز هذه الأزمة الحاجة الملحة لمعالجة قضايا الأمن الغذائي بشكل استراتيجي، بما في ذلك استقرار أسعار السلع الأساسية وضمان توفرها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والاعتماد الكبير على الاستيراد لتلبية الاحتياجات المحلية من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى