
تقارير | بقش
في لحظة تُعدّ فارقة في تاريخ الأسواق المالية العالمية، اقتربت شركة إنفيديا من أن تصبح أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، بعد أن تجاوزت عتبة 3.92 تريليونات دولار، متخطيةً بذلك الرقم القياسي السابق المسجل باسم آبل نهاية 2024.
هذه القفزة اللافتة في تقييم الشركة ليست مجرد انعكاس لنمو أعمالها، بل تجسيد لتحوّل أوسع يقوده الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي، فبينما تتجه كبرى شركات التكنولوجيا إلى ضخ استثمارات غير مسبوقة في بناء مراكز بيانات قادرة على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تبرز إنفيديا كمزود لا يُستبدل للمعالجات المتطورة – وخاصة وحدات المعالجة الرسومية (GPUs) – التي تُعتبر العمود الفقري لتدريب وتشغيل تلك النماذج.
من 500 مليار إلى 4 تريليونات خلال 4 سنوات
وفقاً لما رصده “بقش” من بيانات، فإن إنفيديا كانت تُقدر قيمتها السوقية في منتصف عام 2021 بنحو 500 مليار دولار، ما يعني أنها حققت نمواً يقارب 700% خلال 4 سنوات فقط.
وهذا النمو لا يعتمد على الطفرات السعرية وحدها، بل على أداء مالي قوي وطلب مؤسسي متزايد من شركات مثل أمازون، ألفابت (غوغل)، مايكروسوفت، ميتا، وتسلا.
وقد ارتفع سهم إنفيديا بنسبة 2.2% في تداولات الأسبوع الجاري حسب متابعات بقش، ليصل إلى 160.6 دولاراً للسهم، مما دفع بقيمتها السوقية فوق مستوى 3.92 تريليونات دولار، وتضعها على بُعد خطوات من تجاوز حاجز 4 تريليونات، لتكون الأولى عالمياً.
سباق العمالقة: مايكروسوفت وآبل على خط المنافسة
لا تزال مايكروسوفت وآبل في دائرة المنافسة، حيث تبلغ القيمة السوقية لمايكروسوفت حالياً 3.7 تريليونات دولار، تليها آبل بـ3.19 تريليونات دولار، وفق بيانات “بلومبيرغ”، لكن الاتجاه العام يشير إلى أن إنفيديا تحظى بقدر أكبر من زخم السوق، نظراً لتخصصها في البنية التحتية لتقنيات المستقبل، وليس فقط التطبيقات.
من الواضح أن الذكاء الاصطناعي تحول من مفهوم تقني إلى محرك مباشر لخلق القيمة السوقية، ومع التوسع في استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومعالجة اللغات الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، باتت معالجات إنفيديا بمثابة “نفط المستقبل”، تُحدد قيمتها بمدى القدرة على دعم الحوسبة فائقة الأداء.
هذا الاتجاه ينعكس في خطط الشركات الكبرى التي تخصص مليارات الدولارات سنوياً لبناء مراكز بيانات تعتمد بشكل شبه حصري على معالجات إنفيديا، في ظل عدم وجود بديل تجاري منافس من حيث الأداء والكفاءة حتى الآن.
البيانات التي رصدها “بقش” تُظهر أن إنفيديا تجاوزت في أدائها مؤشرات السوق التقليدية، بل وتفوقت على القطاع التقني نفسه، ما يطرح سؤالاً استثمارياً مشروعاً: هل ما زال هناك مجال للربح من أسهم إنفيديا؟ أم أن القمة باتت قريبة من التصحيح؟ تختلف الإجابات، لكن الواضح أن من استثمر في 2021 لا ينظر للخلف.