أمريكا تضغط على كندا والمكسيك لمواكبة رسومها الجمركية ضد الصين مع اقتراب الموعد النهائي للعقوبات

في تصعيد للضغوط التجارية، حث وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” كندا على محاكاة المكسيك في فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية، وذلك خلال مقابلة مع شبكة بلومبيرغ يوم أمس الجمعة.
جاءت الدعوة بينما تحاول الدولتان تجنب رسوم أمريكية بنسبة 25% على وارداتهما، المقرر تطبيقها يوم الثلاثاء بسبب فشلهما في كبح تدفق مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، وفقاً لتصريحات من البيت الأبيض.
دوافع التحركات العدائية الأمريكية
تشكل الصين شريكاً تجارياً رئيسياً للولايات المتحدة وكندا والمكسيك، حيث تستورد الأخيرتان سلعاً صينية بقيمة 900 مليار دولار سنوياً، وفق بيانات الجمارك الأمريكية.
لكن التوترات تصاعدت مع اتهامات واشنطن لبكين بـ”الإغراق التجاري” عبر تصدير منتجات مدعومة، ما يُهدد الصناعات المحلية. في المقابل، تعتمد الصين على السوق الأمريكية لتصريف 17% من صادراتها، خاصة في قطاعات الإلكترونيات والمنتجات الاستهلاكية، مما يجعل العلاقة التجارية بين الأطراف سلسةً هشةً بين التعاون والمواجهة.
أصبح الفنتانيل -وهو مسكن أفيوني أقوى من الهيروين بـ50 مرة- سبباً رئيسياً لوفيات الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة، حيث سجلت البلاد 72,776 حالة وفاة مرتبطة به في 2023.
وتُتهم الصين بتوريد المواد الكيميائية الأولية لتصنيع المخدر عبر شبكات تهريب مكسيكية، وهو ما دفع إدارة ترامب لربط حل الأزمة بفرض رسوم عقابية على الدول المجاورة.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن 80% من المواد الخام الداخلة في صناعة الفنتانيل تُهرب من مختبرات صينية إلى المكسيك عبر طرق معقدة، قبل إعادة تهريبها إلى الأراضي الأمريكية.
ومنذ عام 2021، تعاونت المكسيك مع الولايات المتحدة في عمليات مشتركة أسفرت عن تفكيك 45 مختبراً لتصنيع الفنتانيل. لكن واشنطن تعتبر هذه الجهود غير كافية، خاصة بعد زيادة الوفيات بنسبة 15% عام 2023.
وفي خطوة لاسترضاء واشنطن، سلمت المكسيك 29 مشتبهاً بتجارة المخدرات إلى الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي، بينهم رافائيل كارو كوينتيرو (72 عاماً) -زعيم كارتل سابق- والذي واجه تهماً قد تؤدي إلى إعدامه.
كما أعلنت عن نيتها فرض قيود تجارية إضافية على الواردات الصينية منخفضة القيمة، التي تُستخدم كقناة لتهريب المواد الكيميائية.
وأوضح فيدال ليريناس، نائب وزير الاقتصاد المكسيكي، أن الإجراءات قد تشمل حظراً انتقائياً على سلع مثل الإلكترونيات والأدوات المنزلية، التي تُشكل 35% من الشحنات الصغيرة القادمة من الصين.
تفاصيل التصعيد: ضغوط أمريكية ومساعي كندية
هدد ترامب برفع الرسوم على الصين من 10% إلى 20% اعتباراً من الثلاثاء المقبل، وفرض 25% على واردات كندا والمكسيك إذا لم تُظهرا تقدماً في وقف تهريب الفنتانيل.
من جهتها ردّت الصين عبر سفارتها في واشنطن بأن القرارات الأمريكية تشكل “انتهاكاً صارخاً لقواعد منظمة التجارة العالمية”، مُحذرة من تداعياتها على الاقتصادين.
ومن جانبه أجرى وزير الأمن الكندي “ديفيد ماكجنتي” سلسلة اجتماعات في واشنطن لعرض تحسينات أمنية على الحدود، بما في ذلك تكنولوجيا كشف المخدرات. في حين اقترحت المكسيك فرض رسوم جمركية “مماثلة” على الصين، وفقاً لبيسنت، دون الكشف عن النسبة.
كما تم تعليق إعفاءات الشحنات الصغيرة (أقل من 800 دولار) التي تُستخدم لتهريب المواد الأفيونية.
التداعيات والتوقعات: مواجهة تجارية وشيكة
تعتبر أبرز التأثيرات المتوقعة هي تلك التي ستضرب سلاسل التوريد، فقد تؤدي الرسوم إلى ارتفاع تكاليف الواردات في أمريكا الشمالية، خاصة في قطاعات السيارات والإلكترونيات، التي تعتمد على مكونات صينية.
كما أن رد فعل الصين لن يكون ودياً، ومن المتوقع أن تعلن بكين إجراءات مضادة خلال اجتماعات البرلمان الصيني الأسبوع المقبل، ربما تشمل حظراً على المنتجات الزراعية الأمريكية.
وبينما تحاول كندا والمكسيك إثبات جدية جهودهما الأمنية، تظل الولايات المتحدة حبيسة معادلة صعبة: موازنة بين الضغط التجاري على الصين والحفاظ على علاقاتها مع جارتيها، وحلفاءها.