تقارير
أخر الأخبار

إسبانيا تفتح تحقيقاً حول قطعتين من آثار اليمن مقابل غياب حكومي يمني

تقارير | بقش

تجري الشرطة الإسبانية حالياً تحقيقات بشأن قطعتين أثريتين نادرتين من اليمن عُرضتا في مزاد تمبلوم الفني بمدينة برشلونة في يوليو 2025، وسط تراجُع الدور الرسمي في حماية الإرث اليمني.

ويقول الباحث في الآثار اليمنية “عبدالله محسن” إن القطعتين تعودان إلى مملكة قتبان القديمة، وتشملان شاهد قبر منحوتاً برأس ثور وآخر يحمل نقشاً وصورة بشرية محفورة، وكلاهما من المرمر القتباني النادر.

وذكر محسن أنه تحدّث عن المسألة في يوليو الماضي حسب قراءة بقش، ما أدى إلى اهتمام السلطات الإسبانية التي فتحت تحقيقاً حول مصدر القطع ومسار وصولها إلى أوروبا.

تهريب ممنهج لأكثر من 12 ألف قطعة

وتُعد قضية هاتين القطعتين مثالاً جديداً على ما يوصف بـ”السوق السوداء للآثار اليمنية”، وهي شبكة معقدة من المهربين والتجار ودور المزادات والمجموعات الخاصة المنتشرة في أوروبا وأمريكا وعدد من الدول.

ومنذ اندلاع الحرب عام 2015 سُجّلت مئات الحوادث المماثلة لتهريب التماثيل والنقوش الحجرية وشواهد القبور والأواني البرونزية، من مختلف المناطق اليمنية الزاخرة بالمواقع الأثرية التاريخية.

وتقدّر منظمات التراث الدولية أن أكثر من 12 ألف قطعة أثرية يمنية تم تهريبها خلال العقد الأخير، حسب اطلاع بقش، وصلت غالبيتها إلى أسواق مثل باريس، ولندن، ونيويورك، وجنيف، وبرلين، وبرشلونة. ومن المرجح أن شبكات محلية ودولية شاركت في التهريب مقابل أرباح ضخمة، مستغلةً ضعف الرقابة وغياب حماية المواقع الأثرية.

ورغم تعدد المناشدات من الباحثين والناشطين والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي اليمني، تظل استعادة الآثار المنهوبة واحدة من أكثر الملفات تعقيداً وفشلاً في الأداء الحكومي اليمني.

ويؤكد هؤلاء أن وزارة الثقافة بحكومة عدن، التي يُفترض أن تكون المعنية الأولى بهذا الملف، تفتقر إلى الإمكانيات القانونية والدبلوماسية لملاحقة القطع المهربة أو إثبات ملكية اليمن لها في المحاكم الدولية، كما أن غياب قاعدة بيانات وطنية دقيقة للآثار يعرقل توثيق القطع المنهوبة ويضعف أي مطالبة رسمية بها.

واكتفت حكومة عدن غالباً بإصدار بيانات عامة لا تتجاوز حدود المطالبة، بينما لم يستعد اليمن حتى الآن سوى عدد محدود جداً من القطع عبر جهود فردية أو تعاون محدود مع منظمة اليونسكو أو بعض المتاحف الأجنبية.

وتشير تقارير عديدة تتبَّعها بقش إلى أن بعض دور المزادات الأوروبية، مثل المزاد الإسباني الذي نظمته دار تمبلوم للفنون الجميلة، تعرض آثاراً يمنية بشكل علني، مستفيدةً من الثغرات القانونية التي تسمح ببيع القطع ذات المصدر المجهول إذا لم تتوفر عليها بلاغات رسمية بالسرقة.

ورغم أن القوانين الدولية، مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970، تحظر بيع الممتلكات الثقافية المنهوبة من مناطق النزاع، إلا أن تطبيقها يظل مرهوناً بإثبات الملكية من قبل الدول الأصلية، وهو ما تعجز عنه السلطات اليمنية في كثير من الحالات.

ولا تمثل خسارة الآثار فقداناً مادياً فحسب، بل تُعد ضياعاً لذاكرة اليمن وهويته التاريخية الممتدة لآلاف السنين، ومع استمرار هذا النزيف يواجه اليمنيون خطر أن تتحول حضارتهم إلى مقتنيات خاصة في متاحف العالم، بينما تبقى أرضهم الأصلية شبه خالية من رموزها ومعالمها.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش