لقاء حضرموت العام “حرو” يفتح النار على “صفقة سرية بين السلطة وحلف القبائل”

متابعات محلية | بقش
في بيان حاد اللهجة، كشفت قيادة اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام “حرو” عن “صفقة سرية” بين السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت الذي يقوده الشيخ عمرو بن حبريش، تتعلق بـ”تقاسم عائدات الديزل” المدعوم القادم من شركة “بترومسيلة”.
وأعاد هذا البيان إلى الواجهة التوترات السياسية والاجتماعية التي تعصف بالمحافظة منذ أكثر من عامين، كما أعاد إثارة الجدل حول مصير الثروة النفطية في أكبر محافظات اليمن الغنية بالنفط.
وبدأت ملامح التوتر في حضرموت منذ مطلع عام 2024، مع ما عُرف آنذاك بـ”تصعيد الهضبة”، الذي قادته مكونات قبلية ومدنية مطالبة بحقوق المحافظة من عائدات النفط والغاز، وبتحسين الخدمات المتردية، لكن سرعان ما تحولت الشعارات من المطالبة بالحقوق التنموية إلى شعارات سياسية كـ”التمثيل العادل” و”إقليم حضرموت”، ثم إلى مطلب “الحكم الذاتي”، قبل أن يتوقف التصعيد بشكل مفاجئ، وفقاً للبيان، وهو ما أثار الشكوك حول صفقات تمت خلف الكواليس.
وحسب بيان “حرو” الذي حصل مرصد “بقش” على نسخة منه، فإن هذا التوقف لم يكن نتيجة تسوية عادلة، بل نتيجة “اتفاق سري” هدفه تقاسم عائدات الديزل المدعوم بين أطراف في السلطة المحلية والحلف القبلي، في تجاوزٍ واضحٍ لمبدأ الشفافية والمساءلة.
خسارة +540 مليار ريال
اتهمت قيادة “حرو” الأطراف المتورطة بـ”خيانة الأمانة”، واعتبرت الصفقة “اعتداءً سافراً على الثروة العامة للشعب الحضرمي”، حيث قالت إن المحافظة خسرت خلال فترة التصعيد وفوارق الديزل المدعوم أكثر من 540 مليار ريال يمني، وهو مبلغ كان يمكن أن يسهم في تحسين خدمات الكهرباء والبنية التحتية.
وأشار البيان إلى تدهور الكهرباء حتى وصلت الانقطاعات إلى أكثر من 20 ساعة يومياً، وتفشي السوق السوداء للوقود، إضافة إلى تراجع الأمن وازدياد الانقسامات القبلية بسبب ما وصفه بـ”الانفلات تحت غطاء قوات دفاع حضرموت”، و”تحركات عسكرية خارجية مشبوهة” كادت تجر المحافظة إلى صراع مسلح.
وطالب البيان بفتح تحقيق شفاف ومستقل في عائدات الديزل المدعوم، ومحاسبة المتورطين في الصفقات السرية، وتوحيد المكونات القبلية والمدنية والعسكرية لرفض استخدام اسم حضرموت في صفقات شخصية، وتفعيل الإجراءات السياسية والقانونية والشعبية لحماية حقوق المحافظة.
تصدُّع داخلي في حضرموت
ووفق قراءة بقش يعكس البيان تصدُّعاً داخلياً بين المكونات التي تقول إنها تمثّل “القضية الحضرمية”. فـ”حرو” التي تُعد واجهة مدنية للهبة الحضرمية الثانية، تجد نفسها اليوم في مواجهة مباشرة مع السلطة المحلية وبعض رموز الحلف القبلي الذين كانوا حتى الأمس القريب جزءاً من التحرك ذاته.
وبرز “حلف قبائل حضرموت” مؤخراً بتبنّيه مشروع “الحكم الذاتي” المطالِب بتمكين أبناء حضرموت من إدارة محافظتهم ومواردها، والذي يشمل اقتصاداً مستقلاً وعَلَماً ونشيداً وطنياً خاصاً، وتأتي تحركاته مدعومةً من السعودية، وانتهت هذه التحركات وفق بيان حرو إلى تفاهمات سرية مع السلطة المحلية، وهو ما اعتُبر تنازلاً عن تلك المطالب مقابل مكاسب محدودة.
ويشير الخطاب الحاد لـ”حرو” إلى انفجار صراع النفوذ داخل حضرموت، حيث تحول الخلاف من شعارات سياسية حول الحقوق إلى صراع مصالح اقتصادية يتداخل فيه المحلي بالخارجي.
وتعبّر الصفقة حول عائدات الديزل عن تآكل الثقة الشعبية في القيادات المحلية، وعن شعورٍ متزايدٍ بأن الثروة النفطية تُدار بعيداً عن أبناء المحافظة، لصالح شبكات نفوذ متشابكة بين سياسيين وقبليين وتجار وقادة عسكريين.
كما أن لهجة البيان حسب قراءة بقش تكشف عن خطر الانزلاق نحو اضطرابات جديدة، خصوصاً إذا ما حاولت الأطراف المتهمة بالصفقة الرد بالقوة أو اتخاذ خطوات مضادة، وفي هذه الحالة قد تجد المحافظة نفسها أمام مرحلة جديدة من التصعيد يصعب التنبؤ بمسارها، في ظل الانقسام القائم بين قوى جنوبية مدعومة إقليمياً وأخرى ذات توجه حضرمي مستقل.
هذا وتعيش حضرموت اليوم واحدة من أكثر مراحلها توتراً منذ الهبة الأولى عام 2021، فبين اتهامات الفساد وتنازع الولاءات وضياع العائدات النفطية، يبدو أن المحافظة باتت على شفير انقسام داخلي خطير.
ومن الممكن أن يتحول بيان “حرو” إلى بداية حراك قد يُنظر إليه على أنه حراك تصحيحي، وهو ما سيكون حلقة جديدة في سلسلة الصراع على الثروات.