تقارير
أخر الأخبار

إسرائيل في عزلة غير مسبوقة.. الإعلام العبري يعترف: لم يكن وضعنا أسوأ من اليوم

تقارير | بقش

أبرزت وسائل إعلام إسرائيلية حالة العزلة الدولية المتفاقمة التي تمر بها إسرائيل، مؤكدة أن الدعم العالمي الذي كانت تحظى به قبل سنوات قد انهار، وأنها باتت تعتمد بشكل شبه كامل على دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، رغم ملاحظاتهم المتكررة على سلوكها في الحرب المستمرة على غزة.

القناة 13 الإسرائيلية نقلت عن الرئيس “إسحاق هرتسوغ” قوله بعد عودته من زيارة قصيرة إلى بريطانيا: “لم نشهد عداءً بهذا المستوى من قبل”، مؤكداً وفق اطلاع بقش أن المظاهرات التي رُفعت فيها شعارات مثل “فلسطين حرة” في لندن ومدن أخرى، تمثل انعكاساً مباشراً لانهيار صورة إسرائيل في العالم.

التقرير أضاف أن المشهد لم يعد يقتصر على الرأي العام أو المظاهرات الشعبية، بل امتد إلى قادة الدول الكبرى. فقد صرّح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بإدانة الهجمات الإسرائيلية على الدوحة، بينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صراحة إلى رفع الحصار الإنساني عن غزة واعتبره “فضيحة مرفوضة”.

دعم ترامب لا يكفي

القناة أوضحت أن إسرائيل، التي كانت قبل عامين فقط محاطة بدعم دولي واسع، تجد نفسها اليوم معزولة سياسياً واقتصادياً، ولا تقف إلى جانبها سوى إدارة ترامب. لكن حتى هذا الدعم ليس بلا تحفظات، إذ نقلت القناة عن ترامب قوله: “قطر حليف رائع، لذلك يجب على إسرائيل وغيرها أن يكونوا حذرين”.

هذا الموقف الأمريكي يعكس تردداً في تقديم غطاء غير مشروط لإسرائيل، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأوروبية والدولية.

التطور الأكثر خطورة، بحسب القناة 13، كان المقترح الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية لتجميد التسهيلات التجارية مع إسرائيل. خطوة كهذه تعني إخراج إسرائيل فعلياً من السوق الأوروبية، وهو ما وصفته القناة بضربة “شبه قاضية” للاقتصاد الإسرائيلي إذا ما تم إقراره.

جيرمي إيسسخاروف، السفير الإسرائيلي السابق لدى ألمانيا، حذّر من أن الاتحاد الأوروبي يُعد الشريك التجاري الأهم لتل أبيب، حيث يستثمر أكثر من 70 مليار يورو سنوياً في الاقتصاد الإسرائيلي حسب قراءة بقش. وقال إن أي تراجع في هذه الاستثمارات سيضاعف من صعوبة مواجهة التدهور الحالي.

البعد الاقتصادي للأزمة

من الناحية الاقتصادية، تواجه إسرائيل وضعاً بالغ التعقيد، إذ إن الاتحاد الأوروبي يمثل ما يقرب من 35% من صادراتها من التكنولوجيا والمنتجات الصناعية، وأي قرار بتقييد التعاملات التجارية سيؤدي إلى خسائر بمليارات الدولارات سنوياً.

وتشير تقديرات مراكز أبحاث اقتصادية في تل أبيب إلى أن فقدان السوق الأوروبية قد يخفض معدل النمو السنوي إلى أقل من 1%، مقارنة بتوقعات سابقة بنمو يتجاوز 3%.

كما أن العزلة السياسية بدأت تؤثر على ثقة المستثمرين الأجانب، فقد سجلت بورصة تل أبيب خلال الأشهر الأخيرة خروج استثمارات أجنبية مباشرة تزيد عن 2.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى نزوح منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وهذا النزيف الاستثماري يهدد قدرة إسرائيل على تمويل قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يعد محركاً رئيسياً لاقتصادها.

الضغط يمتد أيضاً إلى العملة المحلية، فقد تراجع الشيكل في تعاملات أغسطس الماضي إلى أدنى مستوى له أمام الدولار منذ خمس سنوات، مدفوعاً بالمخاوف من استمرار الحرب في غزة وتوسع المقاطعة الأوروبية.

البنك المركزي اضطر إلى التدخل أكثر من مرة لدعم العملة عبر شراء الدولار وبيع السندات، لكن هذه السياسة استنزفت ما يقرب من 8 مليارات دولار من الاحتياطيات خلال عام واحد وفق متابعة بقش.

أما قطاع الطاقة، الذي كانت إسرائيل تسعى عبره إلى تعزيز مكانتها الإقليمية من خلال صادرات الغاز إلى أوروبا، فيبدو أنه بات مهدداً. إذ إن تزايد الضغوط الأوروبية على تل أبيب قد يعرقل اتفاقيات قائمة لتصدير الغاز عبر مصر واليونان، وهو ما سيحرم إسرائيل من مورد حيوي كانت تراهن عليه لتعويض تراجع الاستثمارات في القطاعات الأخرى.

أوري يوعيف، رئيس صندوق البنى التحتية (ألوما)، قال إن “الاقتصاد الإسرائيلي يتأثر بشكل مباشر بالوضع الجيوسياسي وصورة إسرائيل في العالم، وإذا تحولت إلى دولة منبوذة تجارياً، فإن ذلك سيقود إلى كساد وارتفاع فوائد وغلاء معيشة”.

في المقابل، يرى يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات السابق في الجيش، أن تغير الرأي العام العالمي “يمثل خطراً إستراتيجياً موازياً للتهديدات العسكرية”، مضيفاً أن “ثمن الحرب لم يعد محتملاً بالنسبة لإسرائيل”.

راني راهاف، الخبير في العلاقات العامة، أشار إلى أن الحظر التجاري الذي بدأ في باريس ووصل إلى هولندا سيطال قريباً “جيوب الإسرائيليين”، في إشارة إلى انعكاسات المقاطعة على حياة المواطنين.

المشهد لم يتوقف عند القادة والحكومات، إذ بثت القناة شهادات ليهود من حول العالم يرفضون الربط بينهم وبين إسرائيل، ومن أبرز هؤلاء الممثلة الأمريكية الحائزة على جائزة “إيمي” هانا آينبيندر، التي قالت: “واجبي كيهودية أن أفصل بين اليهود ودولة إسرائيل”.

هذا التوجه المتنامي يعكس أزمة هوية متصاعدة لإسرائيل، حيث لم تعد قادرة على ادعاء أنها الممثل الحصري لليهودية، في وقت يعلن فيه مزيد من اليهود حول العالم رفضهم لسياساتها التي وصفوها بالإبادة والعنصرية.

هذه التطورات تؤكد –بحسب ما خلصت إليه القناة الإسرائيلية– أن “إسرائيل تمر بأسوأ وضع دبلوماسي منذ قيامها”، وأن الأزمة الحالية لا تقتصر على صورة إعلامية أو غضب شعبي مؤقت، بل تمتد لتشمل الاقتصاد والأمن القومي والتحالفات الإستراتيجية.

ومع مضي الحرب في غزة لعامها الثاني، واشتداد الضغوط الأوروبية والدولية، يبدو أن إسرائيل تدخل مرحلة عزلة قد تهدد ليس فقط مكانتها العالمية، بل أيضاً استقرارها الداخلي إذا استمرت المقاطعة السياسية والاقتصادية في التوسع.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش