
تقارير | بقش
سلسلةٌ من الإجراءات الدولية تواجهها إسرائيل أدّت إلى عزلها بشكل متزايد عن المعارض والفعاليات الدولية، خصوصاً في قطاع الصناعات الدفاعية والأسلحة، كرد فعل عالمي على حرب الإبادة على غزة.
إذ تكررت حالات منع شركات الدفاع الإسرائيلية من المشاركة في أبرز المعارض الدولية، مما أثر بشكل مباشر على قدرتها على الترويج لمنتجاتها وتعزيز استثماراتها.
وفي سبتمبر الماضي تعرضت إسرائيل لخسارة لا تقل عن مليار دولار من العقود العسكرية الملغاة، مع تصاعد الغضب العالمي من الحرب، ويخشى المسؤولون في الصناعة الدفاعية الإسرائيلية أن تمتد الإلغاءات إلى العديد من الدول.
وباطلاع مرصد “بقش” على البيانات، بلغت صادرات إسرائيل العسكرية 14.8 مليار دولار في عام 2024، نصفها في أوروبا، لكن وزارة الدفاع حذرت بشكل متكرر من أن العزلة الدولية المتزايدة يمكن أن تضر بالمبيعات المستقبلية، كما سعت إلى توسيع الصادرات باعتبارها وسيلة لتمويل بنية تحتية إنتاجية جديدة وأنظمة متقدمة للحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي.
أبرز المعارض
في لندن، مُنع الوفد الرسمي الإسرائيلي من المشاركة في معرض الدفاع والأمن الدولي خلال شهر سبتمبر الماضي حسب متابعات بقش، رغم حضور شركات خاصة، أثرت الاحتجاجات الجماهيرية على صورة إسرائيل التجارية والدفاعية.
وقبلها أُجبر معرض باريس الجوي في يونيو 2025 على حجب الأجنحة الإسرائيلية بأسوار سوداء، ومنع عرض الأسلحة الهجومية، وشهد المعرض اضطرابات بسبب قيود السفر والاعتبارات الأمنية، فيما تم تقليص مشاركة إسرائيل.
وفي يونيو 2024، منعت الحكومة الفرنسية مشاركة شركات الأسلحة الإسرائيلية في معرض يوروساتوري في باريس، احتجاجاً على غارات إسرائيلية أدت إلى مقتل العشرات في مخيم رفح بغزة، ووفق متابعات مرصد “بقش” فقد أدى القرار إلى طعون قضائية لاحقة، إلا أنه أرسى سابقة لعزلة إسرائيل في القطاع الدفاعي الأوروبي.
وهناك معرض يورونافال في باريس الذي منع الشركات الإسرائيلية -في نوفمبر 2024- من عرض معداتها، رغم السماح لها بالحضور، وأصدرت المحكمة الفرنسية حكماً مؤقتاً يعلق تنفيذ المنع، ما يوضح حساسية الوضع القانوني والسياسي لهذه القرارات.
وثمة معارض عديدة في هولندا وإسبانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية والإمارات وبولندا، قامت خلال عامي 2024 و2025 بمنع المشاركة الرسمية للشركات الإسرائيلية الدفاعية، وجرى استدعاء موظفين للتحقيق، ومنع عرض المنتجات، وحتى إلغاء أجنحة كاملة في المعارض، ووفق قراءة بقش تركزت هذه الإجراءات على شركات مثل صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI)، وأنظمة إلبيت، وأنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة.
كيف يؤثر ذلك على الاقتصاد والاستثمار الإسرائيليَّين؟
تأثير هذه المقاطعات الدولية يتعدى حدود المعارض ليصل إلى صلب الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تشكل صادرات الأسلحة جزءاً كبيراً من الناتج الصناعي.
ومن أبرز انعكاسات العزلة تراجُع العقود والمبيعات الدولية، فقد أدى منع شركات إسرائيلية من المشاركة في المعارض إلى فقدان فرص مباشرة لإبرام صفقات دفاعية مع دول حليفة أو مع أسواق جديدة، مثل كوريا الجنوبية، إسبانيا، وإيطاليا.
وتؤثر العزلة أيضاً على استثمارات الابتكار والتكنولوجيا، إذ بدأت الحكومة الهولندية وبلدان الاتحاد الأوروبي بمراجعة برامج شراكة وابتكار تشمل شركات إسرائيلية، مثل برنامج “أفق” للابتكار، مما قد يعيق تمويل مشاريع بحثية دفاعية واستراتيجية مستقبلية.
ويضغط ذلك على الشركات الخاصة والعامة الإسرائيلية، إذ تواجه شركات مثل إلبيت ورافائيل تحديات في الحفاظ على حضورها الدولي، مما يضرب استثماراتها أو على الأقل يقلص نشاطاتها في الأسواق الخارجية.
ويمثل ذلك ضرباً لسمعة إسرائيل التجارية والدفاعية، فالاحتجاجات الشعبية والضغط القانوني في دول مختلفة، إضافةً إلى التحقيقات التي تعرّض لها موظفون، أضعفت من صورة الشركات الإسرائيلية كمورد موثوق للمنتجات الدفاعية.
وهناك تأثيرات حتى على القطاعات المدنية المرتبطة بالتكنولوجيا الدفاعية، مثل الصناعات الفضائية والطيران، التي تأثرت بسبب الحظر أو تراجع التعاون الدولي، كما حدث في معرض دبي للطيران ومعرض أديكس في كوريا الجنوبية.
هذه الإجراءات العازلة لشركات إسرائيل ليست عشوائية، بل تأتي في إطار ضغط دولي متنامٍ على إسرائيل، يشمل مراجعة الاتفاقيات الثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي، ودعوات لفرض عقوبات، وقيود على التمويل والمشاريع المشتركة.
وحسب اطلاع بقش، برزت إشارات عدة على أن بعض الحكومات ترى أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي الإنساني، وهو ما يفسر القرارات التي اتخذت في عدة دول مثل فرنسا وهولندا وإسبانيا وغيرها.
وباتت العزلة الدولية لإسرائيل في المعارض الدفاعية والتكنولوجية دليلاً واضحاً على التحديات التي تواجهها على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، خصوصاً في قطاع يشكل العمود الفقري للصادرات والصناعة المحلية.
ويضع منعُ الشركات من الترويج لمنتجاتها واستثماراتها في الأسواق الدولية، إسرائيلَ في مواجهة أزمة استراتيجية يمكن أن تمتد لتؤثر على الناتج المحلي الإجمالي والقدرة التنافسية ومشاريع الابتكار المستقبلية.


