
تقارير | بقش
أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسمياً للمرة الأولى تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط، إذ أصدرت منظمة الصحة العالمية، واليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بياناً مشتركاً بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المجاعة تنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت إنها المرة الأولى التي ترصد فيها تفشي المجاعة في الشرق الأوسط. وأشارت المنظمات في بيانها المشترك الذي اطلع عليه بقش إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في قطاع غزة تضاعف 3 مرات، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
بالتزامن مع هذا البيان، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريراً قال فيه إن المجاعة تتفشى في محافظة غزة. وأضاف أن أكثر من نصف مليون شخص بغزة يواجهون ظروفاً تتسم بالجوع والعوز والموت، وتوقع أن تمتد المجاعة إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بنهاية شهر سبتمبر المقبل، مطالباً بوقف المجاعة في غزة بأي ثمن.
التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي قال إن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفاً كارثية أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد، وأضاف أن 1.07 مليون شخص آخر (54% من السكان) يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الطارئ”، بينما يواجه 396 ألفا (20% من السكان) المرحلة الثالثة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الأزمة”.
ووفق اطلاع بقش على التحذير الأخير، قد تتدهور الأوضاع في غزة في الفترة بين منتصف أغسطس الجاري حتى نهاية سبتمبر 2025، لتمتد المجاعة إلى دير البلح وخان يونس. وخلال هذه الفترة قد يواجه نحو ثلث السكان (641 ألف شخص) ظروفاً كارثية وهي المرحلة الخامسة للتصنيف.
إعلان متأخر
وزارة الصحة في غزة قالت إن إعلان المجاعة بغزة جاء متأخراً، لكنها ثمنت الإعلان، مشيرة إلى أن الإبادة الجماعية بالقطاع تشمل هندسة التجويع والقتل الجماعي وإبادة الأجيال وتدمير قطاع الصحة.
وكان يمكن تفادي مئات الوفيات، وفقاً للوزارة التي أكدت أن حياة آلاف السكان الآن على المحك، وأن المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، “فالوقت الآن للأفعال لا للتصريحات” حسب الوزارة.
وحسب متابعة بقش لردود الفعل الواسعة للإعلان الأممي عن المجاعة، فإن المطلوب في الوقت الراهن هو التحرك الدولي العاجل الذي يتجاوز حدود التصنيفات والتقارير.
فالواقع الميداني يكشف حجم الكارثة حسب وزارة الصحة، فهناك 28 ألف حالة سوء تغذية منذ مطلع العام، و35 ألف رضيع حياتهم مهددة، و250 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون نقص الغذاء، و1.2 مليون طفل تحت 18 عامًا في حالة انعدام أمن غذائي، إلى جانب 107 آلاف سيدة حامل ومرضع يعانين الجوع.
وتساءلت الوزارة: “ماذا ستفعل الأمم المتحدة بعد إعلان المجاعة؟ هل ستبقى عند حدود التصنيف، أم ستتخذ خطوات عملية عاجلة كما يحدث في بقية دول العالم؟”.
كارثة من صنع البشر
بالتزامن مع هذا الإعلان المتأخر، قال أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن حدوث المجاعة في غزة ليس لغزاً، وإنها كارثة من صنع البشر وفشل للبشرية، وإن المجاعة لا تتعلق فقط بالغذاء ولكنها انهيار متعمد للأنظمة الضرورية للبقاء على قيد الحياة.
وأكد أن الناس يتضورون جوعاً، وأن من يتحملون واجب العمل يفشلون. وأضاف: “باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، على إسرائيل التزامات لا لبس فيها بموجب القانون الدولي بما في ذلك واجب ضمان وصول الإمدادات الغذائية والطبية للسكان. لا يمكن أن نسمح باستمرار هذا الوضع بإفلات من العقاب”.
كما اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن المجاعة نتيجة مباشرة لأفعال قامت بها الحكومة الإسرائيلية، بفرضها قيوداً غير قانونية على دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية والبضائع الضرورية لبقاء السكان المدنيين في قطاع غزة على قيد الحياة، مشيراً إلى حدوث وفيات نتيجة الجوع الشديد وسوء التغذية في أنحاء قطاع غزة.
وقد دمر الجيش الإسرائيلي بنية أساسية حيوية وجميع الأراضي الزراعية تقريبا وحظر الصيد وهجر السكان قسراً، وكل ذلك عوامل في هذه المجاعة، إضافة إلى سياسة التجويع الممنهجة كجريمة حرب أدت إلى قتل الفلسطينيين ضمن حرب الإبادة التي خلفت أكثر من 220 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف مفقود، فضلاً عن مئات آلاف النازحين.