الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

اتحاد التربويين بتعز يعلق المسيرات ويتمسك بالإضراب الشامل وسط اتهامات للحكومة بالتعنت وتفاقم الأزمة المعيشية

أعلنت اللجنة التحضيرية لاتحاد التربويين اليمنيين في محافظة تعز، اليوم السبت، عن قرار مفاجئ بتعليق المسيرات الاحتجاجية حتى بداية العام القادم، لكنها أكدت في الوقت ذاته على استمرار الإضراب الشامل والمفتوح للمعلمين والموظفين في كافة المرافق الحكومية حتى تحقيق كامل مطالبهم، في خطوة تصعيدية تعكس عمق الأزمة بين العاملين في القطاع العام وحكومة عدن التي تتهمها اللجنة بـ “التعنت” وتجاهل معاناتهم.

وجاء القرار، حسب تصريح صحفي صادر عن رئيس اللجنة الإعلامية للاتحاد، “بعد تشاور مستفيض بين أعضاء اللجنة التحضيرية للاتحاد”، وكـ “نتيجة لتعنت الحكومة لمطالب التربويين والمعلمين والموظفين”.

وأشار التصريح إلى أن “الوضع المعيشي المتردي عند كل المعلمين والموظفين” كان دافعاً أساسياً لهذا الموقف، الذي يهدف إلى الحفاظ على زخم الإضراب كوسيلة ضغط رئيسية، مع تعليق المسيرات مؤقتاً.

أزمة رواتب وانهيار معيشي خانق

يأتي قرار الاتحاد وسط انهيار اقتصادي ومعيشي كارثي يعصف بمحافظة تعز والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً. وكما وثق المرصد الاقتصادي بقش في تقارير سابقة، يعاني المعلمون والموظفون الحكوميون في هذه المناطق من تأخير مزمن وغير منتظم في استلام رواتبهم الضئيلة أصلاً.

والأخطر من ذلك، أن الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية (حيث تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 2600 ريالاً مؤخراً في عدن وتعز) قد محا فعلياً القوة الشرائية لهذه الرواتب، وجعلها عاجزة عن تلبية أبسط احتياجات الأسر الأساسية من غذاء ودواء ومواصلات.

وتتمحور مطالب التربويين والموظفين، التي لم تستجب لها الحكومة وفق بيان الاتحاد، حول ضرورة انتظام صرف المرتبات المتأخرة، ووضع آلية لزيادتها بما يتناسب مع التضخم الهائل وانهيار العملة، وتحسين بيئة العمل وظروفهم المعيشية بشكل عام.

وقد سلطت تقارير مرصد بقش الضوء مراراً على أن هذه الأزمة لا تقتصر على قطاع التعليم، بل تمتد لتشمل كافة موظفي القطاع العام، وتعكس أزمة مالية هيكلية أعمق تعاني منها الحكومة في عدن، مرتبطة بضعف الإيرادات والانقسامات الداخلية والاعتماد على الدعم الخارجي غير المنتظم.

دعوة للتماسك وتأكيد على استمرار “النضال”

وفي مواجهة ما قال إنها “أصوات شاذة التي تحاول أن تشكك بالاتحاد أو النيل من قيادته”، دعا بيان اللجنة التحضيرية “جميع المعلمين والتربويين والموظفين أن يكونوا عند مستوى المسؤولية وعدم الإنصات” لهذه المحاولات. وأكد الاتحاد على تمسكه بموقفه قائلاً: “نحن في الاتحاد ماضون على العهد لم نتغير ولم نتبدل ولن نبيع مبادئنا أو نتخلى عن مطالبنا قيد أنملة”.

ووجه البيان الشكر والتقدير “لكل معلم ومعلمة وأكاديمي وموظف في كل مرفق حكومي”، في إشارة إلى التقدير العالي لمستوى الصمود والمشاركة الواسعة في الإضراب المستمر منذ أسابيع، والذي أدى إلى شلل شبه تام في العملية التعليمية والعديد من الخدمات الحكومية الأخرى في تعز.

تداعيات خطيرة على التعليم والمستقبل

استمرار الإضراب، حتى مع تعليق المسيرات، ينذر بتداعيات وخيمة على قطاع التعليم المنهك أصلاً بفعل سنوات الحرب والحصار في تعز. فتوقف الدراسة لفترات طويلة يحرم آلاف الطلاب من حقهم في التعليم ويهدد بمستقبل غامض لجيل كامل.

كما أن الظروف المعيشية القاسية للمعلمين تدفع بالكثيرين منهم إلى البحث عن مصادر دخل بديلة، مما يؤدي إلى تراجع جودة التعليم وهجرة الكفاءات من هذا القطاع الحيوي.

ويشير تحليل المرصد الاقتصادي بقش إلى أن عجز الحكومة عن معالجة أزمة رواتب موظفيها لا يؤثر فقط على المستوى المعيشي لهذه الشريحة الواسعة، بل يقوض أيضاً قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية ويعمق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية.

ويبدو أن قرار تعليق المسيرات من قبل اتحاد التربويين يمثل تحولاً تكتيكياً يهدف إلى الحفاظ على استمرارية الإضراب كأداة ضغط فاعلة على المدى الطويل، مع تجنب الإرهاق أو الاحتكاكات المحتملة التي قد تصاحب المسيرات المتكررة، في ظل عدم استجابة الحكومة حتى الآن لمطالب يعتبرها التربويون والموظفون “حقوقاً أساسية وليست مطالب فئوية”.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش