الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

احتجاز 150 قاطرة.. أزمة قطع الرواتب تفجر احتجاجات جديدة وتشلّ كهرباء عدن وطرق أبين

الاقتصاد اليمني | بقش

أقدم العشرات من جنود قوات الحزام الأمني والدعم والإسناد في محافظة أبين على احتجاز عشرات القاطرات وقطع الطريق الدولي في منطقة حسان، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم لأكثر من أربعة أشهر متتالية، ما أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء في عدن وشلل حركة النقل والتجارة بين المحافظات الشرقية.

واحتجز الجنود أكثر من 150 قاطرة في منطقة حسان وفق معلومات اطلع عليها بقش، بينها عدد كبير من القاطرات المحملة بالنفط الخام المخصص لمحطة كهرباء بترومسيلة (الرئيس) في عدن، وأكدت وسائل إعلام محلية أن القاطرات ما تزال متوقفة منذ يوم أمس الثلاثاء وسط محاولات من السلطات المحلية والأمنية لإقناع الجنود بالإفراج عنها واستئناف النقل، لكن دون جدوى.

وجاء هذا التطور في وقت تعاني فيه عدن من أزمة كهرباء خانقة، حيث لا تزال محطة المنصورة متوقفة عن العمل منذ يوم الإثنين بسبب نفاد مادة المازوت، فيما لا يعمل سوى مولد واحد بشكل متقطع لتغذية بعض المناطق، ما أدى إلى تزايد ساعات الانقطاع وتفاقم معاناة المواطنين.

وحسب متابعة بقش قال عدد من الجنود المشاركين في الاحتجاجات إن تحركهم يأتي ضمن خطوات تصعيدية للضغط على الجهات المختصة لصرف مستحقاتهم المالية المنقطعة منذ أكثر من 4 أشهر، مشيرين إلى أن هذا القطاع لن يكون الأخير، وأنهم بصدد تنفيذ قطاعات إضافية في حال استمرار تجاهل مطالبهم.

وجرت تحذيرات من أن استمرار تأخر صرف الرواتب سيؤدي إلى شلل اقتصادي كامل في الطرق الرئيسية التي تربط المحافظات الجنوبية والشرقية، في ظل اعتماد حركة التجارة والنقل الداخلي على هذا الشريان الحيوي.

شلل اقتصادي وتجاري في الطرق الدولية

توقف أكثر من 150 شاحنة تسبب في شلل شبه كامل لحركة السير والتجارة وأدى إلى تعطيل نقل البضائع والمواد الغذائية والمشتقات النفطية.

المحلل الاقتصادي أحمد الحمادي، قال في تعليق لـ”بقش”، إن هذا النوع من التصعيد يزيد الوضع الاقتصادي هشاشة، ويهدد بارتفاع إضافي في أسعار السلع الأساسية والوقود في عدن والمناطق المجاورة.

وأضاف أن هذه الأزمة تأتي وسط ظروف اقتصادية تدفع إلى انتشار مثل هذه القطاعات تحت مبرر قطع الرواتب وتأخر صرفها وغياب أي بدائل للدعم المعيشي، مشيراً إلى أن تكرار مثل هذه الحوادث، من قطع طرق واحتجاز قاطرات أو تعطيل منشآت خدمية، هو نتيجة مباشرة لعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، خاصة تجاه القوات الأمنية والعسكرية التي تعتمد على الرواتب كمصدر دخل وحيد.

ولفت الحمادي إلى أن هذا العجز يهدد خطة الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، ويضرب مصداقيتها أمام الشارع والجهات المانحة على حد سواء، خصوصاً مع تزايد الاعتماد على الدعم الخارجي دون تحقيق أي استقرار في النفقات الجارية أو الإيرادات المحلية.

ذلك يأتي في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات هائلة في تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي، التي تتضمن تحسين إدارة الإيرادات وتجميعها في الحساب العام للحكومة لدى بنك عدن المركزي، حيث يعكس استمرار أزمة الرواتب تعثر تلك الخطط وافتقارها للتمويل الكافي.

ولا تهدد الأزمة الراهنة قطاع الكهرباء أو النقل فقط، بل تمتد تداعياتها إلى الأمن والاستقرار الاجتماعي، إذ تؤدي الضغوط المعيشية إلى زيادة السخط بين الجنود، وتضع السلطات المحلية في مواجهة مباشرة مع القوى الأمنية التي يفترض بها حفظ النظام. وأمام ذلك، فإن استمرار تجاهل الأزمة قد يؤدي -وفقاً للحمادي- إلى انفلات أمني أوسع، ويعرّض البنية التحتية الحيوية، كالطرق ومحطات الكهرباء، لمزيد من الإرباك والانقطاع.

وتسلّط أزمة احتجاز القاطرات في أبين وتوقف الكهرباء في عدن الضوء على التدهور المالي الحاد الذي تمرّ به الحكومة، وعجزها عن دفع رواتب القوات والموظفين المدنيين، ما يترك انعكاسات مباشرة على حياة المواطنين الذين يواجهون انقطاعات طويلة في الكهرباء وارتفاعاً متزايداً في الأسعار وتدهوراً في الخدمات العامة.

وحتى يتم احتواء الأزمة، تبقى قدرة الحكومة على استعادة ثقة الجنود وتأمين التمويل اللازم لصرف الرواتب في الوقت المحدد، هي الفيصل في مدى جدّية وفاعلية برامج الإصلاح الاقتصادي في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى