
الاقتصاد العالمي | بقش
يعتقد الأمريكيون أن اقتصاد بلادهم يقف على أرض هشة، حيث خلُص استطلاع للرأي إلى أن معظم الأمريكيين (نحو 56%) يعتقدون أن الاقتصاد الأمريكي يسير في اتجاه خاطئ، مقابل 26% قالوا إنه يسير في الاتجاه الصحيح، و17% قالوا إنهم لا يعرفون.
ووفق نتائج الاستطلاع التي اطلع عليها بقش، يتوقع قرابة 2 من كل 3 أمريكيين، أي نحو 65% أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تدهور أوضاعهم المالية الشخصية، مقابل 18% يقولون إنها ستحسن أوضاعهم المالية، فيما أفاد 7% آخرون بأن الرسوم الجمركية لن يكون لها أي تأثير، في حين لم يُحدد 10% منهم موقفهم بشأن هذه القضية.
وأجمع المشاركون في الاستطلاع تقريباً (بنحو 97% من الأفراد) على ارتفاع الأسعار خلال العام 2024، في فئة واحدة على الأقل من النفقات، وكان الأمريكيون الأكثر عرضة لملاحظة ارتفاع أسعار البقالة، حيث أقر نحو 91% من المشاركين بأنها شهدت ارتفاعاً.
وثمة 75% من المشاركين أكدوا أن تناول الطعام في الخارج قد شهد ارتفاعاً في الأسعار، فيما كشف 59% منهم أن أسعار البنزين قد سجلت ارتفاعاً، ورأى 52% منهم أن المنتجات الاستهلاكية شهدت ارتفاعاً في الأسعار. كما شهدت السيارات وخدماتها ارتفاعاً في الأسعار وفقاً لـ47% من المشاركين، واعتبر 40% من المشاركين أن أسعار السفر ارتفعت أيضاً، وشدد 39% على ارتفاع أسعار الخدمات المنزلية وخدمات العناية الشخصية.
وعلى سبيل الذكر، أعلنت شركة “ميتسوبيشي موتورز” اليابانية رفع أسعار سياراتها في السوق الأمريكية بنسبة 2.1% في المتوسط، بسبب التكاليف الإضافية الناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على واردات السيارات. وكانت الشركة قد علّقت مؤقتاً تسليم السيارات من الموانئ إلى وكلائها في الولايات المتحدة بعد إعلان الرسوم بنسبة 25% على واردات السيارات من اليابان ودول أخرى، لكنها استأنفت هذه التسليمات الأسبوع الماضي وفق مراجعة بقش.
في المقابل رأى ترامب في تصريحات أخيرة تابعها بقش، أن الاقتصاد الأمريكي بعيد عن التضخم الاقتصادي، ودافع عن رسومه الجمركية قائلاً إنها وفرت حتى الآن 88 مليار دولار.
وفي معرض تصريحاته، قال ترامب إن الأموال تتدفق على خزينة الولايات المتحدة الأمريكية، وإنها بدأت تبني مصانع كبيرة، مضيفاً أن الرسوم الجمركية ستوفر 800 مليار دولار.
تداعيات دولية
بالنظر إلى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن بكين حولت تركيزها إلى أسواق أخرى لتصريف فائضها الهائل من الإنتاج، بطريقة تهدد بإعادة تشكيل اقتصادات العالم وتوازناته الجيوسياسية، وفق اطلاع بقش على ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز. وتقول الصحيفة إن هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما حصل قبل 20 عاماً، حين فاجأت الصين أمريكا بقدرتها على تصنيع السلع وشحنها بسرعة وتكلفة منخفضة، وهو ما أعاد تشكيل الاقتصاد الأمريكي والمشهد السياسي.
وهذا العام تشير البيانات إلى أن فائض الصين التجاري مع باقي دول العالم بلغ نصف تريليون دولار، بزيادة تتجاوز 40% مقارنة بالفترة نفسها من 2024، ومع تصاعد المواجهة التجارية بين الاقتصادين الأكبر في العالم، تستعد باقي الدول لموجة صينية أكبر من التصدير.
وعلى صعيد آخر، قد تبقي أمريكا رسومها المرتفعة على دول جنوب شرق آسيا، وسط بيانات تشير إلى أن الصين تحول السلع عبر المنطقة لتفادي الرسوم الأعلى، ويتوقع اقتصاديون أن تفرض واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 15.5% في المتوسط على هذه الدول، حيث تسعى لإنهاء ممارسة “إعادة الشحن”، إذ يُنظر إلى المنطقة باعتبارها طريقاً ثالثاً للصين للالتفاف على الرسوم الجمركية الأمريكية.
ويُقدَّر أن تصل الرسوم الجمركية على فيتنام وتايلاند 24.3% و20% على التوالي، وتُتهم الدولتان بممارسة “إعادة الشحن” مقارنةً ببقية دول جنوب شرق آسيا، ما قد يدفع الولايات المتحدة للإبقاء على رسومهما الجمركية قريبة من المعدل المتوقع على الصين البالغ 30%.
وقد يتم تحديد الرسوم على سنغافورة والفلبين عند 10%، بسبب وجود مؤشرات محدودة على إعادة توجيه السلع في هذين البلدين. كما من الممكن أن تواجه دول رابطة “الآسيان” صعوبات في إبرام صفقات تجارية مع الولايات المتحدة قبل انتهاء فترة التجميد البالغة 90 يوماً في أوائل يوليو، نظراً للتقدم المحدود.
وفي بريطانيا، قال اتحاد الصناعة البريطاني إن التكاليف المتزايدة للشركات، الناجمة عن سياسة الرسوم الجمركية، من المتوقع أن تتسبب في تراجع الاستثمار التجاري وتؤثر في طموحات الحكومة لتسريع النمو في الاقتصاد البريطاني، متوقعاً أن الاقتصاد البريطاني على مسار تحقيق النمو بواقع 1.2% العام الجاري.
يأتي ذلك انخفاضاً من توقع سابق بواقع 1.6%، كما خفض الاتحاد توقعاته للنمو لعام 2026 من 1.5 % إلى 1 % للعام، معتبراً أن الرسوم الجمركية الأمريكية تسببت في رياح معاكسة للصادرات إلى أمريكا، وعرقلت الاسثتمارات من الشركات المتعددة الجنسيات في المملكة المتحدة.
بشكل عام، رغم النظرة الإيجابية لإدارة ترامب إلى الرسوم الجمركية للإسهام في إيرادات الحكومة، إلا أنها تهدد بشكل فعلي بارتفاع أسعار المستهلكين، إذ يتم تمرير تكاليف الرسوم إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى، وهو ما يثير احتجاج الأمريكيين قبل غيرهم، وأمام هذا الارتفاع في الأسعار يمكن أن يؤدي إلى التضخم الذي ينفيه ترامب، مما يؤثر بشكل خاص على الطبقات ذات الدخل المحدود، ويضع الاقتصاد في منطقة حرجة قد تؤدي -على المستوى الخارجي- إلى ردود فعل انتقامية غير محسوبة، مما يفاقم الحرب التجارية الحاصلة بالفعل.