استمرار مظاهرات عدن احتجاجاً على انهيار الأوضاع المعيشية وبيان نسائي يتوعد بـ”معركة لن تتوقف”

متابعات محلية | بقش
تشهد مدينة عدن، للأسبوع الثالث على التوالي، موجة احتجاجات واسعة النطاق، يشارك فيها الرجال والنساء على حد سواء، للتنديد بالانهيار الاقتصادي الحاد وتدهور الخدمات الأساسية. وبلغت الاحتجاجات ذروتها اليوم الأحد، 25 مايو 2025، بإصدار “ماجدات نساء عدن” بياناً ختامياً شديد اللهجة، يعكس حجم السخط الشعبي ويتوعد بتصعيد التحركات حتى تحقيق المطالب المشروعة.
لم تعد شوارع عدن قادرة على استيعاب الغضب المتصاعد، فمنذ أكثر من 3 أسابيع تتواصل المظاهرات والمسيرات، حيث يخرج المواطنون للتعبير عن رفضهم للواقع المرير الذي يعيشونه. وشهدت الأيام الأخيرة مشاركة نسائية لافتة، تُوِّجت ببيان ناري حمل عنوان “لن نقبل بوعود كاذبة ومعركتنا لن تتوقف حتى تحقيق المطالب”، صدر أمس السبت وحصل بقش على نسخة منه.
أكد بيان “ماجدات نساء عدن” أن صبرهن قد نفد وأن خروجهن لم يكن من أجل “فتات الرواتب ووعود الساسة”، بل من أجل الحقوق الأساسية التي باتت حلماً بعيد المنال، وجاء في البيان: “خرجت المرأة العدنية من أجل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والأمن”، مضيفًا أن “عدن تنزف وجعًا، ومن يسكت عن هذا الوجع فهو شريك في الجريمة”.
هؤلاء المسؤولون عن الانهيار الاقتصادي
تأتي هذه الاحتجاجات وسط وضع اقتصادي كارثي تعيشه عدن والمناطق المجاورة، إذ تشير البيانات التي يجمعها ويوثقها المرصد الاقتصادي بقش إلى أن الانهيار المتسارع للعملة المحلية أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، مما جعل تكاليف المعيشة تفوق قدرة الغالبية العظمى من السكان.
ويتمسك الريال اليمني بانهياره في مناطق حكومة عدن، رافضاً النزول عن مستوى 2500 ريال، ويرشح نفسه لمزيد من التراجع مقابل العملات الأجنبية، دون أن تسارع الحكومة لوضع حد للموقف الحرج، في حين يبدو التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية غير مستعد لدعم الحكومة التي تواصل طلب تقديم الدعم المالي دون فائدة، في مؤشر على فشل إدارة الحكومة للأوضاع الحساسة التي تمس كافة المواطنين.
وأمام الانهيار المخيف، أوقف بنك عدن المركزي في 19 مايو الجاري عقد مزاداته لبيع الدولار، نتيجة لعدم الإقبال على المزادات المستمرة منذ عام 2021 دون تحقيق أية نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع، إذ لم تفلح المزادات في تحقيق هدفها الرئيس المتمثل في كبح انهيار العملة وضبط أسعار الصرف والسوق المصرفي، وبات البنك نفسه متهماً في تحديد سعر رسمي للصرف لا يختلف عن السوق السوداء.
وحسب متابعات بقش، يبرز انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة كأكبر أشكال الانهيار، ويصل الانقطاع في بعض الأحيان إلى أكثر من 20 ساعة يومياً، قد شلّ الحياة تماماً، وأثر بشكل مباشر على كافة القطاعات، بما فيها المستشفيات ومحطات ضخ المياه، يضاف إلى ذلك أزمة مياه خانقة، وتدهور كبير في قطاعي الصحة والتعليم، وتأخر مستمر في صرف رواتب الموظفين، مما يدفع بالمواطنين إلى حافة اليأس.
ولم يوفر بيان النساء أياً من السلطات القائمة، حيث وجّه البيان اتهامات مباشرة للسلطات المحلية والمجلس الانتقالي والحكومة “الشرعية” بـ”الخذلان والصمت والتواطؤ”، وحذر البيان من أن النساء لن يعدن إلى منازلهن قبل تلبية قائمة المطالب التي شملت: توفير الكهرباء والمياه بشكل مستمر، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وصرف الرواتب المتأخرة، وإعادة صرف الرواتب عبر محلات الصرافة لتسهيل الأمر على المواطنين، مع ضرورة ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق وربط الأجور بالاحتياجات الأساسية، وكذا الإفراج عن المعتقلين وإغلاق السجون السرية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وفي خطوة لافتة، دعا البيان المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التدخل العاجل “لحماية حقوق الإنسان في عدن” والضغط على جميع الأطراف لتحقيق المطالب المشروعة، واختتمت “ماجدات نساء عدن” بيانهن بالتأكيد على أن صوتهن لن يُقمع، وأن معركتهن ستستمر “حتى تستعيد المدينة حقوقها وكرامتها”.
ومن جهته حمَّل المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأحد، مسؤولية تدهور الخدمات والوضع الاقتصادي لـ”الحكومات المتعاقبة” التي تدعمها السعودية، قائلاً إن هذا التدهور يمثل استمراراً لحالة العجز والفشل التي اتسم بها أداء الحكومات المتعاقبة، واعتبر أن ذلك يعكس حالة الاستهداف الممنهج لعدن والجنوب عموماً، ونتيجة لغياب الرقابة والتقييم والمحاسبة، وضعف أداء المؤسسات الحكومية تجاه المواطنين.
ويبقى الوضع في عدن مفتوحاً على كل الاحتمالات، في ظل إصرار المحتجين على مواصلة تحركاتهم حتى تحقيق مطالبهم، وصمت مريب من قبل السلطات التي تبدو عاجزة عن إيجاد حلول للأزمة المتفاقمة التي تهدد بانفجار اجتماعي شامل.