الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

اضطراب عنيف في الملاحة الجوية الإسرائيلية وميناء حيفا يتأهب للأسوأ

تقارير | بقش

في تصعيد لافت لعملياتها المساندة لقطاع غزة، كثفت قوات صنعاء من هجماتها الصاروخية مستهدفة مطار بن غوريون الدولي، بوابة إسرائيل على العالم، وكان أحدثها يوم أمس الأحد، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة الجوية الإسرائيلية ودفع العديد من شركات الطيران العالمية إلى تعليق أو إلغاء رحلاتها، في خطوة تهدف إلى الضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف حربه المدمرة على القطاع.

تأتي هذه الهجمات في إطار مرحلة جديدة من العمليات اليمنية التي تهدف إلى فرض حصار جوي على إسرائيل، بعد النجاحات التي حققتها في فرض حصار بحري عبر استهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب، وتؤكد صنعاء أن هذه العمليات لن تتوقف حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ورفع الحصار عن سكانه.

وقد أجبرت الهجمات المتكررة على مطار بن غوريون، والتي اعترفت إسرائيل في بعض الحالات بتأثيرها المباشر على حركة الملاحة، العديد من شركات الطيران الأجنبية الكبرى على اتخاذ قرارات بتعليق أو تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل، مما يعكس حالة القلق وعدم اليقين الأمني.

وشملت أبرز الشركات التي أعلنت عن تعليق رحلاتها حتى تواريخ متقدمة من عام 2025:

في المقابل، استأنفت بعض الشركات مثل إير فرانس (Air France)، دلتا (Delta Airlines)، إير انديا (Air India)، ويز إير (Wizz Air)، وأيجين ايرلاينز (Aegean Airlines) رحلاتها بنشاط محدود، إلا أنها تظل معرضة للتهديد في أي لحظة مع استمرار الهجمات اليمنية.

الاضطراب بحراً: ارتباك دولي بسبب ميناء حيفا

إضافة إلى التوتر الجوي الحاصل، تطرأ الاضطرابات على موانئ حيفا الاستراتيجية، النافذة البحرية الأبرز لإسرائيل، الذي دخل في نطاق استهداف قوات صنعاء هو الآخر، في ضربة قاسية جديدة تُوجَّه إلى الاقتصاد الإسرائيلي في أحلك ظروفه.

مسؤولو الموانئ الإسرائيلية تلقوا أسئلة من العملاء في جميع أنحاء العالم ومطالب بإجراء “محادثات توضيحية وتهدئة” من أجل الحفاظ على استمرارية العمل في الموانئ، لكون موانئ حيفا تحتل مكانة مركزية في حركة النقل البحري الإسرائيلية بشكل عام وخلال الحرب بشكل خاص، وفق اطلاع بقش على صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية.

الصحيفة ذكرت أنه لا يوجد حالياً تباطؤ أو إلغاءات ملحوظة في وصول السفن، إلا أنه حدث انخفاض بنحو 25% في ميناء أحواض بناء السفن في إسرائيل، وفي بداية الأسبوع كان هناك قرابة 40 سفينة تنتظر في طوابير خارج الموانئ في الشمال.

وعبّر الإسرائيليون عن قلقهم من تحذير قوات صنعاء للشركات التي تتعامل مع ميناء حيفا والمتجهة إليه أو المتواجدة فيه، حيث قالت إن على هذه الشركات أن تأخذ إعلان قوات صنعاء بعين الاعتبار، وإن الهجمات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب والحصار على غزة.

وأوردت صحيفة غلوبس أن “الحوثيين يعتبرون شلل ميناء إيلات نجاحاً كبيراً”، وهو ما تحدث عنه “يوئيل جوزانسكي”، الباحث البارز ورئيس برنامج الخليج في معهد دراسات الأمن القومي، مشيراً إلى أن هذا يأتي مقابل إلحاق الضرر بميناء الحديدة.

الاقتصاد الإسرائيلي تحت وطأة الحرب والخسائر

تأتي هذه الضربات لتزيد من الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني بالفعل من وطأة الحرب المستمرة على غزة وتداعياتها على مختلف القطاعات. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الحرب تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات، مع ارتفاع كبير في الإنفاق العسكري وزيادة في عجز الموازنة.

ووفق تتبع بقش للمشهد الاقتصادي الراهن في إسرائيل، أثرت الحرب بشكل مباشر على قطاعات حيوية مثل السياحة التي شهدت تراجعاً كبيراً، وقطاع البناء الذي يعاني من نقص حاد في العمالة. كما أدت حالة عدم اليقين الأمني إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية وتضرر أسواق المال.

وتعليق رحلات الطيران من قبل كبرى الشركات العالمية لا يمثل فقط ضربة لقطاع السياحة والطيران الإسرائيلي، بل يحمل أيضاً رسالة قوية حول تآكل الصورة الأمنية لإسرائيل وقدرتها على حماية منشآتها الحيوية.

وتضاف خسائر قطاع الطيران إلى الفاتورة الاقتصادية الباهظة للحرب، والتي تظهر أرقامها مدى عمق الأزمة، حيث بلغت تكلفة الحرب، وفق تقديرات صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية كتكلفة مباشرة مع الخسائر المدنية وخسائر الإيرادات بنحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024 وفق اطلاع بقش، بينما قدر بنك إسرائيل التكاليف المتعلقة بالحرب للفترة 2023-2025 بحوالي 55.6 مليار دولار.

عجز الموازنة من جهة أخرى وصل في عام 2024 إلى 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل إلى 8.2% لعام 2024 و 5.4% لعام 2025 (وفق توقعات أبريل 2024)، مما اضطر الحكومة للموافقة على ميزانية موسعة بإنفاق دفاعي قياسي.

وفيما يخص الناتج المحلي الإجمالي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الإسرائيلي إلى 1.6% فقط لعام 2024، بعد أن كان ينمو بمعدلات أعلى بكثير قبل الحرب، فضلاً عن انهيار السياحة التي شهدت تراجعاً كارثياً حسب بيانات رصدها بقش من مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي وأظهرت انخفاض عدد السياح الوافدين بنسبة 70% خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023، وبأكثر من 80% مقارنة بعام الذروة 2019، وهذا الانهيار يهدد آلاف الوظائف ويكبد القطاع خسائر بمليارات الدولارات.

قطاع البناء هو الآخر لم يكن بعيداً عن تداعيات الأزمة المالية، حيث يعاني من خسائر فادحة قدرت بنحو 98 مليار شيكل (حوالي 26 مليار دولار) في عام 2024، أي ما يعادل 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب النقص الحاد في العمالة الفلسطينية وتوقف العديد من المشاريع، حسب بيانات جمعية مقاولي البناء الإسرائيلية، كما انخفض الاستثمار في الأصول الثابتة بشكل حاد، حيث سجل تراجعاً بنسبة 67.8% في الربع الأخير من 2023، مما يعكس هروب رؤوس الأموال وانعدام الثقة.

هذه الأرقام التي جمعها بقش والصادرة عن مصادر إسرائيلية ودولية، ترسم صورة واضحة لحجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي. أما الهجمات اليمنية، بشقيها البحري والجوي، فلم تعد مجرد تهديد أمني عابر، بل تحولت إلى عامل ضغط اقتصادي حقيقي يضاف إلى التكاليف الباهظة للحرب، وتراجع التصنيف الائتماني، وتآكل الصورة الدولية لإسرائيل.

هذا ويحذر خبراء من أن التكاليف غير المباشرة، مثل تراجع الاستثمار وتباطؤ الإنتاجية، قد تمتد لسنوات، مما يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحديات هيكلية غير مسبوقة، ويزيد من حتمية البحث عن حلول سياسية لإنهاء حرب غزة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش