اقتصاد تركيا على حافة هاوية سياسية.. الأسواق مضطربة والبورصة ممنوعة من البيع

مع تزايد الاضطرابات الاقتصادية في تركيا، حذّرت وكالة “إس آند بي غلوبال” للتصنيف الائتماني من أن اعتقال وسجن سياسيين معارضين في البلاد الأسبوع الماضي يشكل خطراً على الثقة في الاقتصاد التركي واستقرار سعر الصرف.
ومنذ نهاية 2023 أحرزت السلطات التركية تقدماً في إقناع الأسر بتحويل مدخراتها من الذهب والعملات الأجنبية إلى العملة المحلية وهو ما عزز من احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وشجّع على تباطؤ التضخم وفقاً للوكالة، لكن رغم ذلك يؤدي الوضع السياسي الراهن لانتكاسة اقتصادية في تركيا.
فعودة التوترات السياسية تمثّل انتكاسة فعلية للإصلاحات الاقتصادية وترفع من حالة عدم اليقين في إنفاق الأسر وتدفقات رأس المال وسعر الصرف والنمو الاقتصادي حسب اطلاع بقش على الوكالة.
وكانت الحكومة التركية اعتقلت رئيس بلدية إسطنبول “أكرم إمام أوغلو” الذي يُعد السياسي المعارض والمنافس الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. هذا الاعتقال أدى إلى تراجع الأصول التركية على مدار الجلسات الماضية، مما جعل السلطات التركية تتحرك عاجلاً لاتخاذ إجراءات وتعهدات للحفاظ على الاستقرار.
قرار حظر: يُمنع بيع الأسهم
في خطوة جديدة، أعلنت هيئة أسواق المال التركية حظر البيع على المكشوف في بورصة إسطنبول، مع تخفيف قيود إعادة شراء الأسهم ومتطلبات نسب حقوق المساهمين إلى صافي الأصول حتى 25 أبريل 2025 وفق متابعات بقش.
هذا القرار جاء وسط اضطرابات السوق عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول “أوغلو” وحبسه، بتهم قالت الحكومة التركية إنها مرتبطة بالفساد.
والبيع على المكشوف هو عملية تتضمن اقتراض أسهم من وسيط مالي مقابل عمولة وبيعها في السوق، ثم شراؤها مرة أخرى بسعر أقل وإرجاعها إلى الوسيط، ويكون ربح المستثمر الفرق بين سعر البيع المبدئي وسعر الشراء.
وأقرّت الهيئة التركية تخفيف شرط نسب حقوق المساهمين إلى صافي الأصول في معاملات سوق الائتمان، وألغت الحد الأقصى لإجمالي المبلغ المستخدم لإعادة شراء أسهم الشركات المدرجة.
وهذه الخطوات وفق إعلان الهيئة جاءت لضمان عمل أسواق رأس المال على نحو يتسم بالمصداقية والشفافية والاستقرار ولحماية المستثمرين.
ومن جانب آخر قال اتحاد البنوك التركية إن البنك المركزي التركي أبلغ المصرفيين بأنه سيستخدم جميع الأدوات المتاحة ضمن قواعد السوق بفاعلية وحسم للحفاظ على الاستقرار.
ووسط موجة الاضطرابات العارمة، تُتداول الليرة التركية عند 37.88 ليرة مقابل الدولار الواحد، وهو يمثّل تراجعاً من مستوى دون 37 ليرة قبل اعتقال إمام أوغلو، في حين تشهد الأسهم والسندات تراجعات حادة منذ يوم الأربعاء الماضي حسب متابعة بقش.
وفي السياق، أعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا ترشيح أكرم إمام أوغلو رسمياً للانتخابات الرئاسية لعام 2028، باعتبار أوغلو بالنسبة للمعارضة التركية أبرز منافس للرئيس أردوغان الذي وصفه مستثمرون وخبراء اقتصاديون مؤخراً بأنه يريد إحكام قبضته على السلطة بشكل يؤثر سلباً على الاقتصاد.
وأمس الأحد نُقل إمام أوغلو مع عدد من المتهمين إلى سجن “مرمرة” غربي إسطنبول.
أردوغان يتعهد: سألتزم بجذب المستثمرين
أمام هذه التوترات عالية الوتيرة، تعهد الرئيس التركي أردوغان بالالتزام بالسياسات الاقتصادية التي يُنظر إليها بأنها تجذب المستثمرين والتي تبناها عام 2023، وحمّل المعارضة مسؤولية تقلبات السوق التركية.
أضاف أردوغان بأنه لن يسمح بتضرر “المكاسب التي حققناها من البرنامج الاقتصادي الذي نُفذ في العامين الماضيين”، ورأى أن المؤسسات التركية “لديها السلطة والإرادة لضمان سلامة آليات السوق”.
رغم هذه التصريحات، لا يزال المستثمرون يشعرون بالقلق إزاء تزايد المخاطر السياسية المنعكسة على الأسواق والعملة التركية.
وما يزيد من عدم اليقين الاقتصادي، هو تكثيف صانعي السياسات الاقتصادية، مثل البنك المركزي ووزارة المالية، إجراءاتهم لحماية العملة في أعقاب اعتقال إمام أوغلو، ووفق اطلاع بقش على بلومبيرغ فإنه سيتم اتخاذ المزيد من الإجراءات للدفاع عن الليرة في الأيام المقبلة.