الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الاستيلاء المجاني على أراضي القواعد الأمريكية وتغيير “وزارة الحرب”.. ترامب يسعى لإعادة فرض السيطرة

الاقتصاد العالمي | بقش

يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الدول التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية أن تمنح الولايات المتحدة ملكية هذه الأراضي “مجاناً”، و”من يعارض نأخذها بالقوة”. مثل هذه التصريحات تسلط الضوء على تغيير اللهجة الدبلوماسية وسردية القوة الأمريكية في ولاية ترامب، من خلال مساعي فرض هيمنة واشنطن بشكل أكبر.

وفي تصريح لم يكن متوقعاً، طالب ترامب بـ”ملكية” الأراضي في كوريا الجنوبية التي تستخدمها القوات العسكرية الأمريكية”، وتسبب ذلك وفق متابعة مرصد “بقش” في جدل واسع في كوريا الجنوبية التي لا تزال متعثرة نسبياً في الوصول إلى “اتفاق تجاري” مع واشنطن.

قال ترامب خلال أول لقاء شخصي له مع الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في واشنطن: “ربما يكون أحد الأمور التي أود القيام بها هو أن أطلب منهم منحنا ملكية الأرض بينما نمتلك الحصن الكبير. كما تعلمون، أنفقنا أموالاً طائلة على بناء الحصن، وكانت هناك مساهمة من كوريا الجنوبية”. وأضاف: “لكنني أود أن أرى ما إذا كان بوسعنا التخلص من عقد الإيجار والحصول على ملكية الأرض التي لدينا فيها قاعدة عسكرية ضخمة”.

وفي أواخر أغسطس المنصرم، ذكرت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن “سيؤول” لم تتلق أي طلب من الولايات المتحدة لتسليم ملكية الأراضي التي تستضيف القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد، بعد أن طرح ترامب هذه الفكرة خلال قمته مع الرئيس الكوري.

وأكدت الخارجية الكورية: “نحن نقدم مختلف أشكال الدعم المباشر وغير المباشر لضمان بيئة مستقرة لتمركز القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، ومنح الأراضي لموقع القاعدة الأمريكية هو جزء من تلك الجهود”، مضيفة أنها ستواصل جهودها لتوفير بيئة مستقرة للقوات الأمريكية والمساعدة في تحسين الظروف عند الضرورة.

ليس عقد إيجار أو نقل ملكية

وفق قراءة بقش، تنص المادة الثانية من اتفاقية وضع القوات بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا (لعام 1966) على أن كوريا الجنوبية “تمنح” أراضٍ ومنشآت للاستخدام العسكري الأمريكي.

هذا ليس عقد إيجار أو نقل ملكية، بل هو منحة سيادية للاستخدام، مرتبطة بالشراكة الدفاعية، وحين لا تعود هناك حاجة إلى هذه المنشآت الأمريكية، تُعاد إلى كوريا الجنوبية، وفقاً لصحيفة إنكوايرر الفلبينية.

محللون استراتيجيون رأوا أن تعليقات ترامب حول “الملكية” كانت على الأرجح تكتيكاً للمساومة قبل مفاوضات أمنية مستقبلية، لأن منح الملكية الفعلية للأرض أمر غير ممكن من الناحيتين القانونية والسياسية.

بارك وون جون، الخبير العسكري وأستاذ الدراسات الكورية الشمالية بجامعة إيهوا، قال إن تصريحات ترامب كانت وسيلة غير مباشرة للضغط على كوريا الجنوبية لزيادة إنفاقها الدفاعي وتحمل عبء أمني أكبر، ربما من خلال إعادة التفاوض على اتفاقية تقاسم التكاليف للحفاظ على قوات الولايات المتحدة في كوريا، والمعروفة باسم اتفاقية التدابير الخاصة.

ومن وجهة النظر الأمريكية، فإن تحويل الأرض إلى ممتلكات أمريكية من شأنه في الواقع أن يحد من “المرونة الاستراتيجية” للقوات الأمريكية في كوريا ويعمل من الناحية الفنية ضد المصالح الأمريكية، وفقاً لبارك، مضيفاً أن تصريحات ترامب ينبغي أن تُفهم على أنها ضغط مرتبط بتقاسم تكاليف الدفاع.

وقد صعّدت إدارة ترامب الضغط على سيؤول لتحمل المزيد من تكاليف الدفاع للحفاظ على قوات الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية في شبه الجزيرة. ورداً على ذلك، شدد مسؤولون كوريون على ضرورة الالتزام باتفاقية تقاسم تكاليف الدفاع الأخيرة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة للفترة 2026-2030، التي وُقّعت في عهد إدارة بايدن السابقة.

نهج فرض القوة والسيطرة.. تغيير الدفاع إلى “وزارة حرب”

يشير تحليل بقش إلى أن تصريحات ترامب حول الرغبة في الحصول مجاناً على ملكية الأراضي الدولية التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية، وأخذها بالقوة في حال الاعتراض، هي تصريحات جاءت متزامنة مع قرار تغيير اسم وزارة الدفاع “البنتاغون” إلى “وزارة الحرب”.

ووزارة الدفاع الأمريكية هي الجزء الأكبر من الحكومة الفدرالية الأمريكية، ولديها ما يقرب من 3 ملايين شخص يخدمون في الجيش أو وظائف مدنية، وتتطلب ما يقرب من 850 مليار دولار سنوياً، أي أكثر من 50% من الإنفاق الحكومي، وقد ارتفعت ميزانية البنتاغون في عهد ترامب لتبلغ مخصصاته نحو1.01 تريليون دولار بالسنة المالية 2026.

نظرة ترامب المختلفة للدفاع واستخدام كلمة “الحرب” يتماشى مع نهج استعادة أمجاد عصر القوة كما يرى محللون استراتيجيون، وهي سرديات تهم ترامب لأقصى درجات الأهمية، وهو الذي تبنى شعار “أمريكا أولاً” منذ ولايته الرئاسية الأولى. كما أنه أصدر قرارات مشابهة، فقام مثلاً بتغيير اسم “خليج المكسيك” إلى “خليج أمريكا”، وأعاد تسمية قواعد عسكرية سبق أن غيّرها بايدن.

واعتُبر هذا الإجراء شكلياً فقط، لكنه سيكلف الولايات المتحدة مليارات الدولارات بسبب اللجوء إلى تغيير الأختام والأوراق الرسمية فحسب. وبدوره قال وزير الدفاع الأمريكي، هيغسيث، الذي غيّر صفته إلى “وزير الحرب الأمريكي” كما غيّرت الوزارة اسمها على منصة إكس، إن الخطوة تتعدى كونها مجرد تعديل شكلي في الألفاظ، بل “تتعلق بتعزيز روح المحارب في البنتاغون”، وبما يتواءم مع شعارات إدارة ترامب “أمريكا أولا، السلام من خلال القوة”.

ورغم الضجيج الذي أثارته خطوة ترامب، إلا أنها لا تحمل قوة قانونية ملزمة، إذ إن تغيير اسم وزارة الدفاع رسمياً يظل مرهوناً بقرار الكونغرس، لكن يبدو أن ترامب غير معني بالقيود التشريعية بقدر ما يركز على البعد الرمزي والسياسي لخطوته، في وقت تحرك فيه بعض حلفائه في الكونغرس لتمهيد الأرضية التشريعية أمامه، كما يرى أن مسمى “الدفاع” لا يليق بدولة “تفوز في كل الحروب” حد تعبيره، مشدداً على ضرورة أن يعكس الاسم “نزعة هجومية” لا دفاعية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش