الاقتصاد الأمريكي يواجه ضغوطاً متزايدة.. حرب ترامب الجمركية تتفاقم مع ترقب حول خطة الضرائب
الاقتصاد العالمي | بقش
مع تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية، أظهر استطلاع جديد نشرته وكالة “رويترز” أن توقعات النمو في الولايات المتحدة ما زالت متأثرة سلباً بسياسات الرئيس دونالد ترامب، رغم الهدنة التجارية المؤقتة مع الصين.
وقد تفاقمت الأوضاع أكثر مع إعلان وكالة التصنيف الائتماني “موديز” عن خفض تصنيف الدين السيادي الأمريكي، مما زاد من المخاوف بشأن الاستقرار المالي على المدى الطويل.
وعلى الرغم من الاتفاق المؤقت الذي تم توقيعه بين واشنطن وبكين لخفض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، إلا أن الاقتصاديين يرون أن هذا التحرك لم يساهم في تعزيز الثقة بشكل كبير. بل بالعكس، أشارت بيانات من مؤسسة “بلومبيرغ” اطلع عليها بقش إلى أن معدل التعريفة الجمركية الفعلي في الولايات المتحدة ارتفع إلى 13% في أبريل 2025، مقارنة بـ2% فقط في بداية عام 2024، مما يعكس تصاعد حرب ترامب الجمركية على نطاق أوسع.
وأوضح خبراء اقتصاد من بنك “ستاندرد تشارترد” أن هذه السياسات أدت إلى تدهور في سلاسل التوريد العالمية، مع تأثير مباشر على تكاليف المستهلكين والشركات الصناعية الأمريكية.
النمو الاقتصادي يتراجع.. والتضخم يظل مرتفعاً
وفق تقرير صادر عن “سي إن بي سي”، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الأمريكي نمواً طفيفاً بنسبة 1.4% في عام 2025، مقارنة بنحو 2.8% في 2024، وهو ما يُعد تباطؤاً حاداً. كما تشير التقديرات التي يتتبعها بقش إلى أن الانكماش قد وصل إلى -0.3% في الربع الأخير من 2024، مدفوعاً بارتفاع الواردات بنسبة قياسية بلغت 1.5%.
ولم تشهد توقعات التضخم أي تحسن، حيث يُتوقع أن يظل فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% حتى عام 2027 على الأقل، وقالت “بلومبيرغ” إن هذا التطور يعزز من تكلفة الاقتراض ويحد من قدرة الشركات على الاستثمار.
مشروع قانون خفض الضرائب يزيد من الضبابية
من المنتظر أن يصوت الكونجرس قريباً على مشروع قانون خفض الضرائب الشامل الذي اقترحه ترامب، وهو ما أثار موجة من القلق لدى الخبراء، فقد أشارت وكالة “موديز” إلى أن هذا المشروع قد يزيد من العجز المالي ويضعف من الملاءة المالية طويلة الأمد للبلاد.
وقال أديتيا بهافي، خبير اقتصادي في بنك “أوف أمريكا”: “من المرجح أن ترسل موديز رسالة واضحة بأن هذا القانون مسرف مالياً… وما لم يكن هناك تحرك مفاجئ، فإن الخطر يكمن في أنه بحلول الوقت الذي تتعامل فيه واشنطن بجدية مع مشاكلها المالية، قد تكون التعريفات الجمركية هي الخيار الوحيد المتاح لخفض العجز”.
الاحتياطي الفيدرالي ينتظر بحذر قبل خفض الفائدة
رغم التباطؤ في النمو، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال غير مستعجل لخفض أسعار الفائدة، ففي أبريل 2025، تمكن البنك المركزي من الحفاظ على سعر الفائدة ضمن نطاق 4.25%-4.50%.
وفي استطلاع أجري مؤخراً، توقع 52 من أصل 103 خبراء اقتصاديين أن تستأنف لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية خفض سعر الفائدة في الربع الثالث، مع تركيز كبير على سبتمبر كأقرب موعد محتمل.
تأثير الحرب الجمركية على العالم
تؤكد البيانات أن حرب ترامب الجمركية لم تعد مجرد قضية داخلية أمريكية، بل أصبحت تؤثر على الاقتصاد العالمي، فحسب تقرير صادر عن “بلومبيرغ إيكونومكس”، تراجعت حركة التجارة العالمية بمعدل 2.6% منذ بداية 2024، نتيجة للرفع المنهجي للتعريفات الجمركية على الصين وأوروبا واليابان وغيرها من الدول.
وأشارت “CNBC” إلى أن الشركات متعددة الجنسيات بدأت تعيد ترتيب سلاسل التوريد الخاصة بها، مع زيادة تكلفة الإنتاج والنقل بسبب الحاجة إلى استخدام طرق بديلة أو إنشاء منشآت في أماكن بعيدة عن المناطق التي تفرض رسوماً جمركية عالية.
بينما يواصل الاقتصاد الأمريكي مواجهة ضغوط داخلية وخارجية متزايدة، يبقى التخوف الأكبر هو استمرار الحرب الجمركية تحت إدارة ترامب، فالبيانات والأرقام تشير إلى أن الاقتصاد العالمي يدفع ثمن هذه السياسات، سواء من خلال ارتفاع التضخم، أو تباطؤ النمو، أو تغيرات جذرية في مسارات التجارة الدولية.
