الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الاقتصاد الإسرائيلي يترنح: مليارات تتبدد وشلل يضرب قطاع البناء مع استمرار حرب غزة وهجمات اليمن

تقارير | بقش

في شهادة جديدة على التكاليف الباهظة لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تقدم ما يسمى بـ”اتحاد مقاولي البناء” في الكيان بالتماس إلى محكمة العدل العليا، كاشفاً عن خسائر كبيرة وتدهور كارثي في قطاع البناء والبنى التحتية.

هذه الخطوة ليست سوى قمة جبل الجليد من الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بالكيان، والتي تفاقمت بشكل كبير بفعل العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023.

اعترفت جمعية البناة الإسرائيلية في التماسها بأن الأضرار المباشرة التي لحقت بقطاع البناء والبنى التحتية منذ بدء العدوان على غزة، قد بلغت حوالي 131 مليار شيكل (نحو 35.5 مليار دولار أمريكي).

هذا الرقم يعكس حجم الكارثة، حيث يمثل وحده خسارة قدرها 98 مليار شيكل خلال عام 2024، وهو ما يشكل قرابة 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي للكيان وفق مراجعة بقش، ونحو 45% من إجمالي ناتج قطاع الإنشاءات.

تداعيات هذا الانهيار لم تقتصر على أرقام الميزانيات، بل امتدت لتطال حياة المستوطنين بشكل مباشر، فالجمعية تقر بأن متوسط التأخير في تسليم الشقق السكنية للمستوطنين وصل إلى ستة أشهر، مما يفتح الباب أمام موجة من الدعاوى القضائية ضد المقاولين المطالبين بدفع تعويضات باهظة، تتضمن بنوداً عقابية عن كل شهر تأخير، وهذا الوضع يفاقم الأزمة الاجتماعية داخل الكيان، ويكشف هشاشة الادعاءات بالاستقرار والازدهار.

يأتي هذا الالتماس في وقت تشهد فيه مناطق حيوية في قلب الكيان، مثل “حديقة المحطة” في تل أبيب، ركوداً تجارياً دفعها لتغيير غرضها، في دلالة واضحة على الانكماش الاقتصادي، وحتى المشاريع الطموحة، مثل برج من 50 طابقاً في منطقة البورصة، باتت تواجه تحديات جمة في ظل هذا المناخ المأزوم.

شلل قطاع البناء واللوم الحكومي المتبادل

يشير ممثلو المقاولين بأصابع الاتهام إلى حكومة نتنياهو المتطرفة، مؤكدين أن قراراتها بفرض إغلاق كامل على العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، الذين يشكلون عصب هذا القطاع، هي السبب الرئيسي في هذه الكارثة.

هذا الإغلاق، المستمر حتى اليوم، إضافةً إلى تداعيات الحرب الأخرى مثل استدعاء أعداد هائلة من جنود الاحتياط والمعدات للخدمة العسكرية، وإغلاق مواقع البناء بأوامر من قيادة الجبهة الداخلية الفاشلة، كلها عوامل دفعت قطاع البناء إلى نقص حاد وغير مسبوق في القوى العاملة.

ويؤكد محامو نقابة المقاولين، في التماسهم، أن “مسؤولية الوضع تقع على عاتق الدولة”، التي تتهرب من مسؤولياتها وتحاول إلقاء العبء كاملاً على المقاولين.

النقص في العمالة لم يؤد فقط إلى تأخير تسليم الشقق، بل شلّ أيضاً مشاريع البنى التحتية الحيوية والمشاريع العامة، حيث تجد الشركات نفسها عاجزة عن الوفاء بالجداول الزمنية، وتواجه خطر فرض غرامات ضخمة وتأخير في مستحقاتها ومصادرة ضماناتها، وكل يوم تأخير يضيف تكاليف باهظة وغير متوقعة، من ارتفاع تكاليف التمويل والتأمين والحراسة، إلى دفع رواتب إضافية وصيانة معدات متوقفة.

يطالب المقاولون بحل “جانبي” يضمن بعض اليقين في السوق المنهار، ويمنع تراكم الدعاوى القضائية، ويسمح باستمرار العقود، مع الاعتراف بأن الحرب وتداعياتها هي “قوة قاهرة” تعفي المقاولين من المسؤولية عن التأخير.

لم تقتصر الضربات التي يتلقاها اقتصاد الاحتلال على تداعيات حربه العدوانية المباشرة في غزة، بل امتدت لتشمل تداعيات الهجمات اليمنية المساندة لغزة، فمنذ نوفمبر 2023، أدت العمليات التي تنفذها قوات صنعاء ضد السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي أو المتجهة إلى موانئه في البحر الأحمر وباب المندب، إلى شلل شبه تام في ميناء إيلات الاستراتيجي.

هذه الهجمات أجبرت شركات الشحن العالمية على تغيير مساراتها، مما أدى إلى ارتفاع هائل في تكاليف الشحن والتأمين، وتأخيرات كبيرة في وصول البضائع.

أثّر هذا الوضع بشكل مباشر على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإسرائيلي، من الصناعة إلى التجارة، وزاد من الضغوط التضخمية، وكبد الكيان خسائر تقدر بمليارات الدولارات إضافية، تضاف إلى فاتورة الحرب الباهظة في غزة.

رئيس ما يسمى بـ”جمعية البنائين الإسرائيليين”، روني بريك، صرح بمرارة: “منذ بداية الحرب، اتصلت الجمعية مراراً وتكراراً بمختلف الوكالات الحكومية وحذرت من تأثير الحرب على الصناعة”.

نطاق الحرب والإغلاق استثنائيان بكل المقاييس، وتعاني الصناعة بأكملها ومشترو الشقق من أضرار جسيمة لا رجعة فيها، وبدأت المحاكم تمتلئ بالدعاوى القضائية”، وأضاف وفق اطلاع بقش أنهم طالبوا الحكومة بحل تشريعي يعترف بالحرب كـ”قوة قاهرة”، بحيث لا يخول التأخير في تسليم الشقق بسبب الحرب مشتري المنازل تعويضاً.

وهناك نقص حاد يقدر بـ30 ألف عامل أجنبي في الوقت الذي تتباطأ فيه حكومة الاحتلال عن جلب العمال الأجانب، ورغم الموافقة على جلب 5,000 عامل لقطاع البنية التحتية، لم يدخل أي منهم حتى الآن، وهو ما تساءل عنه “بريك” بتهكم: “هل يمكن تعريف هذه الحرب بأنها قوة قاهرة؟ إذا لم تكن قوة قاهرة، فما هي؟ لقد مررنا بعمليات، ومررنا بأوقات عصيبة، ولكن ليس عاماً ونصف من بلد يغلق أبوابه ولا يمكنه جلب العمال”، مواصلاً سخريته من التوجه إلى جلب شركات أجنبية بدلاً من دعم الشركات المحلية “الزرقاء والبيضاء”، في إشارة إلى الألوان المزعومة لعلم الكيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش