البنك الدولي يُغيّر خريطة عملياته العالمية بنقل إداراته الإقليمية خارج واشنطن

أعلن البنك الدولي، أمس الثلاثاء، عن خطط طموحة لإعادة هيكلة هيكليته التشغيلية عبر نقل إداراته الإقليمية من المقر الرئيسي في واشنطن إلى مراكز إقليمية منتشرة حول العالم، في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز السرعة والكفاءة في استجابته لأزمات التنمية والاحتياجات الملحة للدول الأعضاء.
وكشف البنك في بيان داخلي نُقل إلى الموظفين، أن هذه الخطوة تمثل “المرحلة الأحدث في مسيرة اللامركزية”، حيث سيتم نقل ثلثي موظفي العمليات إلى المناطق التي يخدمونها مباشرةً، بما يُنهي عقوداً من العمل المركزي في العاصمة الأمريكية.
وأوضحت “آنا بييردي”، المديرة العامة للعمليات بالبنك، أن الهدف يتمثل في “تقريب المديرين التنفيذيين من العملاء”، وتسهيل وصول الدول إلى الخدمات التمويلية والفنية، مع تحسين الكفاءة التشغيلية.
الهيكل الجديد: قيادات إقليمية ومؤسسات متفرعة
يشمل التحول تعيين 11 نائب رئيس إقليمي، سيعملون ضمن فروع البنك الرئيسية، بما فيها:
- البنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD).
- رابطة التنمية الدولية (IDA).
- مؤسسة التمويل الدولية (IFC).
كما سيتم تعيين مدراء إقليميين جدد في مناطق تشمل الشرق الأوسط، آسيا، وأفريقيا، بينما سيُترك الفريق المسؤول عن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في واشنطن.
المراكز الجديدة: دبي، سنغافورة، نيروبي على رأس القائمة
أفادت مصادر مطلعة بأن اختيار المواقع الجديدة يأتي بعد تقييم عوامل مثل القرب الجغرافي من الدول المستفيدة، وجودة الحياة للموظفين، وسهولة السفر وربط الشبكات اللوجستية.
ومن بين المرشحين الرئيسيين: دبي كمركز للشرق الأوسط، سنغافورة لآسيا والمحيط الهادئ، ونيروبي لأفريقيا جنوب الصحراء.
ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى من التنفيذ في مايو 2025، على أن تكتمل العملية بالكامل خلال العامين المقبلين. وجاءت هذه الخطة بدعم من مجلس الإدارة، الذي اطّلع على التفاصيل خلال الأسابيع الماضية.
يقود هذه المبادرة رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، الذي تولى منصبه في يونيو 2023، بهدف إعادة تعريف دور المؤسسة في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وعدم المساواة.
وتزعم مصادر مطلعة أن الخطة ليست رداً على تخفيضات المساعدات الأمريكية الأخيرة، بل جزءاً من رؤية إستراتيجية مستقلة.
يأتي التحول في إطار سعي البنك لمواكبة التحولات الجيوسياسية والاقتصادية، حيث أشارت تقارير داخلية سابقة إلى أن المركزية المفرطة أعاقت سرعة الاستجابة لأزمات مثل جائحة كوفيد-19 والكوارث المناخية. كما يُعتبر التقارب الجغرافي مع العملاء عاملاً حاسماً في تعزيز الشراكات مع الحكومات والقطاع الخاص.
بينما تُعد هذه الخطوة الأكبر في تاريخ البنك منذ تأسيسه عام 1944، تبقى التحديات قائمة، خاصة في توطين الكفاءات وضمان الانسجام بين المقر الرئيسي والمكاتب الإقليمية. النجاح سيعتمد على قدرة البنك على تحقيق التوازن بين اللامركزية والفاعلية، في مهمةٍ قد تُعيد تعريف مفهوم “التمويل التنموي” في عالمٍ تتسارع تحولاته.