الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

أول تحرك للكونغرس لمواجهة سياسات ترامب التجارية المدمرة

في خطوة غير مسبوقة تعكس مخاوف متزايدة من التداعيات الاقتصادية للسياسات التجارية الحالية، كشف مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عن مشروع قرار يهدف إلى وقف التعريفات الجمركية العالمية المفروضة مؤخراً.

يقود هذه المبادرة السيناتور رون وايدن، العضو البارز في اللجنة المالية بمجلس الشيوخ والقادم من ولاية أوريغون، بالتعاون مع السيناتور الجمهوري راند بول من ولاية كنتاكي.

وانضم إلى هذا التحالف عدد من الشخصيات البارزة في مجلس الشيوخ، بينهم زعيم الأقلية تشاك شومر من نيويورك، والسيناتور تيم كين من فرجينيا، وجين شاهين من نيو هامبشاير، وبيتر ويلش من فيرمونت، وإليزابيث وارين من ماساتشوستس وفق متابعات بقش، وجميعهم من الحزب الديمقراطي.

ومن المقرر أن يتم تقديم القرار رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيتم التعامل معه كقرار ذو أولوية يستوجب طرحه للتصويت في جلسة عامة بمجلس الشيوخ. ويستهدف القرار بشكل مباشر إنهاء حالة الطوارئ التي أعلنها ترامب واستند إليها في فرض رسوم جمركية باهظة وصلت إلى 49% على مجموعة واسعة من المنتجات المستوردة.

المشرعون عن الرسوم: حرب ترامب فوضى ضد الأسر الأمريكية

أدت هذه التعريفات الجمركية إلى سلسلة من التداعيات السلبية على الاقتصاد الأمريكي، إذ شهدت الأسواق المالية تراجعاً ملحوظاً، واضطرت مصانع عديدة إلى الاستغناء عن آلاف العاملين. كما قامت دول أجنبية بالرد بالمثل من خلال فرض تعريفات مماثلة على الصادرات الأمريكية، خاصة المنتجات الزراعية والصناعية.

وفي تصريح له حول هذه المبادرة، قال السيناتور وايدن: “ترامب يدفع اقتصادنا إلى الركود، ويقتل الوظائف ويقضي على صناديق تقاعد كبار السن بينما نتحدث، كفى، لا ينبغي أن يكون لدى أي رئيس سلطة فرض ضرائب على كل ما يشتريه الأمريكيون دون أن يكونوا مسؤولين أمام الكونجرس، ما لم ينضم الجمهوريون إلى الديمقراطيين ويستعيدوا سلطة الكونجرس على السياسة التجارية، فقد يستغرق الضرر سنوات حتى يتم عكسه”.

من جانبه، أكد السيناتور راند بول على الجانب الدستوري للقضية قائلاً: “التعريفات الجمركية هي ضرائب، وسلطة الضرائب ملك للكونغرس وليس الرئيس، مؤسسونا كانوا واضحين: يجب ألا تقع السياسة الضريبية في أيدي شخص واحد، إن إساءة استخدام سلطات الطوارئ لفرض تعريفات شاملة لا يؤدي فقط إلى زيادة التكاليف على العائلات الأمريكية ولكن أيضاً يدوس على الدستور، لقد حان الوقت لأن يعيد الكونجرس تأكيد سلطته ويعيد توازن القوى”.

وشدد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على خطورة الوضع الاقتصادي الناجم عن هذه السياسات قائلاً: “لا تخطئ، الحرب التجارية غير المدروسة والفوضوية للرئيس ليست سوى ضريبة على العائلات الأمريكية، حيث يقود ترامب أمريكا رأساً على عقب إلى الركود، مع عدم وجود خطط حول كيفية تصحيح الاقتصاد المتداعي، يتمتع مجلس الشيوخ بالسلطة والصلاحية لوقف هذا الجنون وعلينا واجب التصرف بطريقة من الحزبين لإلغاء هذه التعريفات الجمركية، ولهذا السبب أنا فخور بالمشاركة في رعاية هذا التشريع، لقد حان الوقت للجمهوريين للدفاع عن العائلات الأمريكية، وخفض التكاليف، وتوفير أموال تقاعد كبار السن، ومنع حدوث أزمة اقتصادية عالمية”.

من جهته تحدث السيناتور تيم كين عن التداعيات الأمنية والدولية لهذه السياسات التجارية وقال: “لا يوجد رئيس لديه سلطة فرض مثل هذه التعريفات الشاملة من جانب واحد دون موافقة الكونغرس، إن استراتيجية التعريفة الجمركية للرئيس ترامب ترفع التكاليف على العائلات الأمريكية، وتهدد التحالفات التي يعتمد عليها أمننا القومي، وتخلق الفرصة للصين والخصوم الآخرين للاستفادة من عدم الاستقرار العالمي”. مضيفاً: “لقد حان الوقت الآن لكي يعيد الكونغرس تأكيد سلطته في مسائل التجارة الدولية، وآمل أن ينضم إلينا زملائي على جانبي الممر”.

وعبرت السيناتورة إليزابيث وارين عن موقفها بالإشارة إلى أنّ “أجندة دونالد ترامب المتهورة ستضر بالعائلات الأمريكية والشركات الصغيرة والمصنعين، تعريفات ترامب هي تخريب اقتصادي، والكونغرس لديه القدرة على إيقافها، يمكن للجمهوريين الانضمام إلى الديمقراطيين وإنهاء هذا اليوم”.

وفي سياق متصل، حذر السيناتور بيتر ويلش من خطورة الوضع قائلاً: “لقد تجاوزت الحرب التجارية العالمية المتهورة التي شنها الرئيس بالفعل أسوأ توقعات الجميع، في غضون أيام فقط، ألقى الرئيس ترامب بالاقتصاد في حالة من الفوضى وقضى على صناديق التقاعد الخاصة بسكان فيرمونت – كل ذلك في محاولة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية المضللة للغاية، يجب على الكونجرس أن يقف ويعيد تأكيد دورنا الدستوري في وضع السياسة التجارية قبل أن تدمر تعريفات ترامب المزيد من الأرواح وسبل العيش”.

وختمت السيناتورة “جين شاهين” بتوضيح التأثير المباشر للتعريفات على المواطنين بقولها إن “الرسوم غير المدروسة وقصيرة النظر التي فرضتها الإدارة هي زيادة ضريبية تاريخية على العائلات الأمريكية، رفع أسعار الغاز والفواكه والقهوة وغيرها من البقالة والإلكترونيات والسيارات وكل شيء بينهما”.

اعتبرت “شاهين” أن “الحرب التجارية الفوضوية للرئيس ترامب تستهدف حلفاء مقربين مثل كندا وأوروبا حتى مع تجنيب خصوم مثل روسيا، مما يجعل أمريكا أضعف وأكثر عزلة وعدم ثقة في جميع أنحاء العالم”.

أمريكا على موعد مع “تضخم” تاريخي

هذا التحرك التشريعي يأتي في وقت حرج للاقتصاد الأمريكي، حيث تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة قد تكلف الأسر الأمريكية المتوسطة قرابة 2,400 دولار سنوياً في صورة ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

وتؤكد دراسات اقتصادية حديثة أن هذه التكاليف الإضافية تؤثر بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، التي تنفق نسبة أكبر من دخلها على السلع الأساسية المتأثرة بالتعريفات الجمركية.

ويرى خبراء الاقتصاد أن النزاع التجاري الحالي يمثل تحدياً كبيراً للنظام التجاري العالمي الذي ساهمت الولايات المتحدة في بنائه على مدى عقود. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، قادت أمريكا جهوداً لتحرير التجارة العالمية وإنشاء مؤسسات دولية مثل منظمة التجارة العالمية.

تاريخ المواجهات بين المشرعين ورؤساء الولايات المتحدة

السياسات التجارية الحمائية الأخيرة تهدد بتقويض النظام الدولي وإثارة حروب تجارية قد تستمر لسنوات كما تشير التقديرات التي يتابعها بقش، مما يضر بالنمو الاقتصادي العالمي ويزيد من مخاطر الركود.

وتجدر الإشارة إلى أن الصراع بين السلطة التنفيذية والتشريعية حول صلاحيات التجارة ليس جديداً في التاريخ الأمريكي. فقد منح الدستور الأمريكي الكونغرس سلطة تنظيم التجارة الخارجية، لكن على مر السنين، فوض الكونغرس بعض هذه السلطات للرئيس من خلال تشريعات مختلفة.

ويرى المشرعون المؤيدون للقرار الجديد أن الوقت قد حان لاستعادة التوازن الدستوري الأصلي، خاصة في ظل استخدام سلطات الطوارئ لفرض تعريفات واسعة النطاق دون رقابة تشريعية كافية.

ومن المتوقع أن يواجه القرار معارضة شديدة من أنصار السياسات الحمائية، الذين يرون في الرسوم الجمركية وسيلة لحماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية “غير العادلة” وإعادة الوظائف الصناعية إلى الولايات المتحدة.

ويشير هؤلاء إلى أن بعض الشركات الأمريكية، خاصة في قطاعات الصلب والألمنيوم، قد استفادت من الحماية التي وفرتها التعريفات. لكن المؤيدين للقرار يردون بأن هذه المكاسب القطاعية المحدودة تأتي بتكلفة باهظة على الاقتصاد ككل، وأن هناك طرقاً أكثر فعالية لدعم العمال والصناعات الأمريكية دون إثارة حروب تجارية مكلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش