الدولار فوق 2500 ريال.. كارثة أكبر من “مركزي عدن” ومخاوف صرف 5000 ريال تفرض نفسها

بقش
عمار خالد
يعيش المواطنون في عدن وباقي المحافظات ظروفاً صعبة للغاية مع انهيار الريال اليمني وتخطيه مستوى 2500 ريال للدولار الواحد، وسط صمت حكومي مطبق وغياب أي مؤشرات على التدخل الحكومي الجاد لإنقاذ الوضع والحد من تداعيات الكارثة.
وتتصاعد الدعوات إلى الخروج في مظاهرات شعبية واسعة في عدن والمحافظات احتجاجاً على الانهيار، وسط ارتفاع جنوني في أسعار الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من السلع الأساسية، إلى جانب تدهور أو انعدام الخدمات الأساسية.
ووفق متابعات بقش، نشر ناشطون دعوات للمواطنين والتجار وأصحاب المحلات التجارية في محافظات الحكومة إلى إعلان عصيان مدني والدخول في إضراب شامل والمشاركة في ما وُصف بـ”انتفاضة شعبية”.
ويحذر اقتصاديون من الوقوع في حافة انهيار شامل بسبب استمرار تدهور قيمة العملة المحلية وغياب الحكومة كلياً عن المشهد.
من عدن يرى الخبير الاقتصادي “ماجد الداعري” لـ”بقش” أن كارثة انهيار العملة أكبر من قدرات البنك المركزي والحكومة المفلسة، وأنه لا يمكن إيقاف الانهيار إلا بتغيير حكومة كفاءات وطنية نزيهة ومجربة.
ويشير إلى ضرورة إعادة تصدير النفط ومحاربة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وانهاء المحاصصة السياسية الكارثية، حد تعبيره، وإعادة مراجعة كل السياسات الاقتصادية للدولة وتبنّي سياسة تقشف.
كما يؤكد الداعري على أهمية تعيين مجلس إدارة بنك مركزي من كوادر وطنية نزيهة وفاعلة من كوادر القطاع المصرفي والمتعاملين بالسوق، لإعادة رسم سياسة نقدية إنقاذية للعملة بدعم كامل وتعاون من كل الجهات الحكومية المعنية.
الحكومة تفاوض على قرض يُضاف إلى ديون اليمن
يحدث الانهيار بينما يتواجد وفد من بنك عدن المركزي ووزارة المالية في العاصمة الأمريكية واشنطن خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ويفاوض المركزي صندوق النقد على الحصول على قرض لتعزيز إمكانياته وسط الأزمة الاقتصادية التي خلالها يُتهم البنك بالفشل الذريع في الإدارة النقدية والمصرفية، فضلاً عن عدم استقلاليته.
وتأمل الحكومة في الوصول إلى نتائج خلال الفترة المقبلة للبدء بمفاوضات رسمية حول حجم القرض. وحسب معلومات بقش، فإن الدين الخارجي لليمن يُقدر في الوقت الراهن بنحو 5.5 إلى 5.7 مليارات دولار.
ويشير المحلل الاقتصادي أحمد الحمادي، في تعليق لبقش، إلى أن تقديم قرض دولي للحكومة يعتمد على مدى قدرة الحكومة على إجراء الإصلاحات المشروطة مقابل الحصول على الأموال، مشيراً إلى أن الحكومة الأمريكية سبق وهاجمت بشدة حكومة عدن نظراً لعدم الشفافية المالية التي تتسم بها الحكومة.
مشاكل متجذرة على رأسها الفساد
يضيف “الحمادي” بقوله إن هناك مشاكل متعددة أوصلت الوضع إلى ما هو عليه، وعلى رأسها الفساد المتغلغل في أوردة الحكومة المعترف بها دولياً ومؤسساتها، وكذلك -على سبيل المثال- فشلها في ملف النفط واستعادة التصدير، إذ لم تتمكن من استعادة التصدير الذي حرم الحكومة من قرابة 65% من الإيرادات العامة، وهو ما يسلط الضوء على فشل الحكومة في التصدي للملفات الاقتصادية بالغة الحساسية، حد تعبيره.
هذا وتطرح التطورات الراهنة العديد من التساؤلات حول ما سيؤول إليه سعر الصرف في الأيام القليلة المقبلة، إذ يتوقع اقتصاديون أن يصل سعر الصرف بنهاية العام إلى مستوى 5000 ريال للدولار الواحد، وسط مخاوف واسعة النطاق من تحقق هذا المستوى الهائل من التهاوي في العملة، إذا لم يتم وضع الحلول الجادة والعملية للانهيار.
وكانت نقابة الصرافين في عدن قالت أمس إن هناك خللاً في قطاع الرقابة على البنوك لدى البنك المركزي، أدى إلى استمرار تدهور الريال اليمني بشكل حاد، ويعود هذا الخلل إلى عدم كفاية الرقابة على البنوك، أو عدم تطبيق السياسات النقدية بشكل فعال، وطالبت البنك المركزي ببيع المزاد العلني بسعر 2200 ريال للدولار الواحد.
إذ أثبتت مزادات بيع الدولار فشلها في كبح الانهيار، وتشهد منذ فترة غير قصيرة ضعفاً في الإقبال عليها بسبب عدم جدواها في حلحلة الوضع الاقتصادي والمصرفي المتفاقم. ورغم فشل المزادات، إلا أن نقابة الصرافين اعتقدت أن بيع المزاد العلني بسعر 2200 ريال للدولار سيكون له تأثير إيجابي على سعر الصرف، حيث يمكن أن يساعد في تقليل الضغط على سعر الصرف وتقليل التقلبات في السوق.