
الاقتصاد العالمي | بقش
سجّل الدولار الأمريكي مكاسب قوية أمام معظم العملات الرئيسية في تداولات اليوم الإثنين، مدفوعًا بإعلان اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط آمال بتهدئة التوترات التجارية العالمية، بينما تتحوّل أنظار الأسواق إلى اجتماعات البنوك المركزية في واشنطن وطوكيو هذا الأسبوع.
الاتفاق، الذي أُعلن عنه الأحد من اسكتلندا خلال لقاء جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ينص على فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15% على واردات من الاتحاد الأوروبي، وهو نصف المعدل الذي سبق وهدد به ترامب بدءًا من أغسطس.
هذا التحرك يأتي بعد أسبوع من اتفاق مشابه أُبرم مع اليابان، وقبيل استئناف المحادثات الاقتصادية بين مسؤولين أمريكيين وصينيين في ستوكهولم، والتي تهدف إلى تمديد الهدنة التجارية لثلاثة أشهر إضافية.
تراجع اليورو وصعود الدولار أمام الين والجنيه
انعكس التفاؤل بشأن تهدئة النزاعات التجارية على حركة سوق العملات، حيث تراجع اليورو بنسبة 0.7% إلى 1.1653 دولار، وهو أكبر هبوط يومي له منذ 10 أسابيع، بعد صعود سريع خلال الجلسة الآسيوية. كما تراجع اليورو أمام الين الياباني والجنيه الإسترليني، بعد أن كان قد سجل أعلى مستوياته خلال عام أمام العملتين.
في المقابل، ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.5% أمام الين إلى 148.37 ين، وصعد أيضًا أمام الجنيه الإسترليني، الذي تراجع إلى 1.3413 دولار، إضافة إلى ارتفاعه بنسبة 0.74% أمام الفرنك السويسري إلى 0.8011 فرنك، ما يشير إلى تراجع الإقبال على الأصول الآمنة.
التركيز يتحول إلى البنوك المركزية وأرباح الشركات الكبرى
مع تراجع المخاوف من التصعيد التجاري، يركز المستثمرون اهتمامهم الآن على اجتماعات السياسة النقدية لكل من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان خلال هذا الأسبوع. ورغم أن التوقعات تشير إلى إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، فإن التصريحات اللاحقة قد تعطي إشارات حاسمة حول المسار المستقبلي للسياسات النقدية.
يتابع المتعاملون أيضاً ردود الفعل المحتملة من الرئيس ترامب تجاه توجهات الفيدرالي، خاصة بعد أن وضع ضغوطاً سابقة على المؤسسة النقدية لإجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، بل وهدد بإقالة رئيسها جيروم باول، قبل أن يتراجع تفاديًا لاضطرابات سوقية محتملة.
من جهة أخرى، تترقب الأسواق إعلان النتائج الفصلية لعمالقة التكنولوجيا الأمريكية هذا الأسبوع، مثل آبل ومايكروسوفت وأمازون وميتا بلاتفورمز، نظراً لتأثيرها الكبير على مؤشرات السوق. ويؤكد محللون في بنوك استثمارية أن الأداء القوي لهذه الشركات قد يعزز من جاذبية الأصول الأمريكية، ويدفع المستثمرين نحو الدولار مجددًا.
منظور السوق: التفاؤل مشروط
يرى بول ماكيل، رئيس أبحاث العملات في بنك HSBC، أن تحسن نبرة المفاوضات التجارية الأمريكية يسهم مؤقتاً في خفض التوترات السياسية التي أثرت سابقاً على الدولار. لكنه أشار إلى أن “العوامل الأخرى مثل فروقات عوائد السندات والنتائج الاقتصادية ستعود لتأخذ موقعها كمحرك أساسي للعملة في الأجل القريب”.
ورغم ذلك، تبقى الفجوة بين عوائد السندات الأمريكية ونظيرتها الأوروبية عاملاً غير حاسم حالياً في تفسير حركة اليورو، والذي لا يزال يُتداول عند مستويات أعلى مما تشير إليه الفروقات العائدة.
يظهر الدولار حتى الآن في وضع أقوى بفضل سلسلة اتفاقات تجارية تقلّص من المخاوف السياسية، ودعم مرتقب من نتائج شركات التكنولوجيا العملاقة، إلى جانب موقف نقدي أمريكي لا يزال أكثر جاذبية نسبيًا. ومع ذلك، تظل تحركات البنوك المركزية وتصريحات ترامب والتطورات الجيوسياسية القادمة عناصر حاسمة قد تعيد تشكيل مشهد العملة الأمريكية في الأسابيع المقبلة.