الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الطلب العالمي يبتلع زيادات الإنتاج: “أوبك+” تقرأ السوق من الداخل

الاقتصاد العالمي | بقش

في وقت تبدو فيه الأسواق العالمية مهيّأة لمزيد من النفط، كشفت مجموعة “أوبك+” لمنتجي النفط، إلى جانب عدد من كبريات شركات الطاقة الدولية، أن الزيادات التدريجية في إنتاج النفط خلال الأشهر الأخيرة لم تؤدِّ إلى تراكم المخزونات، ما يُشير إلى استمرار شهية الأسواق المرتفعة للخام.

جاء ذلك في تصريحات متطابقة على هامش ندوة أوبك نصف السنوية، التي عُقدت الأربعاء في فيينا، وسط غياب عدد من وسائل الإعلام، بينها وكالة رويترز، بعد منعها من دخول الندوة دون توضيح رسمي من أوبك.

وتضخ أوبك+، وهي التحالف الذي يضم منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاءها مثل روسيا، نحو نصف الإنتاج النفطي العالمي، وقد بدأت منذ أبريل 2025 تنفيذ خطة تدريجية للتراجع عن التخفيضات الطوعية التي بلغت 2.17 مليون برميل يومياً، مع زيادة يومية بمقدار 138 ألف برميل، تلتها زيادات في مايو ويونيو ويوليو، لتبلغ 411 ألف برميل يومياً لكل شهر.

وبحسب مصادر حضرت الاجتماعات، وافق التحالف بالفعل على ضخ 548 ألف برميل إضافية يومياً في أغسطس وفق متابعة بقش، في حين يُتوقع أن تشهد قمة سبتمبر المقبلة زيادة مماثلة، في حال استمرت المؤشرات على ارتفاع الطلب، خاصة في الأسواق الآسيوية والأمريكية.

أوبك تسعى لاستعادة الحصة السوقية… لا إغراق ولا فائض

قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن البيانات الأولية تظهر أن السوق “بحاجة إلى تلك البراميل”، في إشارة إلى أن ارتفاع المعروض لم يتسبب في تراكم المخزونات، وهو المؤشر التقليدي على وجود فائض.

وتُشير بيانات رصدها مرصد “بقش” إلى أن متوسط الزيادات المقررة من أوبك+ بين أبريل ويوليو بلغ أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً، دون أن تتغير مستويات المخزونات التجارية العالمية، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية لشهر يونيو، ويربط الخبراء هذه الديناميكية بعودة الطلب على البنزين في الولايات المتحدة إلى مستويات ما قبل الجائحة، إضافة إلى نشاط قطاع البتروكيماويات في الصين.

وقد أوضح أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أن الطلب العالمي سيرتفع بما يتراوح بين 1.2 إلى 1.3 مليون برميل يومياً لبقية عام 2025، مستشهدًا بزيادة الطلب من الصين واليابان، وهي وجهة ثلث صادرات الخليج العربي من النفط.

المنافسة مع الولايات المتحدة تعيد ترتيب الأولويات داخل أوبك+

تُشير تقارير متطابقة إلى أن جزءاً من دوافع أوبك+ نحو زيادة الإنتاج هو رغبتها في استعادة الحصص السوقية المفقودة لصالح الولايات المتحدة، التي سجّلت في الأشهر الماضية أرقاماً قياسية في إنتاج النفط الخام، خصوصاً من الحقول الصخرية.

وقد علّق موراي أوكينكلوس، الرئيس التنفيذي لشركة BP البريطانية، على هذه الظاهرة قائلاً إن “إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك قد يصل إلى حالة من الركود خلال العام المقبل”، رغم بلوغه ذروته في النصف الأول من 2025، ويُعزز هذا التصور الاتجاه داخل أوبك نحو الاستمرار في إدخال كميات إضافية إلى السوق، دون المخاطرة بفائض يعيد الضغط على الأسعار.

ورصد مرصد “بقش” في بيانات وزارة الطاقة الأمريكية أن إنتاج النفط الصخري بدأ يُظهر علامات تباطؤ في النمو، رغم بقاء معدلات الحفر عالية، نتيجة قيود لوجستية ومالية يعاني منها المنتجون المستقلون.

ورغم الارتياح العام بين وزراء النفط والمديرين التنفيذيين حول توازن السوق، عبّر بعضهم عن قلقهم من معدلات نضوب الحقول العالمية، والتي تتراوح بين 4 و5% سنوياً، مما يتطلب استثمارات مستمرة لضمان استدامة الإمدادات.

قال وائل صوان، الرئيس التنفيذي لشركة شل، إن “السوق قد تبدو متوازنة اليوم، لكنها معرضة للاختلال في أي لحظة في حال تعثر الاستثمار طويل الأجل”، في إشارة إلى التخفيضات المتتالية في الإنفاق الرأسمالي للعديد من الشركات الكبرى منذ أزمة 2020.

وأعرب باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لتوتال إنرجيز، عن رأي مغاير قليلاً، معتبراً أن السوق “مُزودة على نحو جيد”، خاصة مع تباطؤ الطلب الصيني على النفط إلى نصف ما كان عليه في العقد الماضي، لكنه لم يستبعد التحديات المرتبطة بانخفاض العوائد الاستثمارية على مشاريع النفط الجديدة في ظل سياسات الانتقال الطاقي.

جدل التخفيضات الطوعية: بين التمديد والتصفير

في حين تواصل أوبك+ تنفيذ خطتها التدريجية لاستعادة التخفيضات الطوعية إلى السوق، فإن قراراتها لا تزال تُراعي اعتبارات سياسية وتجارية معقدة، إذ تشمل التخفيضات الحالية 3.65 مليون برميل يومياً، منها 1.65 مليون برميل “تخفيضات طوعية” لثمانية أعضاء رئيسيين، ومليوني برميل من إجمالي الحصة الجماعية، ومن المقرر أن تنتهي هذه التخفيضات بحلول نهاية 2026، لكنها قابلة للمراجعة في ضوء المتغيرات السوقية.

ويؤكد محللون أن الإمارات ستكون المستفيد الرئيسي من استكمال هذه الخطة، إذ ستستعيد ما مجموعه 300 ألف برميل يومياً من إنتاجها بنهاية سبتمبر، ما يعزز موقعها التصديري في آسيا.

في المجمل، تبدو أوبك+ مصممة على استخدام أدواتها الإنتاجية بدقة محسوبة، من أجل حماية توازن السوق من جهة، واستعادة المواقع التنافسية من جهة أخرى، في وقت تُبدي فيه الأسواق الدولية شهية مستمرة لمزيد من البراميل.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش