العفو الدولية تكشف شركات متورطة في دعم الإبادة بـ غزة.. والقائمة قد تكون البداية فقط

تقارير | بقش
أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً موجزاً ضم 15 شركة عالمية، اتهمتها بتقديم دعم مباشر أو غير مباشر لإسرائيل في حربها على غزة، وارتكابها ما وصفته المنظمة بـ”جرائم الإبادة الجماعية والتجويع وانتهاكات القانون الدولي”.
القائمة شملت شركات أميركية كبرى مثل بوينغ ولوكهيد مارتن وبالانتير تكنولوجيز، وشركة المراقبة الصينية هيكفيجن، والشركة الإسبانية CAF، والعملاق الكوري الجنوبي HD Hyundai، إلى جانب شركات إسرائيلية عسكرية وتكنولوجية بارزة مثل إلبيت سيستمز ورافائيل لأنظمة الدفاع وصناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI) وميكوروت للمياه.
وبحسب اطلاع بقش على التقرير، فإن العفو الدولية ترى أن هذه القائمة تمثل جزءاً فقط من شبكة أكبر بكثير من الشركات العالمية التي ظلت على مدى عقود تزود إسرائيل بالسلاح والتقنيات والخدمات التي مكّنتها من ترسيخ الاحتلال وتوسيع نظام الفصل العنصري.
موقف حازم من قيادة المنظمة
الأمينة العامة للمنظمة أنياس كالامار وصفت ما يحدث بأنه نتيجة طبيعية لـ”إدمان الشركات الكبرى على الأرباح على حساب الكرامة الإنسانية”. وقالت: “ما كان للاحتلال أن يستمر ولا لنظام الفصل العنصري أن يترسخ لولا الدعم الاقتصادي والتجاري الهائل الذي تلقته إسرائيل. لقد حان الوقت لوقف هذا الآن، فالكرامة الإنسانية ليست سلعة”.
تصريحات كالامار جاءت بمثابة تحذير مباشر للحكومات والمؤسسات التعليمية والمالية التي ما تزال تتعامل مع هذه الشركات، مؤكدة أن استمرار الصمت أو التساهل سيجعلها شريكة في جرائم الحرب.
هذا الموقف يمثل تصعيداً ملحوظاً في خطاب المنظمات الحقوقية العالمية، حيث انتقلت من توثيق الانتهاكات إلى تسمية الشركات المتورطة والضغط العلني من أجل عزلها.
إجراءات مقترحة وعقوبات مطلوبة
التقرير أوصى الدول بفرض حظر فوري على جميع أشكال الدعم العسكري والتكنولوجي لإسرائيل، بما في ذلك تصدير الأسلحة، تقنيات المراقبة، الذكاء الاصطناعي، والبنى التحتية السحابية المستخدمة في العمليات العسكرية.
كما دعا إلى منع مرور شحنات الأسلحة عبر الموانئ والمطارات والمجال الجوي للدول حسب قراءة بقش، مع فسخ العقود القائمة وسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة.
وبالنسبة للشركات، شدد التقرير على ضرورة تعليق المبيعات والعقود، وإعادة النظر في استراتيجياتها التجارية بما ينسجم مع القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان.
ردود محدودة وتجاهل واسع
أوضحت العفو الدولية أنها تواصلت مع جميع الشركات المذكورة في تقريرها الأخير لطرح استفسارات حول طبيعة أنشطتها المرتبطة بإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن النتائج جاءت محدودة؛ إذ لم ترد سوى خمس شركات فقط على استفسارات المنظمة، بينما تجاهلت الغالبية الأخرى الرد أو أبدت مواقف مبهمة لا تقدم إجابات واضحة.
هذا التجاهل اعتبرته المنظمة دليلاً إضافياً على غياب الشفافية، وأداة لتأكيد الحاجة إلى ضغوط سياسية وقانونية أكبر على تلك الكيانات.
ورغم أهمية القائمة، شددت العفو الدولية على أنها ليست شاملة، وأن هناك العديد من الشركات الدولية الأخرى التي لا تزال تقدم خدمات أو تقنيات أو استثمارات تُستخدم في دعم الجيش الإسرائيلي أو تمويل بنيته التحتية العسكرية.
إصدار هذه القائمة يُعد ـ بحسب وصف المنظمة ـ خطوة أولى في مسار طويل لتوثيق ومحاسبة الشركات المتورطة، بما يمهد الطريق أمام تحركات قانونية وشعبية أوسع لفرض عزلة اقتصادية على إسرائيل.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تُلهم منظمات حقوقية أخرى، مثل “هيومن رايتس ووتش” أو لجان الأمم المتحدة، لتوسيع قوائم الشركات المتورطة، بما قد يشكل ضغطاً متزايداً على الحكومات الغربية التي تسعى لحماية مصالح هذه الشركات.
أثر محتمل على الحكومات والأسواق
من المتوقع أن يثير التقرير جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاقتصادية الغربية، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تتمتع بعض الشركات المذكورة بعقود بمليارات الدولارات مع الحكومات.
وقد يؤدي استمرار الضغط الحقوقي إلى تعزيز الحملات الشعبية والأكاديمية لمقاطعة هذه الشركات، على غرار حركات المقاطعة (BDS)، ما سيجعلها تواجه تهديداً متزايداً لسمعتها الدولية.
وفي الوقت نفسه، قد يجد صانعو القرار في العواصم الغربية أنفسهم أمام معضلة صعبة: إما الاستمرار في تجاهل تقارير المنظمات الحقوقية، أو الانصياع لضغوط الرأي العام التي تتصاعد مع اتساع دائرة التنديد بجرائم غزة.